كتبت راجانا حمية في “الاخبار”:
هل ولّى زمن الـ1500 ليرة في الفاتورة الاستشفائية؟ عملياً، بات في الإمكان الاعتراف بذلك مع تحويل نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان، سليمان هارون، مجموعة من الكتب التي عمّمها على الجهات والصناديق الضامنة، يطالب فيها باعتماد تسعيرة الدولار على أساس سعر صرف المنصة المحدّد بـ3900 ليرة. مع هذه الرسائل، لم تعد المستشفيات اليوم بحاجة إلى المواربة والتخفّي، وباتت في حلٍ من أمرها في تقييمها للفواتير الاستشفائية. أما بالنسبة إلى المرضى، فعليهم من الآن فصاعداً أن يحسبوا خيار الاستشفاء على أساس التسعيرة الجديدة، وإن كان القرار لم يُتخذ بعد.
في مثل هذه الحالات، لا تعني الكتب سوى القول «اللهم إني قد بلغت». فغالباً ما تكون مقدمة للمضيّ علناً في ما كانت قد بدأت به المستشفيات عملياً طوال الفترة الماضية، بدليل الشكاوى التي سُجّلت لدى الجهات الضامنة بشأن ضخامة فروقات فواتير الاستشفاء، والتي فسخ بسببها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي العقود مع بعض المستشفيات.
اليوم، تطالب المستشفيات بجعل الـ3900 هي السعر «الرسمي» للدولار في القطاع الصحي. وتدعم مطلبها بجملة أسباب، لم يعد في مقدمها «نغمة» تأخر مستحقاتها في ذمة الدولة. بالنسبة إلى هارون، الأزمة اليوم أن «كل شيء يسعّر على أساس سعرين، سعر المنصة والسوق السوداء، باستثناء رواتب الموظفين والدواء التي لا تزال عند سعر الـ1500 ليرة». وهذه الـ«كل شيء» تطال لائحة واسعة من المستلزمات والأدوات والأعمال والخدمات.
يبدأ النقيب من المستلزمات والأدوات الطبية التي خرجت من «عباءة» الدعم، إذ لم يعد مستوردوها يسعّرونها على أساس السعر المدعوم وفق آلية مصرف لبنان، بل أصبحت تباع بأسعار «توافقية»، حيث «نتسلمها من التجار بسعر المنصة حيناً وبسعر السوق أحياناً. وحتى ما يشمله الدعم يبيعونه بسعر السوق». وهو ما تؤكده نقيبة مستوردي المستلزمات والمعدات الطبية، سلمى عاصي، معيدة التذكير ببيان الشهر الأخير من السنة، والذي اعتبرت النقابة بموجبه أن «لا معدات مدعومة إلا إذا سدّدت فواتيرها من المصارف». وهذا يعني، عملياً، أن المواد التي دفعت فواتيرها تباع «مدعومة»، أما تلك التي لم تسدّد فواتيرها، «فإما تبقى في الستوك أو نتفق مع المستشفيات على تسعيرة مقبولة لها». واليوم، بعد شهرين على القرار، يبدو أن الأمور تتجه نحو مزيد من التفلت من آلية الدعم «مع رفض المصارف لبعض الطلبات، بعد أشهر على تقديمها، ومن دون أن نعرف السبب».
ليست المستلزمات الطبية وحدها ما «يكسر» المستشفيات، بحسب هارون. ثمة أمور خرجت هي الأخرى عن السعر الرسمي، منها ما يتعلق بـ«الأكل وكل ما له علاقة بالخدمات الفندقية، وهذه تسعّر على أساس السعر اليومي للدولار في السوق السوداء»، وكذلك الأمر بالنسبة إلى «التصليحات التي تدفع أيضاً على سعر السوق».
المطلوب باختصار، بحسب هارون، «دولار صحي جديد». كيف العمل لذلك؟ لا يملك الأخير حلولاً، فكل ما يفعله «أنني أطرح المشكل قبل أن تحلّ الفوضى». وهذه إذا حلّت، فلا حدود لها، و«لا نعرف تالياً كيف ستتصرف المستشفيات التي تضم 25 ألف عامل». لا خيار آخر إذاً. إما الرفع أو الفوضى. لذلك، ينتظر أصحاب المستشفيات «حل المشكل قبل أن يكبر»، انطلاقاً من أن «عمل المستشفيات على المحك».
إلى الآن، لا أجوبة وردت إلى النقابة من الجهات والصناديق الضامنة. ولن يأتي الجواب أصلاً، خصوصاً أن المسؤول عن اتخاذ قرارٍ كهذا هو «الدولة». ففي النهاية «هذا يفترض أن يصدر عن مجلس الوزراء وليس من الجهات الضامنة»، هذا ما تقوله مصادر وزارة الصحة. وما بين الطرفين، يدفع المواطنون الثمن. فهذه الكتب وما سيليها من «كباش» سيكون ثمنه فروقات سيدفعها المرضى… شاؤوا أم أبوا.