أكد عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب بيار بو عاصي أنه يكفي المبالغة بالخطر على الطوائف لأن الخطر الفعلي اليوم هو على لبنان، مشدداً على أن ما يهدد وجود الكيان وحقوق المسيحيين هو الإنهيار الحاصل ومشيراً الى أن رئيس الجمهورية هو القائد الاعلى للقوى المسلحة والتعدي على صلاحياته يتمثل بمنظومة السلاح الخارج عن الشرعية والصواريخ المكدسة لا بمقعد وزاري بالزائد أو الناقص.
وفي مقابلة عبر “صوت كل لبنان”، إعتبر أن لا تدخلات خارجية في ملف تشكيل الحكومة لكنه ذكّر بأن استتباع “حزب الله” إيران أمر دائم ما يؤدي الى تدخله بشكل أو بآخر فيما لا تدخل من بقية الدول إنما متابعة لعملية التأليف بعيداً عن التفاصيل كتوزيع المقاعد والثلث المعطل في ظل قلق كبير من الضوع القائم في لبنان.
كما أكد أن فشل ادارة الدولة والسياسة الخارجية والاهتمام بأمور الناس ثابت وكل فشل يبرر بعضهم بمؤامرة وهذا شبيه بعقل النظام السوري الذي ما زالوا يعتمدونه وبالطبع هذا غير صحيح وأردف: “على سبيل المثال، إنهيار سعر الليرة مقابل الدولار ليس مؤامرة. فسعر الصرف مرتبط بميزان المدفوعات وبالميزان التجاري وبالعرض والطلب وعملية كسر العلاقة بالخليج التي تسببت بانخفاض النمو وتراجع الودائع والاستثمارات وتدفق اموال المغتربين العاملين ساهمت بشكل كبير بانهيار العملة”.
أعرب بو عاصي عن قلقه الشخصي من تطييف التشكيل سائلاً: “كيف للرئيس ميشال عون أن يتحدث عن حصة الرئيس وهو خاض حرباً شرسة ضد الرئيس ميشال سليمان حين طالب بحصة وزارية للرئيس؟!”.
ورداً على سؤال، أجاب: “ما يتم التهويل به وتسريبه عن إقدام رئيس الجمهورية على توجيه كتاب لمجلس النواب للعودة عن التكليف غير قابل للتحقيق ولا اعتقد أن هناك سابقة تاريخية في هذا الإطار. للأسف لبنان عاش سرطان الاحتلال السوري الذي ادخل اليه ببعض الممارسات ومنها منطق التسريبات وهو عدة عمل الديكتاتوريات”.
اضاف: “كل العالم “كلن يعني كلن” من القاهرة الى الخليج الى الغرب وصولاً للصين وروسيا قلق على لبنان، ولكن عسى ان يكون كل اللبنانيين قلقون على بلدهم. الشعب المذبوح الذي نزل إلى الطرقات لا يمكنه التحمل فالصغط كبير عليه على كافة الصعد ونأمل ان نعمل جميعاً لإيجاد الحلول. لكن كل العالم يعي هذه المشكلة إلا المتحكمين بالسلطة في لبنان الذين يكتفون بفرملة الحلول وهذا بمثابة إغتيال للشعب”.
بو عاصي الذي أشار الى أن البطريرك بشارة الراعي طالب بالحياد وبالمؤتمر الدولي وقامت القيامة ولم تقعد، سأل: “هل كان البطريرك ليطالب بالمؤتمر الدولي لو كانت الحلول الداخلية ناجعة؟”.
كما لفت الى أن “حزب الله” يعتقد انه وضع يده على لبنان ولا يمكن لأحد غيره أخذ القرار – في ظل غطاء مسيحي متمثل بالعماد ميشال عون واتفاق مار مخايل- والنتيجة كانت عزل لبنان عن محيطه العربي والخليجي ووصولنا إلى ما نحن عليه.
أضاف: “ما يقدمه “حزب الله” هو حل ايديولوجي ومزيد من العزلة ومن التشبه بنموذج غزة، هذا ما لن نقبل به كشركاء في الوطن لأن النتيجة كارثية حتماً. من هنا جاءت دعوة البطريرك الى اعتماد الحياد لأن ربط لبنان بالمحور الايراني اضر به والى عقد مؤتمر دولي لأن الحلول الداخلية مع اللاعبين المحليين لم توصل الى أي نتيجة.
اكد بو عاصي أن الطبقة الحاكمة لا تنوي الرحيل وهذا امر واضح حتى لو انهار البلد واكبر دليل انفجار المرفأ الذي دمر بيروت، مضيفاً: “هناك مواد متفجرة تم تخزينها لسنوات وانفجرت و”ما حدا كلّف خاطرو وسأل”!!! لا يمكن السكوت عن دمار العاصمة ودم الضحايا ووجع المصابين ولا بد من معرفة الحقيقة. لو كان لدينا ثقة بالتحقيق المحلي لما ذهبنا للمطالبة بلجنة تقصي حقائق دولية”.
كما شدّد على انه لا يخاف من الشعب الثائر بل من التسليم بالأمر الواقع والاستسلام وتعوّد الناس على القبول بكل شيء، وأردف: “لذا أتمنى على الشعب الثائر وضع هدف معين قابل للتحقيق والالتزام به. على سبيل المثال نحن كقوات لبنانية نطرح اجراء انتخابات نيابية مبكرة لأنه مطلب عملي يمكن الوصول اليه وهو لمصلحة الناس والبلد، فهو يعني عملياً اننا نعيد الكلمة للناس كي يقرروا من يريدون أن يمثلهم في مجلس النواب والسلطة التنفيذية التي ستنبثق عنه”.
ورداً على سؤال، أجاب: “بالتأكيد نحن لا نعول على الطبقة الحاكمة للسير بطرحنا إجراء انتخابات نيابية مبكرة بل على ضغط الناس. لا احد يعرف نتائج صناديق الاقتراع والافضل حصولها اما عبر الضغط في الشارع او الاستقالة من مجلس النواب. كما لا نغطي سياسة الرئيس عون وغير راضين عن انجازات عهد وممارساته هو وحزب الله كثنائي متحكم بمفاصل البلد. الحلول ليست سهلة ومقاربة القوات منذ اليوم الاول هي الاحتكام للناس ويتلازم معها التمسك بالسيادة”.
تابع بو عاصي: “لأن الوضع الذي يمر به لبنان استثنائي والبلد في حالة انهيار لذلك نطرح حلولاً استثنائية. الطبقة الحاكمة لا تريد التغيير لكن لن نرضى إلا ان تكون هناك انتخابات نيابية قبل الرئاسية ونؤكد ذلك وإلا نكون امام انقلاب دستوري وسياسي واخلاقي. لا يجوز لمجلس نيابي في آخر أيامه ان ينتخب رئيساً جديداً”.
كذلك، أكد ان سياسياً هناك استحالة لإستمرار مجلس النواب اذا استقال نواب “القوات” و”المستقبل” و”الاشتراكي” حتى ولو لا ينص الدستور على ذلك، واردف: “نسعى إلى إعادة الكلمة إلى الناس وبالتالي توجهنا الى الشعب للضغط والى الحلفاء بالدعوة للإستقالة من مجلس النواب وإعادة إنتاج السلطة عبر الإنتخابات من أجل إيجاد الحلول وإنقاذ لبنان.
هذا وأوضح: “منذ انطلاق الحراك اتخذنا كقوات لبنانية قراراً بعدم المشاركة بصفتنا الحزبية لأن الحراك مطلب شعبي وصرخة وجع ومطالبة معيشية قد تبلور خطوطاً سياسية عريضة ويجب عدم إدخاله في زواريب السياسة”.
اعتبر بو عاصي ان الدولة مريضة والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اتى في زيارتين ممتاليتين الى بيروت لإيجاد العلاج وقال ضعوا يدكم على النزف وشكلوا حكومة مهمة ونحن نضخ ١١ مليار دولار لاعادة الانطلاق وحين تتعافون انسحب انا وتواصلون حياتكم السياسية. اضاف: “لكن للأسف لم يتم التجاوب من قبل السلطة لوقف هذا النزف وافشلت الطبقة السياسية الحاكمة المبادرة. لذا لا جدوى من الحلول المرحلية بل اصبحنا بحاجة لحلول جذرية”.
رأى بو عاصي أن زيارة البابا فرنسيس إلى العراق تعيد الامل على مستويين: أولا للشعب العراقي وثانياً للأخوة الانسانية بين كافة المكونات. كما ان الرسالة التي يحملها هي اهمية التعاضد الانساني والتضمان والتوجه الى العراق كدولة سيدة مستقلة.
اضاف: “العراق بلد جذوره ضاربة في التاريخ وهو لطالما كان ناشطاً وفي قلب المنظومة العربية، لكنه يعاني من الحروب وتداعياتها منذ مطلع الثمانينات والحرب مع إيران مروراً بالدخول الاميركي وصولاً الى ما نشهده اليوم. التأثير الحاصل جراء ذلك على النسيج العراقي وعلى مؤسسات الدولة وحياة الناس كارثي وخصوصا لناحية الفساد والاصطفاف الطائفي الذي لم يشهده العراق في تاريخه”.
بو عاصي وجّه التحية إلى الشعب العراقي وقيادته على اتخاذ مسافة من النظام الايراني وذلك من اجل الحفاظ على وطنهم وتثبيت هوية العراق وسيادته ومصالح الشعب على قاعدة عدم العداء مع احد ولكن عدم السكوت عن إعتداء أحد عليه وهذا نموذج يجب تعميمه في لبنان.
ختم بو عاصي: “الدولة كمؤسسة كبرى لا تختزل المجتمع ولكن وجود دولة فاعلة ونزيهة وتحتكم الى صناديق الاقتراع وتؤمن العدالة لناسها ليس ترفاَ بل أمر ضروري لإستمرار المجتمعات. اسوأ ما يحصل هو انعزال الدولة عن المجتمع. شراسة الدولة وسوء استعمال السلطة لا يتلخصان بالاغتيالات والسجن فقط بل بالقمع على انواعه من ثقافي واقتصادي ومالي وغيره. ذلك يؤدي الى الكارثة نفسها على المجتمع والى الانفجار لأن الشعوب لن ترضى بالظلم او القمع وهذا ما هو حاصل للأسف في لبنان اليوم. التوسع السياسي بخلفية دينية وهم كبير ومرتبط باديولوجيا لا ترتبط بالواقع وهو امر خطير ولا يدوم وينتهي حكما بالانهيار”.