كتبت كريستال النوار في موقع الـ”mtv”:
تغلغل بيننا فيروسٌ لم نشهد له مثيلاً في التاريخ الحديث، وبات التخلّص من تأثيراته أكثر صعوبةً من الإصابة به ومن مضاعفاته الصحّية بالنسبة إلى البعض. فليس جديداً كمّ المشاكل النفسيّة الذي ظهر أخيراً بعدما فقد معظم الناس كلّ قدرة على التواصل السليم والصحّي مع المجتمع والمحيط، فبانت إلى العلن مجموعة من الأمراض النفسيّة والعقليّة والاضطرابات “الخفيّة”.
وتقول الاختصاصية في علم النفس والمعالجة النفسيّة شارلوت الخليل لموقع mtv إنّه “بعد خبرة 14 عاماً في هذا المجال، هذه السنة لا تشبه أيّاً من سابقاتها على صعيد الحالات والتّعب النفسي”.
ولفتت إلى ظاهرة نفسيّة غير جديدة ولكنّها باتت أكثر شيوعاً، وهي “الإكتئاب المُبتسم”، موضحةً أنّه “غير مذكور في الدليل التشخيصي للإضطرابات النفسيّة، إلا نّه موجود ويُستعمل للتعبير عن المُصابين بالاكتئاب اللانمطي. وهو حالة يبدو فيها الشّخص سعيداً ويعيش حياةً طبيعيّة بينما يُعاني في الحقيقة من عوارض اكتئاب داخليّة”.
إذاً، بحسب الخليل، تكمن خطورة الاكتئاب اللانمطي في أنّه غير ظاهر وقد لا يُشخَّص بسهولة خصوصاً وأنّ عوارضه موجودة لدى غالبيّة الناس في ظلّ ما نعيشه من ضغوط اجتماعيّة واقتصاديّة”. ومن أبرز هذه العوارض، الإفراط في تناول الطعام أو الإمتناع عنه، الشعور بالتعب والضعف العام، الحساسية النفسيّة المفرطة تجاه الرفض أو الانتقاد والمعاناة من اضطرابات النوم.
وتقول: “القناع الذي يضعه المصابون بالاكتئاب اللانمطي يُخفي وراءه فقدان المتعة في ممارسة المفضّلة واليأس والحزن، بينما كلّ ما يظهر إلى العلن الابتسامة والحماس والمتعة في الحديث مع الآخرين، وهذا ما يجعل هؤلاء أكثر عرضة للإنتحار”.
وتزامناً مع الحجر المنزلي وتأثيره على مختلف تفاصيل حياتنا اليوميّة، هذا النّوع من الاكتئاب بات أخطر. وهذا يتطلّب وفق الخليل، أخذ بعض العلامات بعين الاعتبار “هل ما زال الشخص قادراً على الحفاظ على علاقاته الاجتماعية كالسابق؟ وهل هو قادر على القيام بالأعمال الموكلة إليه مهنّياً؟ وهل يهتمّ بصحّته؟”.
أمّا عن عوامل الخطر التي تزيد من انتشار “الاكتئاب المُبتسم”، فتذكر الخليل أبرزها وهي “الصدمات النفسية المتكرّرة، الـ High Expectations التي تمنع الشخص من إظهار ضعفه أو حاجاته، إنكار المشاكل ثمّ التراكمات ثمّ الاكتئاب المبتسم، المعايير الاجتماعية التي تتطلب من الناس إخفاء المشاكل النفسيّة السلبيّة، خصوصاً وأنّنا نعيش في مجتمعٍ يفرض علينا البقاء أقوياء وتجنّب الحديث عن مشاكلنا وضعفنا”.
المُعاناة النفسيّة قد تضاهي تأثير الفيروس وفاقت أسوأ التوقّعات. نحن بأمسّ الحاجة للحياة الاجتماعيّة، للإحتكاك بالبشر والخروج من العزلة.