كتبت زينة طبَّارة في جريدة الأنباء الكويتية:
رأى النائب السابق خالد الضاهر، أن لبنان، دخل في المرحلة الأولى من الفوضى التي كانت متوقعة، نتيجة الجمود المتعمد في تشكيل حكومة إنقاذ مستقلة، وهو ما يخدم مباشرة مشروع دويلة السلاح غير الشرعي من جهة، وما يسمى بتحالف الأقليات من جهة ثانية، علما ان هذا التحالف لم يحم مكوناته من اي خطر، بل عرض الفريقين الشيعي والمسيحي منه، لعقوبات أميركية، ووضعهما في عزلة عربية ودولية، وأقام الحواجز بينهما وبين سائر النسيج اللبناني النموذجي في المنطقة العربية.
ولفت الضاهر في تصريح لـ «الأنباء»، الى أن ما يسمى بتحالف الأقليات، يناقض بالصميم توصيات السينودوس، وتوجهات البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، اللذين وصفا النموذج اللبناني «بالرسالة»، واعتبرا ان «مصلحة الأقليات من مصلحة الأكثرية»، وحمايتها تكمن بالشراكة والانصهار الوطني، وليس في صراع موهوم مع المكون الأكثري عبر الاستقواء بقوى خارجية إقليمية لإضعافه، معتبرا ان التيار الوطني الحر وبدلا من ان يحمي المسار التاريخي الوطني للمسيحيين في لبنان، عبر تفاهمه مع الأكثرية السنية في المنطقة العربية، والتي تريد فعلا لا قولا حماية الوجود المسيحي كقيمة مضافة وحضارية، انخرط في لعبة الأقليات الموهومة، وانجرف مع حزب الله في الخروج عن الشرعيتين اللبنانية والعربية.
واستطرادا، لفت الضاهر الى ان اخطر ما يخطط له الثنائي «حزب الله التيار الوطني الحر»، هو الإمساك بصلاحيات رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس عون، وذلك انطلاقا من ان دستور الطائف، يحيل صلاحيات رئيس الدولة الى مجلس الوزراء مجتمعا، حال شغور القصر الرئاسي من سيده، لذلك يتمسك الفريق العوني ومن خلفه حزب الله بحكومة من 22 وزيرا، تعطيهما الثلث المعطل بما يمكنهما الى جانب إمساكهما بصلاحيات رئاسة الجمهورية، من احتكار القرارين التنفيذي والرئاسي، وسوق البلاد بالتالي في الاتجاه الذي يريدانه، «اللهم فاشهد اللهم اني قد بلغت».
وردا على سؤال، أكد الضاهر ان الانتخابات الرئاسية ستكون متعثرة للغاية، وذلك انطلاقا من مبدأ التيار الوطني الحر مدعوما من حزب الله، أن في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، وان كان تعطيلا طويل الأمد، مكسبا سياسيا وربحا وفيرا في نهاية المطاف، فأسلوب التعطيل الذي أوصل الرئيس عون الى القصر الجمهوري، يعتمده اليوم التيار الوطني الحر وحزب الله في تشكيل الحكومة، وسيعتمده لاحقا في الانتخابات الرئاسية، بهدف إيصال الوزير السابق جبران باسيل الى جنة الحكم.
من هنا يعتبر الضاهر، ان البطريرك الراعي استشعر الخطر المحدق بلبنان على كافة المستويات، وتحديدا فيما يخص مخاطر البقاء دون حكومة مستقلة، فرفع الصوت محاطا بتأييد شعبي واسع، وبمروحة واسعة من تأييد المرجعيات الروحية، لكن يبقى ان الرهان كل الرهان، على خربطة مخطط الثنائي المشار إليه أعلاه، يقع على عاتق الرئيس المكلف سعد الحريري، وذلك من خلال تمسكه بصلاحياته في تشكيل الحكومة، وبعدم التراجع او الاعتذار والانكفاء، لان في اعتذاره هدية غالية الثمن لمخطط التيار الوطني الحر وحليفه حزب الله، «فلا يتوهمن احد بأن الرئيس الحريري، سيقدم على خطوة مماثلة، تطيح بآخر أمل لقيام الدولة، وما على المعطلين، سوى اختصار المسافات، واتقاء الله، والتسليم بضرورة تشكيل حكومة إنقاذ مصغرة من متخصصين مستقلين، ونقطة على السطر».