كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
بعد الإرتفاع المستمرّ والجنوني لسعر صرف الدولار للأسبوع الثاني على التوالي، تسارع عدّاد ارتفاع أسعار السلع في السوبرماركات ليواكب هذا التحليق العالي والذي يزيد تضاؤل القدرة الشرائية والتضخّم وانهيار الليرة اللبنانية غير المسبوق.
كل ذلك يأتي مقابل إقدام بعض تجّار التجزئة على تخزين المواد المدعومة التي لا تلبث ان تحطّ على الرفوف حتى تطير. فأصبحت تلك السلع مفقودة بشكل شبه دائم وغير موجودة على الرفوف، لدرجة أنها تخضع لعمليات دهم ليس من الفقراء بل من قبل الطبقة الوسطى التي بدأت المجاعة تطرق أبوابها.
فلماذا عدّاد تسعيرة السلع لا يكلّ ولا يتعب ويسجّل ارتفاعات يومية لدى السوبرماركات؟
الـReplacement Cost
تقول المعادلة القائمة بين التاجر والمستورد على التالي: “لا يمكن اتباع قاعدة اذا التاجر اشترى البضائع على السعر القديم، يجب أن يبيع السلع تلك على السعر نفسه”، أوضح رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي لـ”نداء الوطن”. وأضاف: “رأس مال المستورد هي البضاعة وليس سعرها بالليرة اللبنانية. فإذا كانت سلعة ما بقيمة دولار واحد، على المستورد أن يحصّل الدولار ليستورد سواها”. فاذا باع تلك السلعة على سعر 8000 ليرة وهو السعر الذي كان عليه الدولار عندما اشترى المنتج، وليس 10آلاف ليرة وهو السعر الحالي، فلا يمكن للمستورد أن يستحصل على المبلغ الذي يلزمه لشراء السلعة، وهذا يدرج ضمن مبدأ الـReplacement Cost، اذ ترتفع الأسعار تلقائياً عندما يزيد سعر صرف الدولار ولكن في المقابل، حتى ولو البضاعة احتسبت على سعر مرتفع وانخفض سعر صرف الدولار يجب خفض الأسعار بدورها”. الأمر الذي لا يحصل فعلياً على الأرض إلا بعد فترة من الوقت على الإستقرار على الإنخفاض.
وهنا عاد وأكّد بحصلي أن “مبدأ التسعير بين المستورد وتاجر التجزئة هو الدولار والصنف، وليس بدولار مرتفع وآخر منخفض، المبدأ تحصيل ثمن البضاعة التي سيستورد”.
أما بالنسبة الى بائع التجزئة لفت الى أنه “يشتري البضاعة بالليرة اللبنانية ويحدّد ربحه ويبيعها بالليرة اللبنانية، في حين أن رأس مال المستورد بالدولار ويجب أن يردّ سعرها بالدولار، لهذا الأسعار ترتفع وتنخفض مع سعر الصرف. لذلك التسعيرة القديمة والجديدة تنطبق على تجار التجزئة وليس على المستورد.
وحول التسعيرة المتقلّبة في السوبرماركت الكبرى أكّد أنها “متّفقة مع وزارة الاقتصاد على الالتزام بالأسعار المحددة من الموردين، وإلى ذلك يكون لديها آلاف الأصناف ولا يمكنها تبديل الأسعار بسهولة ساعة تشاء”، لافتاً إلى أنه “علينا الأخذ في الاعتبار الفوضى والبلبلة في الأسواق والتقلبات في سعر صرف الدولار مقابل الليرة، التي ستؤدي تلقائياً إلى ارتفاع الأسعار حتّى لو لم يكن على المدى القريب”.
مزيد من الإرتفاع
اذاً الأسعار ذاهبة نحو مزيد من الإرتفاع وذلك بسبب الأجواء التشاؤمية والمبشّرة بأن لا حدود لسعر الصرف. في هذا الإطار قال بحصلي: “دخلنا في حلقة جديدة من الزيادة في الأسعار الناتجة عن ارتفاع سعر الصّرف، وهذا المنحى متواصل منذ صعود الدّولار من مستوى 1515 ليرة إلى يومنا هذا، والمخيف اليوم، الإجماع الحاصل على استمرار الأجواء السوداوية ومعها ارتفاع الدولار”.
وبالنسبة الى السلع المدعومة، أشار الى أن “الدّعم إختياري، والتاجر غير ملزم على استيراد أصناف مدعومة، علماً أن بعض التجّار يفضلون استيراد السّلع من رأسمالهم، نظراً الى تأخيرات مصرف لبنان بصرف الأموال”.
إذا أكلت الدولة الحصرم ونهبت الأخضر واليابس، وبينما التجّار بدورهم لا يرحمون ويواكبون فوضى فلتان سعر الصرف والدولار، فالمواطنون الذين باتوا على الحضيض هم يضرسون.