في حين فشلت كل محاولات العهد وحلفائه لضرب صورة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من خلال فبركات إعلامية على أكثر من مستوى دحضتها الإدارة الأميركية عبر وزارة الخارجية وبشكل واضح ونهائي، انتقلت المحاولات إلى نهج الاستجداء والابتزاز. وتمثل ذلك بخطوتين: الأولى تقديم عدد من نواب تكتل “لبنان القوي” اقتراح قانون إلى مجلس النواب لفتح اعتماد لمؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 1500 مليار من أجل تأمين الفيول لأشهر إضافية، على أن يتم إلزام مصرف لبنان بتحويلها إلى الدولار الأميركي بسعر الـ1515 ليرة، والثانية الزيارة التي قام بها وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر إلى قصر بعبدا ولقاؤه برفقة وزيرة الطاقة السابقة ندى بستاني رئيس الجمهورية ميشال عون، وبغياب مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان ورئيسه، ليخرج غجر من بعد اللقاء ويستجدي من جهة المليار دولار ويحاول ابتزاز اللبنانيين من جهة أخرى عبر التلويح بانقطاع الكهرباء والمولدات اعتبارا من أواخر شهر آذار الحالي في حال لم يتم الخضوع لمطلب “نهب” مليار دولار من الاحتياطي الالزامي الباقي من ودائع اللبنانيين لدى مصرف لبنان.
وفي هذا الإطار تؤكد مصادر نيابية متابعة لملف الكهرباء لـوكالة “أخبار اليوم” أن حاكم مصرف لبنان وفي كل الاجتماعات الأخيرة أكد رفض إعطاء المزيد من الدولارات لمؤسسة كهرباء لبنان، لأن هذه المؤسسة تسببت بهدر أكثر من 45 مليار دولار من احتياطات مصرف لبنان من دون الوصول إلى أي نتيجة، كما أن مؤسسة الكهرباء والقيمين عليها رفضوا تكراراً أي تدقيق من مصرف لبنان بفواتير الفيول، في حين أن وضع لبنان المالي لا يحتمل الاستمرار بهذه السياسة من الهدر والصفقات على حساب اللبنانيين.
وتجزم المصادر النيابية أن قانون النقد والتسليف يحمي قرار حاكم المركزي بعدم المس بالاحتياطي الالزامي، وأن محاولة تمرير أي قانون يخالف قانون النقد والتسليف لا يمكن أن تمر، وبالتالي فإن قرار الحاكم رياض سلامة برفض إعطاء أي دولار إضافي لوزارة الطاقة ومؤسسة كهربا لبنان هو قرار قانوني 100% ومبرّر بشكل كامل.
أما بخصوص عملية الابتزاز التي حاول غجر ارتكابها من منبر قصر بعبدا، فتسأل المصادر النيابية: لماذا تم استبعاد كل مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان المعيّن حديثاً من الزيارة إلى قصر بعبدا؟ وأوليست “كهرباء لبنان” مؤسسة مستقلة؟ وما سبب وجود الوزيرة السابقة ندى بستاني في اللقاء؟ وبأي صفة شاركت في الاجتماع؟
وتضيف المصادر أن لا علاقة لملف الكهرباء وسلفة المليار دولار بملف مولدات الكهرباء، ولذلك فهل تحول غجر إلى “وزير للطاقة وشؤون المولدات”؟ وبأي منطق يتحدث عن إطفاء المولدات؟ أم هل يكون انضم إلى تجمّع أصحاب المولدات؟
وتشرح المصادر النيابية أنه بإمكان المولدات الحلول محل مؤسسة كهرباء لبنان في ظل الأوضاع الحالية، وخصوصاً أن “كهرباء لبنان” لا تؤمن التيار الكهربائي لأكثر من 8 ساعات يومياً. وبالتالي فإنه إذا كان لا بدّ من صرف المليار دولار من الأفضل عندها صرفها على الاستمرار في دعم مادة المازوت حصراً، وتحديداً المازوت الذي يتم تسليمه لأصحاب المولدات منعاً لتهريبه إلى الخارج. وبهذا المعنى فإن المليار دولار من الدعم على المازوت يمكن ان تؤمن استمرار عمل المولدات لـ3 سنوات إضافية على الأقل من دون الحاجة إلى مؤسسة كهرباء لبنان التي يمكن الاستغناء عن خدماتها وخصوصاً أن غجر أكد أن المليار دولار لن تكفي ثمن فيول لأكثر من 8 أشهر بسبب ارتفاع سعر برميل النفط عالميا وبالتالي فإن طلب مئات ملايين الدولارات سيتكرر قريباً وللذرائع نفسها، ناهيك عن طلب 250 مليون دولار لأمور صيانة معامل الكهرباء.
وتختم المصادر النيابية بالتأكيد أن مصلحة اللبنانيين تقتضي اليوم الوقوف إلى جانب حاكم مصرف لبنان في قراره منع المس بالاحتياطي الالزامي من العملات الصعبة، وبرفض السماح بالمزيد من هدر مليارات الدولارات عبر مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة اللتين باتتا أشبه بمغارة علي بابا!