IMLebanon

التأخر اللغوي عند طفلنا الصغير بعد مرحلة كورونا

أنطوان الشرتوني

بعد الإغلاق الذي عاشه لبنان وكل بلدان العالم بسبب جائحة كورونا، بدأت تظهر عند أطفالنا الكثير من السلوكيات، منها العدوانية والقلق، وصولاً إلى الخوف والمزاج الحزين. ولكن ظهرت أيضاً عند عدد من الأطفال بعض التأخرات المعرفية التي أثرت فيهم وفي مردودهم الدراسي. كما لاحظ الكثير من الأهالي تأخّراً ملحوظاً على الصعيد اللغوي عند أطفالهم بشكل عام، وعند الأطفال ما بين ثلاث وست سنوات بشكل خاص. ولتسليط الضوء على أهمية هذا الموضوع ولمساعدة الأهل في هذه المعضلة، قامت «الجمهورية» بلقاء مع الأخصائية في تقويم النطق وفي المتابعة النفسية-جسدية، السيدة جويس كرم، وطرحت عليها عدة أسئلة، أهمها: متى نعتبر أن طفلنا يعاني صعوبات لغوية؟ كيف يمكن مساعدة طفلنا في البيت إذا كان يعاني هذه المشكلة؟ وما هو دور الأخصائي في تقويم النطق؟

لم يقصّر وباء كورونا بحصد الآلاف من الموتى في كل أرجاء العالم، وما زال يقتل كل يوم من دون التمييز بين عرق وعمر ودين وجنس. ولم يقتصر دور الفيروس هذا على إخافة سكان الأرض من الإصابة منه فحسب، بل ترك أيضاً كوفيد-19 الكثير من الآلام النفسية والجسدية التي أُصيب بها الكبار والصغر. فظهرت على الأطفال اضطرابات سلوكية بعد الحجر، ومنها التأخر اللغوي، لا سيما لدى الأطفال ما بين الثلاث والست سنوات.

التأخر اللغوي… وأخواته

تفسّر لنا الأخصائية في تقويم النطق السيدة جويس كرم أنه «يجب التفريق بين مصطلحين: الصعوبة في اللغة المحكية والاضطراب فيها. فالصعوبة تعني تأخّراً بسيطاً في اللغة المحكية، أي تعني مخزوناً لغوياً محدوداً وصعوبات في تركيب الجمل، إن على صعيد الفهم أو على صعيد التعبير أو تأخّر الكلام، الذي يشمل كل تغيير يطال الكلمة ويستمر في منتجات الولد اللغوية بعد عمر الـ 4 سنوات، أو يكون تأخّراً في الكلام مرافقاً للتأخّر اللغوي. أمّا الاضطراب اللغوي فهو خلل في إحدى مهارات النمو، أي عجز عصبي متوسط أو حاد. وينقسم إلى:

أولاً، عسر اكتساب اللغة: هو اضطراب حاد بالمقارنة مع التأخّر البسيط ويكون له أثر في اكتساب اللغة المكتوبة.

ثانياً، التأتأة: هي اضطراب في عملية الانسياب والتنظيم الزمني للحديث أو اضطراب في سرعة الكلام أو إيقاعه.

ثالثاً، اضطرابات اللفظ: هي خطأ تلقائي ودائم عند إجراء الحركات الضرورية لإصدار صوت معين، أي استبدال صوت معين بصوت آخر، أو لفظه بشكل خاطئ. وفي حال ثبات الصعوبة لفترة زمنية طويلة، نبدأ بالتكلم عن اضطراب».

كوفيد-19 والتأخر اللغوي

تقرّ الأخصائية في تقويم النطق وفي المتابعة النفس-جسدية السيدة كرم أنه «ما من دراسات تبيّن ظهور اضطرابات خلال مرحلة كورونا، ولكن لاحظنا زيادة نسبة الأولاد الذين يعانون تأخّراً باللغة في إطار الاستشارة العيادية، ويعود ذلك لعدّة أسباب أهمها: قلة الخبرة على صعيد المدرسة أو العائلة، أو العلاقات مع الأقارب والرفاق بالصف المحدودة جداً وتقتصر على المكالمات الالكترونية، كما عدم تطوّر مخزون الولد اللغوي بشكل يناسب عمره بسبب عمل الأهل في المنزل او خارجه ولوقت طويل. وأخيراً مشاهدة التلفاز او استعمال الآيباد لوقت طويل ما بين الساعتين أو أكثر في النهار… كل ذلك يَحد من تفاعل الطفل مع الراشد».

التعلم عبر الأونلاين والتأخر اللغوي عند الطفل

تحدد السيدة كرم أنه يمكن استعمال طرق تفاعلية لتطوير اللغة من خلال الدرس أونلاين. لذا، يجب اتباع بعض النصائح المهمة التي تدفع الطفل إلى التعبير وإلى تطوير لغته المحكية. ومن هذه النصائح التي يمكن لمعلمة الصف أن تستعملها خلال حصصها عبر الانترنت:

– استعمال القصص المحفّزة لمشاركة الولد خلال الدرس.

– طلب رأي الولد أو تعليقه عند عرض معلومة جديدة.

– تفعيل دور الولد عبر إعطائه الوقت لعرض عمل معيّن مرتبط بالدرس المطلوب.

– إغناء مخزون الولد اللغوي بحسب موضوع معيّن.

ما هو دور الأخصائي؟ ودور الأهل؟

تتابع كرم قائلة إنّ دور الأخصائي في تقويم النطق هو «تقويم مهارات اللغة المحكية والمهارات الداعمة لتحديد المستوى اللغوي للولد بحسب النمو الطبيعي للغة من خلال روائز خاصة. ويتم تشخيص حالة الولد ووضع خطة علاجية خاصة به، وإذا وجدت الحاجة يتم توجيه الولد وأهله لاستشارة أخرى (نفسية، حسية، حركية…) كما يجب أن يقوم الأخصائي بالتدخل المباشر من خلال حصص علاجية منتظمة، وإرشاد الأهل في كيفية العمل مع الولد لزيادة فعالية العلاج.

أما بالنسبة لدور الأهل فهو مهم جداً في تطوير لغة أطفالهم المحكية لأنهم يتواجدون في معظم الأوقات معهم، وبالتالي يتعلّم الولد من خلال تقليد أهله. كما تضيف الأخصائية في تقويم النطق والأخصائية في المتابعة النفس-جسدية، السيدة جويس كرم نقاطاً أخرى في مساعدة الأهل لأطفالهم:

– فسح المجال لولدكم للتعبير عن حاجياته وإعطائه الغرض المطلوب بعد التعبير بكلمة أو بجملة بسيطة.

– إستعمال جملة بسيطة مؤلّفة من كلمات من حياته اليومية، مثلاً: عطيني، بدّي…

– النزول الى مستوى ولدكم البصري والمحافظة على التواصل البصري معه عند المحادثة.

– عند استعمال كلمة جديدة، يجب تقطيعها الى مقاطع لتسهيل عملية تخزينها الفونولوجي واعطاء معنى الكلمة مباشرةً عبر ربطها في حياته اليوميّة.

– إعطاء أهميّة لوقت اللعب مع ولدكم والاستفادة من الأنشطة اليومية، مثلاً فترة الاستحمام: وضع كلمات على الأغراض المستعملة وإدخال افعال وصفات متعلّقة بالموضوع ولكن بطريقة بسيطة وسهلة لولدكم.

فقد أثبتت الدراسات عن ارتباط مباشر بين أهميّة اللعب وتطوّر اللغة المحكية عند الأولاد في جميع الأعمار.

– إعطاء ولدكم نموذجاً مثالياً للجملة، وعدم الطلب منه تكرار الكلمة بل خلق مواقف عفويّة تشجّعه على استعمال الكلمة بطريقة صحيحة

– إعطاؤه تغذية راجعة للكلمات المشوّهة شكليّاً، مثلاً: بطاطا بدل طاطا…

– عدم الانجراف بلغته الطفولية، مثلاً: نانّا، بل استبدالها فوراً بجملة «بدي آكل».