كتبت فاتن الحاج في جريدة الأخبار:
تحت عنوان «ماسترات» العمادة، لا تزال الآليات المعتمدة لاختيار أساتذة متعاقدين في الجامعة اللبنانية تنسف دور اللجان العلمية وتتجاوز الأصول القانونية، ولا سيما قانون المجالس الأكاديمية وصلاحيات مجالس الأقسام.
ففي 2 كانون الأول 2020، قرر مجلس وحدة كلية العلوم نقل مقررات الماستر -1 في اختصاص pharmacologie إلى عمادة الكلية، تحت بند «قضايا مختلفة»، من دون ذكر أي تفاصيل توضح الأسباب الموجبة لهذا القرار الذي اتخذ، بحسب مصادر أكاديمية، من دون علم مجلس قسم الكيمياء والكيمياء الحياتية المعني بالاختصاص. والمفارقة أن هناك مواد إجبارية مشتركة مع الفرع الأول، ومواد اختيارية نقلت إلى العمادة تابعة للماستر نفسه.
المصادر قالت إن خلفيات القرار تعود إلى خلاف حصل بسبب رفض رئيس القسم لوجود أستاذتين من غير حملة الدكتوراه تدرّسان في الماستر ـ 1، وهو ما اعتبره الرئيس وعدد من أعضاء مجلس القسم مخالفة قانونية. ولكن، بسبب الضغوط، تم الوصول إلى تسوية صادق عليها مجلس الفرع الأول للكلية في 24 حزيران 2020، تقضي باستكمال العام الدراسي الحالي 2020 -2021 بوجود الأستاذتين، شرط أن يدرج اسماهما في الأنصبة الصادرة عن مجلس القسم لتجنب الوقوع في الإشكال القانوني، على أن لا تسند أي من مواد هذا الماستر لأساتذة من غير حملة الدكتوراه في العام الدراسي 2021-2022.
ووفق المصادر، تخلّف أحد الأساتذة، مع بداية الفصل الأول لهذا العام، عن إعطاء المقرر المسند إليه، ليفاجأ القسم بأن العميد طلب من إحدى الأستاذتين المذكورتين تدريس المقرر، «وأُبلغ الطلاب بالأمر من دون العودة إلى مجلس القسم الذي كان يعمل على إيجاد البديل، ومن دون إبلاغ رئيس القسم الذي عرف بالأمر عن طريق الصدفة ليعود الخلاف من جديد. إذ اعتبر العميد أن من حقه اختيار الأساتذة لتدريس المقررات الخاصة بهذا الماستر وأنه سيسند مقرراً آخر لأستاذ يختاره، غير الأستاذ الوارد في الأنصبة المقررة، في تجاهل لكل الأصول المتبعة ولا سيما أن إعداد الأنصبة وتوزيع المواد من صلاحيات مجلس القسم، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بتعديل الأنصبة بعد إقرارها؟».
رئيس القسم، غسان إبراهيم، رفض التعليق، مكتفياً بالقول «إنني عملت قناعاتي». أما عميد الكلية بسام بدران فأشار في اتصال مع «الأخبار» إلى أن هذا الماستر «هو ماستر مهني ويتبع تاريخياً للعمادة ومنذ أيام العميد الأسبق علي منيمنة، وليس للقسم الذي يساعدنا في تنظيم الامتحانات فحسب، ولم يسبق أن رفع رئيس قسم أنصبة الأساتذة في هذا الماستر، واعتبر ذلك من صلاحيات القسم، كما فعل رئيس القسم هذه المرة». وأشار إلى أن التعاقد مع أساتذة غير حائزين شهادة الدكتوراه «أمر طبيعي في الماستر المهني، إذ إن هؤلاء ينقلون خبرات سوق العمل إلى الطلاب، وشخصياً لم أتعاقد مع أستاذ جديد، والعقود مع هاتين الأستاذتين قديمة في كلية العلوم».
إذا كان الماستر ـ 1 المذكور يتبع للعمادة فعلاً، كما قال العميد، هل كانت هناك حاجة لصدور قرار بنقل مقرراتها إلى العمادة؟ في تصفّح الموقع الإلكتروني للعمادة، لا يرد هذا الماستر ضمن اختصاصات الماستر ـ 1 مهني التابعة للعمادة. كذلك فإن شهادة الماستر ـ 1 بجميع موادها تصدر عن إدارة الفرع الأول وبتوقيع مديره، فكيف لمدير فرع أن يُصدر نتائج تتبع للعمادة وليست له؟
مدير الفرع الأول، ياسر مهنا، أقرّ بوجود مخالفة في التعاقد مع أشخاص من غير الحائزين شهادة الدكتوراه، وأنّ هذا الواقع هو الدافع وراء موافقته على نقل مقررات الماستر الى العمادة. وبدا مقتنعاً بأن التعاقد مع أصحاب الخبرات في سوق العمل حتى لو لم يكونوا حائزين الدكتوراه «مفيد لطلابنا للتدريب في شركات الأدوية، ويهمنا أن تبقى العلاقة جيدة مع هذه الشركات»، علماً بأنه أشار إلى أنه ليس هناك تصنيف مهني أو بحثي في الماستر ـ 1.
التواصل مع كلية الصيدلة حيث يدرس الماستر ـ 2 في هذا الاختصاص، بموجب اتفاقية موقّعة بين كليتي العلوم والصيدلة، كشف أن المعنيين ليسوا على علم بأن الماستر ـ 1 الموجود هو ماستر مهني، وهو الأمر الذي استند إليه عميد الكلية لتبرير التعاقد مع غير حملة شهادة الدكتوراه، فضلاً عن أن ذلك ليس شرطاً لقبول الطلاب في الماستر ـ 2، باعتبار أنه يحق لطلاب الماستر المذكور التقدم إلى اختصاصات الماستر ـ 2 بحثي في كلية الصيدلة، الأمر الذي ينفي أن تكون الماستر ـ 1، إضافة إلى أنه ليس هناك أي مستند يؤكد هذا الأمر.
ما تقدّم هو عيّنة من استباحة العمداء للقوانين والأعراف، وأن السكوت عنه سيفتح شهية عمداء آخرين للمضيّ قدماً في تحويل الجامعة إلى منصّة يتم فيها توزيع المكاسب على المحظيين من دون رقيب أو حسيب. وهو برسم رئيس الجامعة ووزير التربية بصفتهما يمثلان حالياً مجلس الجامعة المعطّل منذ تشرين الأول 2019.