كتب محمد دهشة في صحيفة نداء الوطن:
بوتيرة سريعة تتفاقم المعاناة المعيشية والحياتية كلّ يوم، يسابق الغلاء تعبير الناس عن غضبهم وثورتهم، لم يجدِ قطع الطرقات ولا اشعال الاطارات، فالخلافات السياسية على حالها، والاسعار بين ليلة وضحاها تتبدّل صعوداً ارتباطاً بالدولار. تئنّ العائلات الفقيرة والمتعفّفة، حتّى أنّ مشهد الاختلاف على المواد المدعومة بات مألوفاً في بعض المراكز التجارية في غير مكان، هذا اذا وجدت، ولا سيّما ما يتعلّق منها بالزيت والحليب.
وتقول الحاجة وفيقة بلولي لـ”نداء الوطن”: “دخلت الى الدكّان المجاور لمنزلي في “حي الدكرمان” وتفاجأت بالاسعار، كأنّها نار واشتعلت ولم تخمد بعد، منذ أسبوعين اشتريت السكّر والرز والآن اختلف سعرهما كثيراً وبما يقارب الضعف، متسائلة بتأفّف: “كيف ستعيش العائلات المستورة، والتي لا يعمل معيلها أو أنّ عدد افرادها كبير، لقد بتنا جميعاً تحت خط الفقر”.
في الصالونات العائلية الصيداوية وداخل المنازل وخلف الابواب الموصدة يدور حديث واحد، الى أين تسير الامور؟ وما مصيرنا في المستقبل الذي ينتظر اللبنانيين؟ لماذا هذا الصمت من غالبية الفئات المتضرّرة والجائعة؟ هل السبب جائحة “كورونا” أو اليأس والإحباط؟ ويؤكّد الناشطون أنّ “السبب الاضافي هو أنّ بعض المسافرين الذين كانوا يعجزون عن ارسال اموال الى ذويهم لمساعدتهم، باتوا يقتطعون من رواتبهم أو مصروفهم ويرسلونها اليهم بالدولار، فالمئة أو المئتا دولار باتت تحدث فرقاً في مواجهة اعباء الحياة خلافاً للسابق وتسدّ الرمق، والا لكان الناس ناموا في الشوارع واشعلوا ثورة غضب وناراً لا تنطفئ”.
في ساحة الثورة عند “تقاطع ايليا”، وقفت الناشطة عروبة كرام تتساءل عن مصيرها وجيل الشباب من الطلاب الذين ما زالوا يتلقون تعليمهم الجامعي او باتوا خرّيجين عاطلين عن العمل، صبّت جام غضبها على المسؤولين ودعتهم الى الاستقالة الفورية لانهم فشلوا في ادارة البلد وسبّبوا الازمات المتلاحقة، وقالت لـ”نداء الوطن”: “هل يريدون منّا الهجرة؟ لن نفعل ذلك.. وسندافع عن حلمنا الوردي في بناء لبنان الانسان والمستقبل حتى الرمق الاخير”.
تظاهرة غضب
حالة الغضب ترجمتها مجموعة “ارادة شعب” – “التنظيم الشعبي الناصري”، بتنظيم تظاهرة شعبية، انطلقت للمرة الاولى من ساحة الشهداء حيث يواصل ناشطوها اعتصاماً مفتوحاً بعدما بدأوا نصب خيمة دائمة تقيهم الامطار القادمة وحرارة الشمس، وذلك تحت شعار “لمواجهة ممارسات تدمير الدولة واذلال الشعب من قبل منظومة السلطة، ودفاعاً عن الحقّ بالعيش الكريم وسائر حقوق الناس من اجل انقاذ لبنان وخلاص اللبنانيين، وقد جابت شوارع المدينة منددة بالغلاء وارتفاع الاسعار وسياسة حاكم مصرف لبنان”.
وحمّل الامين العام لـ”الشعبي الناصري” النائب اسامة سعد الذي تقدم التظاهرة، السلطة الحاكمة مسؤولية ما يجري، مؤكّداً أن”ارادة الشعب سوف تفرض عليهم الخيارات الصحيحة عبر الحل الوطني السلمي الامن، يجب التغيير الشامل وبناء دولة عصرية”، مشدداً “على تنظيم الصفوف في ثورة الغضب لتحقيق التغيير وساحة الشهداء ساحتنا كما كل الساحات هي ساحتنا والمسيرة ليست فئوية وانما لكل الذين يريدون التغيير وسنسير في طريق الثورة”.
وكانت المدينة شهدت جولة ليلية من قطع الطرقات بحاويات النفايات حيناً وبالاطارات المشتعلة احياناً من قبل ناشطين في حراك “صيدا تنتفض”، احتجاجاً على تردّي الاوضاع الاقتصادية والمعيشية وتفلّت سعر صرف الدولار الاميركي، وسط اجراءات امنية للجيش اللبناني وشملت تقاطع ايليا، الاوتوستراد الشرقي قرب مستديرة مرجان، شارع رياض الصلح الرئيسي في محلة البوابة الفوقا، ومستديرة الاميركان المؤدّية الى مناطق الفوار، الهمشري – المية ومية، سيروب والفيلات الفوقاني.