كتب مايز عبيد في صحيفة نداء الوطن:
يمارس أكثرية أصحاب محطّات البنزين والمازوت في الشمال سياسة الإذلال بحقّ المواطنين، وهم يستكملون ما بدأته الدولة في هذا الصدد. وفي حين يتذرّع هؤلاء بأنّ الكمّيات التي تصلهم من شركات التوزيع أقلّ بكثير من السابق ولا تكفي الحاجة الأسبوعية أو الشهرية، وهذا صحيح، إلا أنّ ضلوعهم بالمقابل في أساليب ربحية على حساب المواطن هو الأمر المقلق.
فبعد أيام على إقفالهم المحطّات ورفع خراطيمها، عادت محطات شمالية في مناطق عكّار وطرابلس والمنية؛ والكورة وزغرتا والضنية، الى تسليم مادتي البنزين والمازوت يوم الخميس، ولكن حسب مزاج كلّ محطة. ففي حين زوّدت محطات في عكّار المواطنين بـ 10 آلاف ليرة لكلّ سيارة، وفي طرابلس 20 ألف ليرة لكلّ سيارة، ارتفعت أصوات المواطنين أمس يعترضون على الطريقة التي تتعامل بها المحطات مع الناس. وقال نزار صلاح الدين: “لقد وقفت بالطابور لأكثر من نصف ساعة وفي الأخير لم يقبل أن يزوّد سيارتي بأكثر من 20 ألف ليرة. إنه ذلّ ما بعده ذلّ يمارسه أصحاب المحطات بحقّ المواطن اللبناني التعيس والمتعب من كل شيء في هذا البلد”.
من جهة ثانية، بات على المواطن الشمالي أن يعيش تحت رحمة صاحب المحطّة، فعدا عن أنّ سعر تنكة البنزين قد زاد الضعفين إلا أنّ المادة مقطوعة ويتحكّم فيها أصحاب المحطّات. وفي حين يتذرّع هؤلاء بأنّ الكمّيات التي تصلهم أقلّ من المطلوب بكثير، يفتحون محطّاتهم في الليل أحياناً ويتّصلون بمن يشاؤون من معارفهم للمجيء، وأحياناً يفتحون في ساعات الصباح قبل أن يقفلوها بالأشرطة الحمراء؛ إلا أنك لا تنفك تشاهد شاحنات البنزين والمازوت التابعة لشركات التوزيع المعروفة في لبنان، تتحرّك على الطرقات في جميع الأوقات، فأين تذهب هذه المحروقات؟
روى شهود عيان من منطقة الكورة لـ “نداء الوطن” بأنّ “صاحب إحدى المحطات في ضهر العين ظلّ طوال نهار الخميس يقول ليس لديه بنزين ثم جاء عند الساعة 2.30 بعد الظهر صهريج تابع لشركة Medco وأفرغ حمولته في خزّان المحطة، وعند الإنتهاء ومغادرة الصهريج ذهبنا باتجاه المحطة لنملأ السيارات بالبنزين فإذا بصاحبها يقول: ليس لدي بنزين، وعندما قلنا له ما هذا الصهريج إذاً، أجاب: إنّه مازوت، مع العلم أنه كان يقول لأصحاب سيارات المازوت ليس لدي مازوت أيضاً”.
تهريب الى سوريا
إلى ذلك، علمت “نداء الوطن” من مصادر مطلعة بأنّ “عدداً من أصحاب محطات البنزين والمازوت في الشمال، ضالعٌ في لعبة تهريب هذه المواد باتجاه الأراضي السورية، عن طريق تأمين كمّيات معينة من خزّاناتهم لبعض المهرّبين، حيث يربح صاحب المحطّة في كل تنكة بنزين 3000 ليرة إضافية عن سعر الدولة، بينما يعمد آخرون، وعند وصول المخزون لديهم إلى حدود معينة، إلى وقف البيع، ورفع الخراطيم وخصوصاً قبيل صدور التسعيرة الجديدة كل أربعاء، ثم يبيعون هذا المخزون في أول ثلاثة أيام من الأسبوع الجديد على التسعيرة الجديدة التي صارت تلحظ زيادة على سعر البنزين والمازوت كل أسبوع”.
على كل الأحوال، هذا ما كشفته جولات مصلحة حماية المستهلك في وزارة الإقتصاد، على قلّتها، لكنّها ضرورية ويجب أن تتفعّل بشكل أكبر لأنها أجبرت أصحاب المحطات على فتح محطاتهم مجدّداً، وستكون ايضاً قادرة على منعهم من التخزين لغايات أخرى.
ومن الجدير بالذكر أن المواطنين اصطفّوا يوم الخميس بالطوابير أمام المحطات في طرابلس والشمال، من أجل تعبئة بنزين بـ 10 آلاف و 20 ألف، وهي كمية لا تكفي المواطن حتّى يذهب إلى عمله ويعود.