المنظومة الفاشلة التي اوصلت لبنان الى الحضيض، تواصل سلوكها المضحك – المبكي، “الفضائحي”، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”. بدل ان تتنحى او بدل ان تطلب المشورة والمعونة من المجتمع الدولي للمساعدة في وضع حد للانهيار الذي تتخبط فيه البلاد، قررت الانتقال الى “سياسة” الترقيع ومحاولة تأخير سقوط الهيكل المتصدّع حتى العظم، ببعض “الضمادات” الشكلية، ربما لان اهل الحكم يعرفون ان الخارج، كي يلبي نداء الاستغاثة، يشترط تأليف حكومة اصلاحية أوّلا، وهو ما لا يريده هؤلاء، فإما تكون حكومة بشروطهم ومقاييس مصالحهم، أو “عمرها ما تكون”!
الترقيع رأيناه كهربائيا أمس. فلأن لا قرار باصلاح القطاع ولا باعتماد خطة مستدامة تعتمد الشفافية والنزاهة، بعيدا من الصفقات والسمسرات، قرر وزير الطاقة في حكومة تصريف الاعمال ريمون غجر، الهروب الى الامام، طالبا سلفة بـ1500 مليار ليرة لتأمين الفيول، وإلا سنغرق في العتمة.
وبينما إقرار هذه السلفة مؤجّل وغير مضمون، “يُرقّع” اهل المنظومة الوضعَ المعيشي ايضا. فعوض تشكيل حكومة “المهمّة” التي سيتعاون معها المانحون وصندوقُ النقد، لوضع خريطة طريق واضحة ومحددة، لانتشال اللبنانيين من جهنّم الفقر والجوع والتضخّم والدولار، يقترح بعض القوى حقنَ الناس بحُقن مخدّرة. وفي هذه الخانة، يندرج مثلا اقتراح النائب علي حسن خليل قانونا لاعطاء العسكريين في الجيش مليون ليرة اضافية شهريا، او لجوء وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال راوول نعمة الى خفض وزن ربطة الخبز بدل رفع سعرها!
في الموازاة، تَخبُط السلطة خبط عشواء ماليا ونقديا ايضا، تتابع المصادر. هذا ما رأيناه في مقررات لقاء بعبدا الاقتصادي – الامني – القضائي الاثنين الماضي. ففيما الدولار يحلّق، ارتأت الدولة ملاحقة الصرافين ومنصات تحديد سعر الصرف، لضبط تفلّت العملة الخضراء، وكأن هذه الجهات هي التي تتحكّم بسعر الصرف، لا العرض والطلب او الاوضاع السياسية! وإنفاذا لهذه المقررات، طلب النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات الخميس، مساعدة قضائية من السلطات الأميركية تقضي بالعمل على حجب المواقع الإلكترونية لتحديد سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء، لمخالفتها أحكام قانون النقد الوطني والقيام بمضاربات هدفها السيطرة على تحديد سعر صرف الدولار، وزعزعة الثقة بالمالية العامة للدولة اللبنانية، وإفساد قاعدة العرض والطلب عبر الغش. وأرفق طلبه بعناوين المواقع.
على اي حال، هذا السلوك الاجرامي بحق وطن وشعبه، وفق المصادر، والذي يُشبه مَن يكنس الاوساخ ويخبّئها تحت سجّادته، لا ينفكّ المجتمع الدولي يقرّع أصحابه، وكان آخرهم وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لو دريان الذي اعلن امس “المسؤولون السياسيون اللبنانيون لا يساعدون بلدًا يواجه مخاطر، جميعهم أيا كانوا”، مستنكرًا تقاعس الطبقة السياسية عن التصدي لخطر انهيار البلاد، مضيفا “المجتمع الدولي يراقب بقلق ولا يزال هناك وقت للتحرك اليوم لكن غدا سيكون الوقت قد فات”…
هذه “المزامير” تُقرأ على لا احد. وعلى الأرجح، الوقتُ سيفوت والبلد والشعب سيموت، من دون ان يلتفت اليه احد، تختم المصادر.