كتب وليد شقير في صحيفة نداء الوطن:
“البحث في شكل معمق في وجهات النظر بالنسبة لوضع حد للوضع المتأزم في لبنان” هي العبارة البارزة في بيان الخارجية الروسية المهم، الذي صدر إثر لقاء وزير الخارجية سيرغي لافروف مع الرئيس المكلف سعد الحريري في أبو ظبي الثلثاء الماضي.
إضافة إلى تناول الأزمة اللبنانية في محادثاته مع دول الخليج التي زارها لافروف، تجري موسكو اتصالات مع باريس وأنقرة والقاهرة وطهران حول لبنان. تفترض هذه العبارة أن الجانب الروسي سيواصل جهوده لإزالة العراقيل من أمام تأليف الحكومة الجديدة، والتي كان بدأها منذ أشهر مع إيران كي تسهّل مع “حزب الله، ولادتها. وهو أثار الأمر في اجتماعين بين لافروف ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف خلال زيارتين قام بهما إلى موسكو في الأشهر الأخيرة من السنة الماضية. وهذه العبارة تفترض أيضا أن لافروف سيطرح المطلب نفسه خلال استقباله وفد “حزب الله” برئاسة رئيس كتلته النيابية محمد رعد الإثنين المقبل. فللقيادة الروسية مصلحة بعدم تفاقم الأزمة السياسية وتداعياتها الاقتصادية المالية، وعدم انتقال لبنان إلى الفوضى، لاعتقادها بأن ذلك يؤثر سلباً على سوريا، حيث لها مصالح وتنتشر قواتها، وتسعى إلى الحل السياسي فيها…
أصر الجانب الروسي على إطلاق صفة “رئيس حكومة لبنان” على الحريري معتبراً أنها إشارة برفض أفكار، تردد في بعض وسائل الإعلام أن فريق الرئيس ميشال عون يلوح بها، بتوجيه رسالة إلى البرلمان داعياً إياه لنزع التكليف من الحريري، وهو الأمر الذي اضطر الرئاسة لنفيه. باتت موسكو منغمسة بمتابعة تفاصيل ما يجري تداوله في بيروت حول تعطيل تأليف الحكومة، إلى درجة أن البيان نص على “دعم القوى السياسية الأساسية في البلد” للحكومة. وهو تطور في الموقف الروسي الذي كان في السابق يشجع على التوافق الوطني اللبناني حول الحكومة، مثلما كان موقف إيران و”حزب الله”، فبات الآن يشدد على “القوى الأساسية”، نظراً إلى تعذر الإجماع طالما ينوي “التيار الحر” حجب الثقة عنها.
بات معروفاً أن الديبلوماسية الروسية اضطرت لإبلاغ رئيس “التيار الوطني الحر” وصهر رئيس الجمهورية النائب جبران باسيل رسالة واضحة للمرة الثانية، آخرها خلال زيارة النائب السابق أمل أبو زيد قبل زهاء أسبوع موفداً من باسيل إلى موسكو، بدعمها وجهة النظر الرافضة حصول أي فريق على الثلث المعطل في الحكومة، وعلى أن تكون من غير الحزبيين، فضلاً عن أنها غير مقتنعة بحجة الدفاع عن حقوق المسيحيين في الشروط التي يطرحها على التأليف. امتنعت موسكو عن تضمين خبر استقبال أبو زيد دعم جهود الرئيس عون لمعالجة الأزمة. وكل هذا كان سبب تشديد البيان مجدداً على التأييد الروسي لـ”حكومة مهمة من التكنوقراط” من باب تمسكها بصيغة غير الحزبيين فيها، كي تتمكن من الإصلاحات بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، لأن بدونها لا مساعدات من المجتمع الدولي للبنان.
مواكبة الجانب الروسي للتفاصيل دفعته لاستغراب الحديث عن مخرج جديد أبلغه فريق الرئاسة إلى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، بقبول صيغة الـ18 وزيراً من دون ثلث معطل، وبحصة 5+1، لكن مع حق عون بتسمية وزير الداخلية وللحريري حق القبول أو الرفض، بموازاة حجب الثقة من نواب “التيار الحر”. وفضلاً عن أن تسمية عون للوزير تعني ثلثاً معطلاً مقنعاً، بدا الأمر مناورة وغير جدي لعدم إطلاع موسكو عليه.