سُجّل في اليومين الماضيين اهتمام داخلي – أممي متجدد، باعادة تحريك عملية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل. فالقائمة بمقام المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان منسقة الشؤون الإنسانية نجاة رشدي، جالت على القيادات المحلية، وكان الترسيم من بين الملفات العديدة التي عرضها الجانبان. وبحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، اغتنم كلّ من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، فرصة اللقاء معها، لاثارة القضية ووجهة النظر اللبنانية منها.
لكن مع الاسف، تتابع المصادر، هذه النظرة ليست موحدّة بعد. فبعبدا تتمسك بتوسيع رقعة الحدود البحرية اللبنانية كون الاتفاق الحالي الذي رعاه الاميركيون، يُفقد لبنان جزءا من حقوقه وثرواته النفطية، فيما عين التينة لا تزال متمسكة بالتفاوض وفق التفاهم الذي انطلقت منه المحادثات، بدليل ما أبلغته لرشدي.
فقد اشار المكتب الاعلامي للرئاسة الثانية الى ان بري بحث مع الموفدة الاممية “كراع للمفاوضات غير المباشرة، ملفَ ترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان”، مشددا على “ضرورة عدم التأخير في استئنافها”، لافتا الى “أن إتفاق الإطار الذي حظي بموافقة الأطراف الأربعة والذي يدعو لترسيم الحدود البحرية على غرار الخط الأزرق برا. وهذا ما يضع حدا للإدعاءات الاسرائيلية في المنطقة الاقتصادية الخاصة ويحفظ للبنان حدوده وحقوقه وفقا للقوانين الدولية”. وحث بري، رشدي على “ضرورة تشجيع الشركات النفطية التي رست عليها مناقصات الإستثمار للتنقيب في المياه اللبنانية للبدء في أعمالها فورا، سيما انها حددت عدة مواعيد ولم تلتزم بها وكان آخرها شهر شباط الماضي”، معتبرا “ان البدء في هذه الاعمال من أهم المساعدات التي تقدم للبنان في هذه المرحلة”.
موقف بري واضح اذا، “لا داعي لاعادة النظر في الاتفاق الاطار”، خلافا للرئاسة الاولى التي تراه مجحفا، فيما رئيس مجلس الوزراء الذي يُفترض ان يجتمع في حال أُريد تعديل التفاهم، يرفض عقد اي جلسات، عموما، ولا يريد الدخول في السّجال الشائك حول الحدود وآلية ترسيمها، خصوصا.
في المقابل، اسرائيل تبدو تنتظر لبنان، وهي تستعجل استئناف المفاوضات. وقد أكد وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس الخميس أن بلاده مستعدة للتوصل لحل مع لبنان حول ترسيم الحدود البحرية، في حال أبدت بيروت مرونة لذلك. وأوضح الموقع الإلكتروني العبري “سيروغيم”، ان شتاينتس أشار إلى “أن نجاح المحادثات سيؤثر بشكل كبير على استقرار المنطقة ويعزز ازدهار مواطني كلا الشعبين في إسرائيل ولبنان”.
فهل يمكن القول ان الطابة في ملعب بيروت؟ على الارجح هذه هي الحال، تتابع المصادر. ففي اللحظة التي تحسم فيها موقفها الرسمي من الاتفاق – الاطار وما لحظه من مساحات للبنان، تُستأنف المفاوضات او تبقى معلّقة. ووفق المصادر، لا بد من تكثيف الاتصالات بين بعبدا وعين التينة لردم الهوة بينهما وتوحيد الرؤى، لما سيكون للثروة النفطية المدفونة بحرا حتى الساعة، من مردود مالي ومادي واستثماري على البلد الصغير المنهار ماليا واقتصاديا، بما يساعده على التعافي من نكبته، طبعا في حال عرف أوّلا، كيف يؤلف حكومة ويبدأ في الاصلاح ومحاربة الفساد!