كتبت راجانا حمية في “الاخبار”:
ليست الهجرة حكراً على من ضاقت بهم السبل. كل من يملك القدرة على ترك البلاد يفعل ذلك، ويشمل ذلك قطاعات بـ«أمّها وأبيها». في الآونة الأخيرة، بدا كأنها لم توفّر قطاع المطاعم والفنادق الذي يعيش اليوم تحدّي البقاء بعدما تكاتفت مجموعة من العوامل في إقفاله القسري.
منذ شهرين ونصف شهر، أقفلت المطاعم والفنادق والمؤسسات السياحية بعد قرار الإقفال العام بسبب ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا. كان ذلك الإقفال الثالث والأطول، وحتى اليوم، لا تزال المطاعم والفنادق تنتظر قرار عودتها، وخصوصاً أن اللقاءات مع اللجنة الوزارية لمتابعة التدابير والإجراءات للوقاية من فيروس كورونا «لا تزال تبحث في كيفية العودة»، بحسب طوني الرامي، نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري. وهذه المرة، أيضاً، كانت «الأقسى»، بحسب الرامي، وخصوصاً أنها «تشهد على يأس العاملين في القطاع من جهة، وهجرة العلامات التجارية والمطاعم التي أسست في لبنان إلى الخارج». ولئن كانت الأرقام إلى الآن غير واضحة، إلا أن الرامي على يقين من أن «50% من المطاعم والمؤسسات التي نفدت من الإقفالات السابقة لن تبقى كما هي اليوم».
أسباب كثيرة أدت إلى هذا التدهور، وهي إذ تتشابه مع ما جرى في قطاعاتٍ أخرى، إلا أن ما يزيد الطين بلة هنا هو التوقف المستمر منذ شهرين ونصف شهر. في الأسباب الأولى، يرجع الرامي بداية الأزمة إلى عام 2019 مع بدء الأزمة المالية الاقتصادية، ومن ثم تحرك السابع عشر من تشرين، قبل أن يضيف السبب الثالث «الذي كان إيذاناً بتدهور القطاع»، وهو انفجار الرابع من آب الذي أدى إلى تضرر 163 فندقاً و2069 مطعماً بأضرارٍ بالغة «أدت إلى إقفال كثير منها بشكلٍ نهائي». وما بين هذا السبب وذاك، كانت أزمة الإقفالات التي رافقت ذروة الإصابات بفيروس كورونا. أما نتيجة كل هذه «المطبات»، فكانت إقفال 4300 من أصل 8500 مؤسسة «قبل فترتَي الميلاد ورأس السنة». وما بين هذا الرقم واليوم، «الأكيد أن الحبل ع الجرار».
عملياً، لا يعني هذا الرقم فقط المؤسسات، فالـ 50% التي باتت خارج الخدمة تعني في المقابل خسارة 50% من العمال صاروا اليوم عاطلين عن العمل. وهذا ما يجرّ أيضاً إلى أزمة اجتماعية كبيرة ليس فقط في قطاع المؤسسات السياحية، وإنما يطال قطاعاتٍ كثيرة أفقدتها الأزمات مقومات البقاء. مع ذلك، لا يملك هؤلاء اليوم مفاتيح الحل، وإذ يأمل أصحاب الفنادق والمطاعم والملاهي والباتيسري العودة إلى العمل، إلا «أن القدرة على الاستمرارية والوجود باتت شبه مستحيلة»، بحسب الرامي، انطلاقاً من انعدام الاستقرار السياسي والأزمة الاقتصادية الراهنة التي تلقي بثقلها على القطاع، «فكل شيء اليوم يسعّر بالدولار. في المقابل: لا سياحة يعني لا دولار».