في الذكرى العاشرة على انطلاق الثورة في سوريا في 15 آذار 2011 من مدينة درعا في الجنوب السوري تصدر عنوان عودة سوريا إلى الحضن العربي. صدفة؟ لنسلم بذلك طالما أن الخطوة الأولى حصلت من خلال مشاركتها فى الدورة الـ29 لـ”الاتحاد البرلمانى العربى”، التى انطلقت فعالياتها فى العاصمة الأردنية عمان، بمشاركة رؤساء 17 برلماناً عربياً.
اوساط دبلوماسية عربية تقر بوجود مسعى عربي باتجاه سوريا لاعادتها الى الحضن العربي ومساعدة الرئيس بشار الأسد على العودة الى مقعده الطبيعي بين إخوانه وأشقائه العرب، في مقابل فكّ ارتباطه مع ايران. وتضيف أن وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف وضع المسؤولين العرب، لاسيما الخليجيين منهم في جولته الاخيرة في المنطقة، في نتائج اتصالاته مع النظام السوري، والرسالة التي نقلها اليه بأن لا شراكة مع روسيا في ورقة سوريا قبل مغادرة أذرع إيران سوريا.
فهل من مسعى جدي لعودة سوريا إلى حضن العرب، وكيف سينعكس ذلك على الداخل السوري؟ الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية العميد خالد حمادة أوضح لـ”المركزية” “أن مسألة عودة سوريا إلى الحضن العربي مطروحة لدى الدول العربية، لا سيما لدى دولة الإمارات العربية المتحدة وهو كان خلال الأيام القليلة الماضية موضوع جولة لوزير الخارجية الروسي إلى المنطقة. لكن الواضح أن العناوين المرفوعة حتى الساعة لم تقارب سوى مسألة النوايا حول ضرورة عودة سوريا”. يضيف حمادة أن “هناك حوارا حول الموضوع ونية لإنضاج الشروط ولكن ليس من تسليم بعودة سوريا إلى الحضن العربي من دون أي تغييرات أساسية سياسية وغير سياسية وأمنية في الداخل السوري”.
مصادر ديبلوماسية تلفت إلى أن روسيا تنصح الخليجيين لاسيما السعودية ببدء التواصل مع سوريا لمساعدتها على الانتقال من الحضن الايراني الى الحضن العربي والعودة الى موقعها الطبيعي بين اخوانها العرب. وتضيف “أن الرئيس بشارالأسد بات مقتنعاً بالعودة الى محيطه بعدما تأكد ان إعادة إعمارسوريا لا تتم الا من خلال المال العربي وهذا يحتم عودته الى الجامعة العربية واخوانه العرب. وتكشف اعن تواصل خليجي سوري لاسيما سعودي واجتماعات متوقعة بين مسؤولين سوريين واخرين سعوديين قريبا لانطلاق مسيرة الحل”. وتتزامن هذه التطورات مع تحديد الاسد خياره السياسي وتموضعه في المنطقة. فكيف ستتلقف الدول العربية والسعودية هذا الطرح؟
حمادة أوضح أن ” الرد السعودي كان واضحا من خلال التساؤلات التي طرحتها الخارجية السعودية على لافروف حول مستقبل الدور الإيراني وما هي الضمانات التي تقدمها روسيا لتخفيف النفوذ الإيراني أو خروجه من سوريا، وما هو مستقبل العملية السياسية سيما وان المملكة العربية السعودية لن تبارك ولاية جديدة لبشار الأسد وإنتخابات لن تمنحها الشرعية إذا لم يكن هناك دور للمعارضة وتقدم على مستوى العملية السياسية”. لكن روسيا تصرفت بنوع من اللامبالاة أو بنوع من السلبية حين قالت انه لا يمكنها ان تضمن أي خروج لطهران من سوريا.
“الواضح أن موسكو أصبحت تعاني من مأزق تواجدها في المستنقع السوري من دون أن تدعى فعلا إلى أية مبادرات جدية . وما سمعته روسيا من الدول الخليجية هو انفتاح على النقاش ولكن ذلك لن يكون دون أثمان تدفعها سوريا وتلتزم بها على صعيد تقويم المسار السياسي لبشار الأسد وعلى صعيد ضمانات للحد من النفوذ الإيراني تمهيداً لإخراجه من سوريا”.
هل سيتم إبلاغ وفد حزب الله الذي يزور موسكو اليوم بهذه الطروحات وما مدى انعكاس ذلك على الداخل اللبناني؟ يقول حمادة:” هناك تأثير مباشر على الوضع الداخلي اللبناني لا سيما على الأزمة الحكومية وعلى سائر الملفات المرتبطة بنفوذ حزب الله وطهران في لبنان. لكن لا زال الوقت مبكرا للحديث عن انعكاسات سريعة في هذا المجال لأن بدايات اختراق عودة سوريا الى الحضن العربي ستعني اولا عملية سياسية منطلقة في سوريا وستقابلها مرونة كبيرة في العملية السياسية في لبنان وقد نشهد على تطبيق نموذج انتشار الميليشيات الإيرانية في سوريا والنفوذ الإيراني في الداخل اللبناني هذا اذا لم تحل الازمة على حساب لبنان ويتحول لبنان إلى مسرح للحركة الميليشياوية الايرانية في مقابل التنازل عن بعض النفوذ او السيطرة في سوريا”.