Site icon IMLebanon

بنزين ايراني هبة للبنان: السلطة تحوّل شعبها إلى “شحّادين”!

من جال امس على الطرقات، ارتسمت امام ناظريه مشهدية “ذلّ جماعي” قلّ نظيرها، لفّت البلاد من شمالها الى جنوبها مرورا بالبقاع والعاصمة. امام محطات الوقود وامام السوبرماركت والمصارف والافران، طوابيرُ طويلة وقف فيها المواطنون ساعات ليتمكنوا لملء خزانات سياراتهم بكميات محددة من البنزين، في حين رفع عدد من المحطات الاخرى خراطيمه بعد ان نفد مخزونه. في المتاجر التي فتحت ابوابها، الصورة عينها، ازدحامٌ وتقاتل على المواد المدعومة وتهافت على شراء ما تيسر من سلع حيوية قبل ان يرتفع سعرها اكثر. في المقابل متاجر اخرى، فضّلت إبقاء ابوابها مقفلة الى حين يثبت سعر الدولار.

الازمة كبيرة وعميقة، ولن تنفع معها المسكّنات، بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”. لا اجتماع بعبدا الذي عقد قبل اسبوع ساعد في لجم تفلّت العملة الخضراء – وقد تعاطى “امنيا” و “قضائيا” مع مصيبة اساسُها “سياسي” اذ طلب ملاحقة الصرافين ومنصّات تحديد سعر الصرف- ولا كل الخطوات الترقيعية الاخرى ستفيد، وآخرُها سجّل اليوم “نفطيا”.

ففيما كان ممثل موزّعي المحروقات فادي ابو شقرا يرفع الصوت، وينتقل من شاشة الى اخرى صارخا، ومطالبا المسؤولين بالتحرّك، قائلا “منشآت المحروقات التابعة للدولة فارغة من المحروقات و”الله يعين” أصحاب المؤسسات لأنهم مُلزمون بسعر صرف دولار السوق السوداء، وهم يعانون. اما المطلوب وبإلحاح، فهو تشكيل حكومة لخلق نوع من الثقة لإنقاذ الوضع المتفلّت”، كانت هيئة الجمارك العراقية، تعلن أنها سهلت مرور عدد من صهاريج المحروقات، كمساعدات إيرانية متجهة إلى لبنان. واشارت الهيئة في بيان، الى أنّ “كوادرها قامت بتسهيل مرور 10 صهاريج محملة بمادة البنزين آتية من الجمهورية الإسلامية الإيرانية كمساعدات إلى دولة لبنان عبر معبر القائم الحدودي”.

وبغض النظر عن حجم هذه “الهبة” وقدرتها على التعويض عن النقص القاتل في المحروقات.. وبغض النظر ايضا عن امكانية ان تجرّ هذه الخطوة، الى بيروت، ردودَ فعل دولية غاضبة، خاصة في ظل الحصار المفروض على ايران، فإن المصادر تسأل “هل هكذا ستتعاطى الدولة من الآن فصاعدا مع المأساة التي يتخبط فيها الشعب اللبناني”؟ هل ستنتظر الاعاشات والمساعدات من هنا وهناك؟ وهل تقبل ان تُحوّل مواطنيها الى “شحادين” يتسوّلون من العالم أبسط المقوّمات والمواد الاولية ليبقوا على قيد الحياة؟

على الارجح، هي موافقة، تتابع المصادر، هذا ما يؤشر اليه التقريع الدولي الذي تتعرض له السلطة يوميا، وايضا إحجامُها عن التصرف وعن اتخاذ خطوة واحدة، على طريق وقف الانهيار، والتي تنطلق بتشكيل الحكومة.

لكن المصادر تحذّر من ان هذا السلوك اللامسؤول والاجرامي، اذا استمر اياما بعد، لا اكثر، ستكون نتائجه وخيمة، ماليا واقتصاديا وشعبيا ايضا. فالشارع سينفجر في شكل غير مسبوق. على اي حال، حركة قطع الطرق المستمرة منذ اسبوعين، والمسيرات الشعبية والتظاهرات التي تنتقل من منطقة الى اخرى، وقد تداعى الثوار الى تظاهرة غدا الأربعاء بإتجاه بعبدا، تحت عنوان “يوم الغضب الى القصر الجمهوري” يراد ان تكون حاشدة، ان دلت الى شيء، فإلى ان الشارع يغلي، ولن يسكت طويلا عن رميه “عمدا” في أتون الفقر والجوع والمرض، تختم المصادر.