أعلن نقيب المستشفيات في لبنان، سليمان هارون، في مؤتمر صحافي عقده في مركز النقابة، عن اسعار الكلفة الفعلية للخدمات الاستشفائية في ظل تدهور الاوضاع الاقتصادية وتسارع ارتفاع سعر الدولار، داعيا الى “تأليف لجنة طوارىء واعتماد الخطوات السريعة بما يكفل استمرارية التقديمات ويساعد المستشفيات على إبقاء اقسامها مفتوحة امام المرضى، فلا يموت الناس في منازلهم”.
وأشار إلى أن “ارتفاع سعر الدولار وتجاوزه الاثني عشر الف ليرة، جعل الكلفة الاستشفائية ترتفع بشكل جنوني على الرغم من الدعم الجزئي الآخذ بالإنحسار لبعض المستلزمات الطبية، دعم يشكوالمستوردون انه لا يطبق وفق ما هو متفق عليه مع مصرف لبنان”.
وأوضح “أضف الى ذلك الكثير مما هو غير مدعوم او اصبح مؤخرا غير مدعوم ومنها قطع الغيار اللازمة او ذات الصلاحية المحدودة لإصلاح المعدات وإبقائها في خدمة المرضى، مما جعل العديد من المستشفيات عاجزة عن صيانة معداتها بسبب التكلفة التي لا يمكن تأمين ثمنها نقدا بالدولار او وفق سعره في السوق السوداء، كما ان غالبية التجار والمستوردين توقفوا عن قبول الشيكات لتسديد فواتيرهم، بل يصرون على تسديدها بالعملة النقدية وفورا عند تسليم البضاعة. وهذا امر يستحيل على المستشفيات تلبيته لأن معظم مقبوضاتها تتم عبر تحاويل الى حساباتها في المصارف، وبالعملة اللبنانية”.
وتابع: “على كل حال، لقد اعددنا دراسة مفصلة وهي تشرح بشكل واضح ارتفاع عناصر الكلفة مع ارتفاع سعر الدولار من 1500 ل.ل الى 9500 ل.ل لحين إعداد الدراسة والى سيناريو الـ12500 ل.ل. كما هو الواقع قبيل نهاية الأسبوع المنصرم الا ان اليوم الدولار 15.500 ل.ل.
لقد ارسلنا كتبا الى جميع الجهات الضامنة الرسمية نطالب فيها بتعرفة جديدة مبنية على دولار بقيمة 3900 ل.ل أي سعر المنصة الرسمي كحد ادنى، بالرغم من ان الدراسة تظهر انه يجب احتسابها على اساس 4635 ل.ل أو 6086 ل.ل. وفقا لسعر صرف الدولار في السوق الموازية، الا ان الأجوبة التي تلقيناها كانت ان هذا غير وارد لأن اوضاعها المالية لا تسمح بذلك. إن هذه الدراسة تحاول مواكبة الظروف بعدما وصل سعر صرف الدولار الى ما وصل اليه ولكن تبقى العبرة إن اجوبة الجهات الضامنة معروفة سلفا وهي نفسها بغض النظرعن الأرقام”.
وشدد على أن “هذا يضعنا امام معضلة كبيرة؛ فالدولة اذا عاجزة عن تأمين تكلفة استشفاء المواطنين، والمستشفيات عاجزة عن متابعة تحمل الخسائر اذا ما هي استمرت على تعرفات مبنية على اساس دولار يساوي 1500 ل.ل”، مضيفا أنه “هل ان الازمة السياسية التي يعيشها البلد لا تسمح بايجاد الحلول للمشاكل الاجتماعية؟ اذا كان الأمر كذلك فان المسؤولية لا تقع على المستشفيات بل على الدولة المتلهية بالصراع على الوزارات بدل ايجاد الحلول للقضايا التي تهم الناس.
كما أعلن ان “دعوة المستشفيات للالتزام بالتعرفات الحالية لا يراعي الواقع، ولو كان هذا الامر باستطاعتنا لما كنا تأخرنا. انه طلب تعجيزي وتطبيقه مستحيل والكل يعرف ذلك، وخصوصا في ظل ما نلاحظه من توقف لعدة خدمات لدى العديد من المستشفيات نظرا لعدم إمكانية تمويل استمرارها”.
ولفت إلى أنه “لم يعد ينفع تهديد الجهات الضامنة بفسخ العقود مع المستشفيات اذا حملت المريض جزءا من الفاتورة او اذا لم تستقبله بسبب عجزها عن تأمين الادوية والمستلزمات. فهذه التهديدات سوف تؤدي الى اقفال معظم المستشفيات والمتبقي منها سوف يصبح حكرا على الاغنياء. نعم، إن الأمر بهذه الخطورة ولا مبالغة فيه. فالقطاع الاستشفائي انهار مثله مثل باقي القطاعات اما الفرق فهو ان انهياره يؤدي الى وفاة الناس في بيوتها”.
وأكد أن “الدولة عاجزة تماما، وفق ما نسمعه، عن مواكبة ارتفاع كلفة الاستشفاء. حتى ان الدعم الذي يقدمه المصرف المركزي الى المستوردين متعثر مما دفع بهم الى استيفاء ثمن بعض السلع المدعومة نقدا بالدولار. كما ان السلع غير المدعومة، وبعد وصول سعر الدولار الى 13000 ل.ل، اصبح من المتعذر على المستشفيات شراؤها”.
وختم قائلا: “نتوجه الى معالي وزير الصحة من اجل تأليف لجنة طوارىء فورا ممن يراه مناسبا لدراسة ما يمكن عمله في هذه الظروف العصيبة التي تحتاج الى تضافر جهود الجميع وتفاديا للوصول الى الاعظم. فالناس اصبحت تتقاتل على كيس الحليب في السوبر ماركت فما بالكم ماذا تفعل اذا لم تعد تحصل على العناية الطبية؟.”