حملت الأسابيع والايام الماضية، حركة لافتة سياسية ودبلوماسية، في اتجاه المسؤولين الروحيين المحليين والدوليين، كان لولبها اثنان: السفير السعودي في لبنان وليد بخاري من جهة، والقوى السياسية “السيادية”، من جهة ثانية.
على الخط الاول، جال ممثّل المملكة على القيادات الروحية، من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ورئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان، وصولا الى متروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة. في كل محطة، كان الدبلوماسي يؤكد ان الرياض تمد يدها للشعب اللبناني، وحريصة على استقرار لبنان وامنه وسيادته وازدهاره، مؤكدا انها لا تفرّق بين طرف وآخر، وترى في حسن تمثيل كل المكونات اللبنانية أولوية وحاجة للبلد الصغير. وقد أكد امس بعد زيارته عودة “وقوف المملكة الى جانب لبنان الشقيق، وان الرؤية السعودية للبنان لا تنطلق من سياق تفضيلي للعلاقة بطائفة على حساب أخرى انما تقف الى جانب جميع الطوائف وتحرص على أمتن العلاقات معها جميعا انطلاقا من العلاقة الاخوية التاريخية التي تربط بين الشعبين السعودي واللبناني على الدوام”. وشدد على “حرص السعودية على المكوّن المسيحي الوازن في المعادلة الوطنية اللبنانية الذي يُجسّد منطلقات العمق العربي لرؤية المملكة 2030”.
اما من بكركي التي زارها منتصف شباط الماضي، فشدّد بخاري على “ضرورة حسن تطبيق إتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية وعلى السلم الأهلي في لبنان”. وقال “إن المملكة السعودية تتطلع إلى أن يعود لبنان إلى سابق عهده ودوره الريادي، وهي ستبقى دائماً الصديق الأقرب للشعب اللبناني وللمؤسسات الدستورية اللبنانية”. وأضاف “الذاكرة السياسية تخبرنا بأن الشعب اللبناني لا يتعب من النضال في سبيل الحفاظ على عيشه الواحد والمشترك”.
في موازاة التواصل الدبلوماسي السعودي “الروحي” المكثّف، تواصلٌ سياسي – روحي ايضا. فبعد ان زار وفد لقاء الازهر برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة البطريركَ الراعي منذ ايام، تأييدا لمواقفه، علم ان السنيورة أقام منذ ساعات، مأدبة غداء جمعته والرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام، الى السفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزف سبيتاري. وابلغ الرؤساء السنيورة وميقاتي وسلام، السفير، موقفا واضحا بدعمهم لمبادرة وطروحات الراعي من حياد لبنان والمؤتمر الدولي. واكد الرؤساء الثلاثة الوقوف إلى جانب البطريرك في طرحه المؤتمر الدولي.
الجدير ذكره وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية” ان هذه الحركة تأتي على وقع دور متعاظم تلعبه القيادات الروحية منذ اشهر، على الساحة المحلية، لمحاولة تعويض تقصير الطبقة السياسية الفاضح، في القيام بواجباتها في ظل الازمة القاتلة التي تتخبط فيها البلاد. وبعد ان فقدوا الثقة بهذه “المنظومة” وسلوكها غير المسؤول، يبدو، تتابع المصادر، ان الدبلوماسيين باتوا لا يرون في التواصل معها اي فائدة، ويفضّلون مد الجسور مع الروحيين الذين يقدّمون طروحات انقاذية حقيقية قادرة على انتشال لبنان من الهوّة، كالحياد والعودة الى الطائف وعقد مؤتمر دولي حول لبنان، خاصة وانها تحظى بتأييد عابر للطوائف، بدليل مواقف رؤساء الحكومات السابقين وحركة المبادرة الوطنية والتجمع الوطني، تختم المصادر.