ليست الحصص والاحجام، وحدها، ما يحول دون ابصار الحكومة العتيدة، النور. هذه العقد، تعتبر على ما يبدو، الجزء الظاهر من جبل جليد العقبات التي لا تزال تمنع الاتفاق على تركيبة وزارية بين المعنيين بعملية التأليف كلّهم، من الفريق الرئاسي، وصولا الى الرئيس المكلف سعد الحريري، مرورا بـ”حزب الله”.
فبحسب ما تقول مصادر سياسية مقرّبة من العهد لـ”المركزية”، عددُ الوزراء وكيفية توزيع الحقائب، ودور كل من بعبدا و”الوسط” في التشكيل، وصلاحيات كلّ منهما في هذا الاستحقاق المتعثّر منذ 7 اشهر، هي في الواقع، جزء من المشكل، الا ان للاخير، وجها ثانيا، يتجاوز “شكلَ” الحكومة العتيدة، الى برنامج عملها، وهو وجه لا يزال حتى الساعة، خفيا، صامتا، ينحصر الحديث عنه في الكوليس السياسية بعيدا من الاضواء.
فبحسب المصادر نفسها، خريطة طريق الحكومة، وأولوياتها السياسية، هي اليوم مدار اخذ ورد، في الظل. وهي تكشف ان ثمة 3 اولويات يتمسك المجتمع الدولي بتنفيذها كي يساعد المانحون لبنان: اولا، حل مسألة سلاح حزب الله، ثانيا، ترسيم الحدود بين لبنان والكيان العبري وسوريا، ثالثا، عودة النازحين السوريين. المصادر توضح هنا ان هذه النقاط سيما الاولى والثانية، المعني الاول بها هو “حزب الله”، لا سواه. وتاليا، ترى بعبدا انه يقع على عاتق الضاحية، اعطاء الضمانات اللازمة في هذه المسائل، لمَن يبحث عنها ويطلبها، وعلى رأس هؤلاء الرئيس المكلّف!
فوفق المصادر، الحريري يحاول اليوم إقحام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في هذه القضايا، ويريد منه ان يتعهّد شخصيا، بتسهيل تحقيق هذه النقاط الثلاث، كما انه يحاول دفع عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، الى لعب دور الوسيط بين الوسط والضاحية، على هذا الخط. وبينما تشير الى ان بعبدا وميرنا الشالوحي ترفضان حشرهما في هذه الزاوية، وتحيلان الحريري الى حزب الله وتطلبان منه التواصل مباشرة معه، تؤكد المصادر ان هذه المسائل لا تزال عالقة ولم تبتّ بعد.
فبحسب المصادر المقربة من بعبدا عينها، يعتبر حزب الله قضايا السلاح والترسيم، اقليمية ودولية، ولا تحلّ بقرار داخلي صرف. وعليه، يدعو الحريري الى ان يقلع عن النقاش فيها، لان هذا الاصرار فيه مضيعة للوقت، بينما المطلوب اليوم تأليف الحكومة في اسرع وقت، نظرا الى الاوضاع المعيشية والحياتية والاقتصادية القاتلة.
على اي حال، تتابع المصادر، كان الحريري ولأعوام خلت، وضع هذه الملفات على الرف وربط النزاع حول السلاح، قائلا بنفسه ان حلّه خارجي، فما الذي تبدّل اليوم حتى يعود وينبش اوراقها طالبا ضمانات وتطمينات بأنها ستسلك الطريق الى العلاج على يد مجلس الوزراء المنتظر؟ على الارجح، وفق المصادر، هذه الشروط، آتية من خلف الحدود، وتحديدا من السعودية، التي تريد من الحريري نزع سلاح الحزب، وضبط حركة مسلحي الاخير عبر الحدود، كي ترضى عن ترؤسه الحكومة المرتقبة. وما لم يأت بالاجوبة المطلوبة، فان استقباله في المملكة لن يحصل، وقد فشلت حتى الساعة كل الوساطات الفرنسية والمصرية والاماراتية، في تحديد موعد له في الرياض، تختم المصادر.