منذ أشهر “يشحد” اللبناني السلع الأساسية لاسيّما المحروقات والأدوية والخبز، ورغم رفع المسؤولين في القطاعات المعنية والخبراء الصوت مراراً لتفادي المزيد من الانزلاق، لم تبادر السلطة حتّى إلى تسهيل تشكيل الحكومة. فالمناصب والمصالح أبدى من حياة الشعب.
الأزمة تتفاقم يومياً، ومعها الذلّ المعرّض له المواطن، ومنها أزمة شحّ الأدوية حيث التقنين في تسليم البضائع بسبب استنزاف كلّ دولارات المواطنين للاستيراد.
وفي ظلّ البلبلة والخوف من انقطاع الأدوية، أكّد نقيب المستوردين كريم جبارة أن “المخزون يكفي لشهر وشهرين”.
في حديث لـ “المركزية” أوضح نقيب الصيادلة غسّان الأمين أن “سبب النقص تأخير موافقات مصرف لبنان على طلبات دعم الاستيراد لحوالي أربعة اشهر تقريباً، ما ينعكس شحّاً في كميات الأدوية المتوافرة في مخزون المستوردين محلّياً في طبيعة الحال، بالتالي تسلّم الصيدليات البضائع “بالقطارة”، وكميات الأدوية لا تكفي لسداد حاجات المرضى، مثلاً صيدلية تؤمن دواء لستة مرضى تسلّم فقط علبتان من الدواء المطلوب لمعالجتهم. إلى ذلك، حالة عدم الاستقرار مسيطرة على البلد والمواطنون في حالة هلع ما جعل الطلب على الأدوية غير طبيعي والعديد يخزّنون هذه الأدوية تحسّباً للأيام المقبلة، كذلك البعض الآخر يهّرب الأدوية إلى الخارج، ما يعني أننا ما زلنا في الدوامة نفسها ولا نتمكن من الخروج منها”.
ولفت إلى أن “من المفترض الوصول إلى حلّ حول آلية ترشيد الدعم وتوضيحها لتأمين كامل لائحة الأدوية التي تحفظ الأمن الدوائي. وللأسف بعد تشكيل لجنة وزارية وموافقة وزارة الصحة ولجنة الصحة النيابية ومختلف النقابات المعنية على الخطّة لم تقرّ بعد”. وعن سبب التأخير أشار إلى أن “أحياناً يقولون أنهم يرغبون بربط ترشيد دعم الدواء مع ذاك الممكن أن يطال السلع الأخرى المدعومة، مع العلم أن الدواء له أولوية على المحروقات… وأحياناً أخرى يبرر التأخير بأن الحكومة تصرّف الأعمال”، سائلاً: “هل من أمر أخطر من انقطاع الدواء وتعريض حياة المرضى للخطر وإقفال الصيدليات؟ ألا يمكن تصريف الأعمال في حالة طارئة كهذه؟”.
وأكّد أن “القطاع يُستنزف والصيدليات تقفل الواحدة تلو الأخرى حتّى وصل عددها إلى 600، لذلك المعاناة كبيرة. فالقطاع لا يحقق أرباحاً لأن التسعيرة تصدر رسمياً عن الدولة مع هامش جعالة لتأمين العيش الكريم للصيدلي، هذه الجعالة تحتسب على سعر صرف 1500 ل.ل. ولم تعد تكفي مصاريف الصيدلية قبل المصاريف الشخصية من أكل وطبابة ومدارس… ما دفع العديد من الصيادلة إلى الاستدانة أو اضطرهم الى استخدام مخزونهم من الأدوية الذي ينفد بعد شهر أو إثنين كحدّ أقصى. لذا، إذا لم تقرّ خطة الترشيد التي تحلّ جزءاً من المشكلة، المطلوب على الأقلّ رفع الجعالة ليتمكن القطاع من الاستمرار وإلاّ متّجهون إلى كارثة”.
وكشف عن “ورشة عمل بين النقابة وأركان وزارة الصحة العامة يوم الجمعة المقبل لمناقشة الموضوع وإيجاد المخرج والحلول الممكن أن تساعد القطاع على الصمود. ونفضّل عدم الافصاح عن النسبة الممكن أن ترتفع بها الجعالة قبل الاجتماع”.
وعن مصير الأسعار في حال لم تحلّ المشكلة، أوضح الأمين “قانوناً ممنوع أن يسعّر الصيدلي كما يشاء، لكن في هذه الحالة سنصل إلى إنفجار رغم صبر الصيادلة لأن عندما يصبح الإنهيار الخيار الوحيد الفوضى ستعمّ من دون شكّ”.