كتب مايز عبيد في صحيفة نداء الوطن:
إلى دارة ذويها في “القنبر- عكار”، وصلت كيندا الخطيب مساء الثلثاء، حيث كان في استقبالها الأهل والأقارب وحشد من الناشطين وأبناء المنطقة. كانت الفرحة كبيرة تغمر الوجوه، بعد إطلاق سراح شابة كانت قبل الإعتقال ناشطة رأي على وسائل التواصل الإجتماعي و”تويتر”، وصارت بعد الإعتقال مثالاً حياً لقمع السلطة السياسية والأمنية لأي مواطن يخالف في رأيه وتوجّهاته السياسية ما تريد السلطة وأحزابها أن تؤدلج اللبناني عليه.
حركة الزيارات والمهنّئين لم تهدأ من لحظة وصولها. على لسان الجميع كلمة واحدة “الحمد لله على سلامتك يا بطلة”. تقول كيندا الخطيب لـ “نداء الوطن” عن مجريات القضية ومسارها حتى الآن: “بعدما تمّت محاكمتي ذهبنا إلى تمييز الحكم، وتمّ إخلاء سبيلي بكفالة وسند إقامة ومنع سفر. وهناك جلسة لإعادة المحاكمة أصبحت قريبة. قضيتي أمام القضاء تسلك مسارها القضائي وإن شاء الله خير”. أما عن ظروف الإعتقال فتروي كيندا أنّه “عندما تمّت مداهمة المنزل لم يخطر في بالي أبداً ما هي القصة. ظننت أنهم أرادوا توقيفي بسبب منشور ما كتبته على “تويتر” أو ما شابه. لم أعتقد للحظة حصول المبالغة بالأمر إلى هذا الحدّ وبهذا الشكل. خلال التحقيقات سألوني عن أشخاص ومغرّدين وسألوني إذا كنت قد دخلت إسرائيل، وقلت لهم لا. إلى هذه اللحظة لم أكن أعرف بعد ما هي التهمة. تحوّلت من الأمن العام إلى الشرطة العسكرية فالمحكمة العسكرية، وهناك عرفت أنّهم يتهمونني بالعمالة”.
هل نستطيع أن نقول أنّ تهمة العمالة سقطت الآن عن كيندا الخطيب؟ تجيب كيندا: “بالنسبة لي أنا مؤمنة بنفسي وبوطنيتي، وبالنسبة إلى كل شخص آمن بي وبقضيتي؛ التهمة سقطت. يبقى استكمال المسار القضائي. فعند القضاء التهمة ليست عمالة، إنما تواصل بعلم القوى الأمنية؛ وذلك بعد بلاغٍ كنت قد تقدّمت به إلى القوى الأمنية، وأترك باقي الأمور والتفاصيل للقضاء والتمييز وإلى حينها”.
وتؤكد كيندا الخطيب أنها لم تتعرّض إلى أي تعذيب جسدي “إنما كان هناك ضغط نفسي كبير كأي تحقيق أمني”. وتتابع “أول اتصال أجريته مع أهلي كان بعد صدور مذكّرة الإتهام بحقّي، وقتها سمحوا لي باتصال مع أهلي وكذلك بزيارات بسيطة مرة كل أسبوع”. الاتصال طبعاً كان مع والدتي التي كان أول كلامها لي “بدي ياكي تضلّي قوية”.
وبالنسبة إلى كيندا الخطيب المواطنة “كلّ مواطن ينزل اليوم إلى الساحات ويطالب بالحقوق؛ ويرفض أساليب القمع، هو مُعرَّض لما تعرّضت له كيندا الخطيب. إن لم يكن بالتهمة نفسها فبتهمة أخرى. فالتهم جاهزة دائماً في وجه كل معترض. كذلك كل مواطن دافع عنّي هو معرّض لما تعرّضت له. وبهذه المناسبة، أشكر كل مواطن نزل لأجلي أو دافع عني لو بكلمة أو موقف. وكذلك كان هناك أشخاص كنت أتعارض معهم في الرأي لكنهم رفضوا ما حصل معي ورفضوا قمع حريتي، وأشكر كل ثائر دافع عن قضيتي”.
وتضع كيندا الخطيب ما حُكي عن تدخّلات سياسية في قضيتها لا سيّما لجهة إطلاق سراحها، في خانة “البروباغندا الإعلامية الجاهزة ضدّي. فلو كانت هناك تدخلات سياسية في ملفي لكنت خرجت من البداية من دون محاكمة كما يحصل بالعادة. هذا بالمنطق.. ملفّي في القضاء ومساره قانوني مئة في المئة”. وتؤكد أنّ ما حصل معها لن يجعلها تتراجع وتقول: “الحق يبقى حقّاً.
وإذا تراجعت إلى الوراء فأنا أقوم بتفشيل وخذلان كل شخص وكل مواطن دافع عني، وآمن بأني حرّة ومظلومة. ومثلما كانت كيندا في السابق ضدّ الفساد والقمع، ستبقى على نفس النهج. وأنا وقتي الآن لمن كان معي خلال توقيفي وليس لمن كان ضدّي.. أولئك لن أشغل بالي بهم”. وأثنت كيندا الخطيب على دور المرأة اللبنانية في الثورة، مذكّرة بثورة الطناجر وغيرها من الفعاليات التي قادتها المرأة، حتى قيل أن “الثورة أنثى”؛ وتضيف: “كل سيّدة وكل أمّ وكل شابة نزلت إلى الشارع ولا تزال تناضل هي أيقونة. أنا كبنت عكار سأبقى أناضل وأدافع عن حقّي وحقّ أهلي وحقّ منطقتي، وقضيتي قضية رأي عام؛ ولا لقمع حرية أي سيدة أو فتاة لبنانية. المرأة اللبنانية هي التي ربّت هذا الجيل الذي يدافع عن حقّه اليوم. أقول للجميع لا تتراجعوا مهما بلغت التضحيات”.
وعن ظروف السجن وكيف كانت تقضي وقتها أشارت إلى أنها كانت في سجن بربر خازن، “كانت الظروف صعبة جداً لا شك ولكنني حاولت التأقلم مع الوضع. أما التعامل من الناحية الإنسانية فكان جيداً. كنت قوية وصلبة جداً حتى أنني تفاجأت من هذه الصلابة التي كنت أشعر بها. تعلّمت في السجن لغتين جديدتين هما الإسبانية والتركية، إضافة إلى اللغة الإنكليزية التي هي مجال تخصصي الجامعي… في السجن قرّرت أن أتخطّى ما حصل معي لأقوى. لا يظنّوا أنّنا سنضعف عندما يسجنوننا على العكس، هذا الشيء يعطينا المزيد من القوة والثبات والتصميم على استكمال مسيرتنا النضالية؛ وترسيخاً أكبر لقناعتنا وهذا ما لا تفهمه السلطة في الواقع”.
وفي كلمة إلى الشباب والشابات وعموم اللبنانيين قالت: “لا تضعفوا، ولكلّ أم لديها ولد مسجون؛ ولكل من سيتم استدعاؤه لاحقاً أيضاً، لا تخافوا لا تضعفوا… صحيح أنّ هناك تضحيات ومصاعب لكنّنا بحاجة إلى الدفاع عن قضيتنا.. قلتها للقاضي في التحقيق: أتمنى من القضاء أن يحمي جيلنا فإذا لم يحمنا نحن لن نستمرّ والبلد لن يستمرّ”.
وختمت: “الإختلاف في الرأي لا يعني العمالة أبداً. واجبي كمواطنة قمت به بأن بلّغت القوى الأمنية، وأنا الآن أتوجّه إلى مسار جديد، قضيتي أمام القضاء، وبإذن الله سيكون خيراً”.