فيما لا يزال الوضع السياسي عالق في عنق الزجاجة بينما يتناحر ويتناكف المسؤولون، متقاذفين تهم تعطيل تشكيل الحكومة فيما بينهم، عاد الحديث مؤخرا عن مسلسل الاغتيالات واضطرار قيادات سياسية عديدة لإقامة جبرية وعدم مغادرة المنازل إلا للضرورات القصوى بناءً على نصائح من الأجهزة الأمنية.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي في الساعات الأخيرة “وثيقة اتصال” تعود إلى المديرية العامة للأمن العام “تحذر من ذهاب الوضع نحو فوضى وتخريب واستخدام السلاح في الشارع، وأعمال نهب وسرقة وتصفية حسابات.. ”
استهداف شخصيات رفيعة
تعليقا على تلك المخاوف، اكتفت مصادر عسكرية رفيعة بالقول لـ”العربية.نت” إن “الوضع الأمني في لبنان معرّض للتدهور في أية لحظة نتيجة الأوضاع السيّئة التي يمرّ بها على الصعد كافة، خصوصاً المعيشية منها التي تُشكّل “ثغرة” للخلايا الإرهابية لاختراق الساحة الداخلية”.
من جهته، أوضح وزير الداخلية السابق مروان شربل لـ”العربية.نت” “أن شبح الاغتيالات يطلّ برأسه مجدداً، والمعلومات تُشير الى أن شخصيات رفيعة لها ثقلها الشعبي والسياسي، في دائرة الاستهداف وقد تبلّغت ذلك لأخذ الاحتياطات”.
كما أشار إلى “تحرّك خلايا إرهابية في أكثر من منطقة في لبنان، والأجهزة الأمنية تلاحقهم، تماماً كما حصل في بلدة عرسال في السلسلة الشرقية على الحدود بين لبنان وسوريا، حيث أوقفت منذ أيام 15 إرهابياً كانوا يخططون لتنفيذ عمليات في لبنان”.
لبنان مكشوف أمنياً
إلى ذلك، قال “لبنان أصبح مكشوفاً أمنياً منذ اندلاع الحرب في سوريا واستمرار التهديدات الإسرائيلية، والاغتيالات التي يُحكى عنها الهدف منها إحداث فتنة وفوضى في البلد”.
ويأتي الحديث عن عودة مسلسل الاغتيالات مع تسجيل لبنان ارتفاعاً في نسبة جرائم القتل والسرقة وفقاً لأحدث تقرير نشرته “الدولية للمعلومات” منذ يومين.
نحو الفوضى
كما اعتبر وزير الداخلية السابق “أن ما يجري في لبنان على الصعيد المعيشي، لاسيما لجهة ارتفاع معدلات الخطف والجرائم يؤكد أننا ذاهبون نحو الفوضى بسبب تردّي الأوضاع الاقتصادية”.
وتحدّثت عن تنسيق بين الأجهزة الأمنية المحلية والخارجية لتعزيز التعاون المخابراتي وإحباط العمليات التخريبية”. ولفت إلى “ضرورة أن تقطع القوى السياسية الطريق على هذه المخططات من خلال تشكيل حكومة تكون مطابقة لمواصفات الخارج، أي حكومة مستقلّة بعيدة عن التأثير السياسي كي نحصل من خلالها على مساعدة الخارج”.
فرار من الخدمة العسكرية
يتزامن الحديث عن عودة مسلسل الاغتيالات، مع معاناة الأجهزة الأمنية من تردّي الأوضاع المعيشية وتلاشي رواتبهم بسبب انهيار سعر الصرف الرسمي، ما دفع بعدد من العسكريين ومن ضمنهم ضباط إلى الفرار من الخدمة العسكرية، وهو ما أكدته قيادة الجيش اللبناني في أحد بياناتها، موضحةً أن ما يحصل هو بعض عمليات الفرار لأسباب مختلفة لعسكريين من دون تسجيل أي ارتفاع يذكر في نسب حصولها وغير مرتبطة بالوضع الاقتصادي الحالي.
وفي السياق، اعتبر شربل “أن على السلطة تشجيع ودعم القوى الأمنية لا “تجويعها” وخفض موازناتها من خلال تقليص وجبات الطعام للعسكريين بهدف ترشيد الإنفاق وإصلاح الآليات العسكرية المعطّلة كي يقوموا بواجباتهم الأمنية”
ومع التنبيه من تعرّض الساحة لخضّات امنية، يتم التداول بمعلومات عن تحذير سفارات أجنبية في بيروت لرعاياها من تدهور الأوضاع في لبنان.
سفارات غربية تُحذّر رعاياها
وفي السياق، أوضح الصحافي والمحلل السياسي جوني منيّر لـ”العربية.نت” “أن عدداً من السفارات الغربية طلبت من رعاياها في لبنان الحدّ من التنقّل وتجنّب زيارة مناطق محددة”. وقال “ذاهبون نحو الفوضى وسنرى دماءً في الشارع على خلفية أزمات معيشية بين الناس، وقد تُشكّل هذه الفوضى “فرصة” لمن يُخطط لتنفيذ اغتيالات سياسية مستفيداً من حالة الغضب الشعبي ضد الطبقة السياسية والمسيرات التي قد يُنظّمها الثوار في اتّجاه منازل سياسيين لتنفيذ مخططهم”.
كما لم يستبعد “أن يكون هناك دور لأجهزة مخابرات أجنبية في أعمال الشغب التي حصلت أخيراً في لبنان في أكثر من منطقة، لاسيما في طرابلس شمال لبنان التي كانت مسرحاً للفوضى الأمنية منذ أسابيع”.