كتبت غادة حلاوي في صحيفة نداء الوطن:
مرة جديدة لم تتعد ايجابية الرئيس المكلف سعد الحريري سقف كونها فقعات اعلامية لا تعكس واقعا دقيقاً أو تطوراً يمكن البناء عليه أو الذهاب بعيدا في توقع ولادة حكومة جديدة الاثنين المقبل. مربكاً بدا الحريري رغم الجهد الذي بذله لاظهار العكس. خانه لسانه فتحدث عن ارتفاع قيمة الليرة وقصده الدولار وتحدث عن معاناة نقل الاب لاولاده الى المدارس في زمن اقفال المدارس بسبب كورونا. عوامل توتر غلبت على حضور الرئيس المكلف فخانته لغته كما ملامح وجهه.
لم تكن الزيارة الثامنة عشرة والتي امتدت لساعة كاملة، افضل من سابقاتها مع فارق انها جاءت على انقاض خلاف عميق بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، تمثلت ايجابيتها في عودة الطرفين الى التلاقي والبحث والاتفاق على اجتماع اضافي الاثنين المقبل. مجدداً لم يخرج الاجتماع بنتائجه المرجوة، مجرد جرعات تفاؤل يصر الحريري على اشاعتها في محاولة للتبرؤ من فشل متوقع. كان هدف الحريري كما قال “التخفيف من الاصطدام الذي قد يكون عاينه اللبنانيون، وتهدئة الأوضاع”. في اشارة ضمنية منه الى انه تجاوز كلام عون وحضر بنية تهدئة الامور كي لا يكون سبباً في المزيد من الانهيار الحاصل. وقد تخوف البعض من تكرار السيناريو ذاته كما كل مرة، يتفاءل الحريري ليقول انه ورئيس الجمهورية على اتفاق ثم يعلن فشل التوافق الاثنين ويرتفع سعر صرف الدولار.
ولكن الحريري الذي تحدث عن فرصة “علينا استغلالها والتفكير للخروج بأمر ما الاثنين المقبل”، أوحى وكأن فرضية تشكيل الحكومة على قاب قوسين او ادنى لكنه بالمقابل عاد واكد تمسكه بحكومة من 18 وزيراً من الاختصاصيين ما يعني عملياً ان العقدة لا تزال على حالها خصوصاً وان البحث في الاسماء لم يبلغ مرحلة متقدمة خلال الاجتماع.
في المعلومات المقتضبة التي رشحت فان الاجتماع لم يكن ايجابياً ولا سلبياً بالمقابل، ولا تقدم سجل على خط مباحثات الرئيسين. كل ما فعله الحريري تمثل في ابداء مرونة في مناقشة أسماء الوزراء مع رئيس الجمهورية شرط بقاء الحكومة 18 وزيراً. قال الحريري ما قاله وغادر مخلفاً خلفه غضباً رئاسياً ولولا الاتصالات والمساعي المكثفة التي بذلت على خط التهدئة بين بعبدا وبيت الوسط لما كان تأمن انعقاد الاجتماع.
مرة جديدة يكون هدف الرئيس المكلف تسجيل نقاط اعلامية على رئيس الجمهورية ورئيس “التيار الوطني الحر”، زار بعبدا متجاوزاً كلام رئيس الجمهورية، فغاب مضمون البيانات التي سبق وتطايرت عن النقاش. وخلال الاجتماع اعاد الحريري طرح التشكيلة ذاتها وتم الاتفاق على متابعة النقاش بشأنها وقد جاء تحديد موعد الاثنين للقاء ثان تلبية لرغبة رئيس الجمهورية لرغبته في متابعة النقاش. ونفت مصادر الرئيس المكلف ان يكون سلم عون تشكيلة حكومية جديدة وقالت ان لا شيء يضاف الى ما قاله الحريري لدى خروجه من بعبدا.
مصادر معنية بالملف الحكومي قالت ان المساعي التي بذلت في الساعات الماضية ركزت على تهدئة الاجواء وتأمين اجتماع عون بالحريري ولم يكن ممكناً خلال هذا الوقت الخروج بصيغة حكومية مرضى عنها، واوضحت ان العوامل التي سرعت في لجم الخلاف كان اساسها التدهور الاقتصادي والتحذيرات التي ابلغها الجيش من عدم قدرته على السماح باقفال الطرقات خصوصا في الجنوب.
اضف الى ذلك ان عون لم يعد يستطيع تحمل الوضع على ما هو عليه فيما يتهم وعهده بالانهيار بينما يحتفظ الحريري بالتكليف ولا يحرك ساكناً فكان القرار بالتوجه بكلمة عبر الاعلام، رد عليه الرئيس المكلف ما فاقم التوتر على الجبهتين واثار استياء الكثيرين لان اللغة التي طغت لا تليق بكليهما، فكان ان تسارعت الاتصالات التي تولاها “حزب الله” وتم الاتفاق على عقد لقاء يلجم الاحتقان على امل ان تحمل الساعات المقبلة المزيد من التواصل بين المعنيين واعادة البحث الحكومي الى سكّته المفترضة لربما حصل ما لم يكن في الحسبان ونجحت المساعي وهذا أبعد المستحيل، اللهم الا بتدخل دولي قد يكون الروسي عنوانه او الجانب الفرنسي الذي هدد امس على لسان ايمانويل ماكرون بأن النهج القديم بالتعامل مع لبنان لم يعد مفيداً… فهل تتجه فرنسا لتغيير تعاطيها مع لبنان وفرض عقوبات على شخصيات سياسية؟