كتب شادي عواد في “الجمهورية”:
من المعروف أنّ الاستخدام المفرط للأجهزة، مثل الهواتف واللوحيات، يؤثر بشكل مباشر في سلوك الأطفال. وهذا ما أكدته جميع الدراسات التي نشرت حول هذا الموضوع.
أدت فترة الإغلاق بسبب كورونا إلى تزايد استخدام الأجهزة عند الكبار للعمل، والطلاب للدراسة وحتى عند الأطفال الصغار. والسبب أن الأجهزة يمكنها أن تكون مصدر لهو ليتمكن الأهل من متابعة أعمالهم أونلاين. لكن هذا السلوك، يبدو أن لديه تأثيرا كبيرا على الأطفال، خاصة من هم ما دون الخامسة من عمرهم. وهذا ما أكدته دراسة علماء في فنلندا بعد مراقبة سلوك مجموعة من الأطفال مقسّمين بين ذكور وإناث من فئات عمرية مختلفة.
محفوف بخطر متزايد
خلص خبراء من المعهد الفنلندي للصحة والرعاية إلى أن استخدام الأطفال للأجهزة في مرحلة ما قبل المدرسة محفوف بخطر متزايد من المشاكل العاطفية والسلوكية في سن الخامسة. وشملت الدراسة التي أجراها العلماء الفنلنديون 699 طفلاً هم 333 فتاة و366 فتى، قاموا بتتبّع صحتهم وعافيتهم العقلية منذ الولادة وحتى سن الخامسة باستخدام الإستبيانات التي ملأها آباؤهم. وبهذه الطريقة أبلغ الأهل عن مقدار الوقت الذي يقضيه طفلهم على الأجهزة الإلكترونية في أيام الأسبوع وعطلات نهاية الأسبوع، وكم عدد الساعات التي يشاهد فيها التلفزيون، وكم كان يلعب ألعاب الكمبيوتر، وأجهزة الألعاب، وكذلك الألعاب على الهاتف المحمول أو الجهاز اللوحي أو أي جهاز آخر. واستخدم العلماء إستبيانات تم التحقق من صحتها لتقييم انتشار الأعراض النفسية والإجتماعية والمشكلات السلوكية والعاطفية، وقصر مدى الإنتباه، وصعوبة العثور على الأصدقاء والاحتفاظ بهم، وفرط النشاط عندما بلغوا سن الخامسة. واتّضح أن استخدام الأطفال النشِط للأجهزة، خاصة لمشاهدة البرامج الترفيهية، يزيد من مخاطر مشاكل الأطفال في العلاقات مع أقرانهم بنسبة 59%. ووجد العلماء أيضاً أنه إذا كان الأطفال في سن الخامسة يقضون أكثر من 60 دقيقة يومياً أمام التلفزيون أو الهاتف الذكي أو الجهاز اللوحي، فإنهم يكونون أكثر عرضة لخطر الإندفاع وفرط النشاط ومشاكل التركيز والإنتباه.
وهكذا توصّل الخبراء إلى استنتاج مفاده أنّ المستوى العالي لاستخدام الأجهزة، خاصة لمشاهدة البرامج، يؤدي إلى عواقب نفسية واجتماعية على الطفل، قد توثر بشكل مباشر على علاقته بمحيطه لاحقاً، وبكيفية تعاطيه مع الآخرين.