إذا كان لقاء قصر بعبدا الـ17 الذي عقد، أمس، بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، قد أبقى الباب مفتوحاً أمام تشكيل حكومة، إذا قيض لاجتماع الإثنين المقبل أن يحقق خرقاً في الجدار المسدود حتى الآن، إلا أن المواقف التي أطلقها الرئيس عون في إطلالته المتلفزة أول أمس، رسمت علامات استفهام عديدة حول شكل الدعوة التي وجهها للرئيس المكلف، في سابقة من نوعها في تخاطب رئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة المكلف، وهو الأمر الذي أثار استياء واسعاً في الأوساط المعارضة التي استغربت طريقة تعامل الرئيس عون مع دعوة الرئيس الحريري لزيارته، لا بل تخييره بين تشكيل حكومة كما يريد العهد، أو الاعتذار وإفساح المجال لغيره .
وتشير الأوساط، لـ«اللواء»، إلى أن «محاولة الرئيس عون تحميل الرئيس المكلف مسؤولية تعطيل تأليف الحكومة، ليست واقعية وتجافي الحقيقة، في وقت يدرك الجميع أن الرئيس الحريري وخلال اللقاءات الـ16 الأخيرة التي عقدها مع رئيس الجمهورية، كان متجاوباً إلى أقصى الحدود، ويعمل من أجل إنجاز مهمته في أسرع وقت، لإخراج البلد من أزماته وتفادي وصول الوضع إلى ما وصل إليه. لكنه في كل اجتماع مع الرئيس عون كان يواجه بالانقلاب على ما تم التوافق عليه في الاجتماع الذي سبقه . وهكذا كانت محاولات الرئيس المكلف للحصول على موافقة رئيس الجمهورية على التشكيلة الاختصاصية التي سبق وقدمها له، تصطدم برفض الأخير الذي أصر وما زال، كما تشير المعلومات على أن تكون وزارة الداخلية من حصته، إلى جانب حصوله على الثلث المعطل، خلافاً لرؤية الرئيس المكلف الذي يريد حكومة من 18 وزيراً لا يكون فيها الثلث المعطل مع أي فريق» .
وتؤكد الأوساط المعارضة، أن «فريق العهد يصور الأمور على غير حقيقتها، ويحاول تحميل الرئيس المكلف مسؤولية التعطيل، في وقت يظهر بوضوح أن الذين يحاولون التمسك بالحصول على الثلث المعطل، هم الذين يعملون على إفشال الرئيس المكلف في مهمة التأليف، سعياً من أجل دفعه إلى الاعتذار، وهو أمر غير وارد في قاموس الرئيس الحريري الذي كان واضحاً في تأكيده أنه يرفض الاعتذار، لا بل أكثر من ذلك، عندما ربط اعتذاره باستقالة رئيس الجمهورية. وهي رسالة واضحة إلى «بعبدا» وتحميلها مسؤولية تعثر تأليف الحكومة . وبالتالي فإنه غاب عن بال العهد وفريقه، أن لا شيئ في الدستور يشير إلى إمكانية سحب التكليف من الرئيس المكلف الذي لم يدخر وسيلة لتشكيل الحكومة، إلا أنه كان يواجه في كل مرة بتعنت الفريق الآخر، وإصراره على تنفيذ شروطه» .
ولا تجزم الأوساط بإمكانية إحداث كوة في جدار التأليف اجتماع الإثنين المقبل بين الرئيسين عون والحريري، باعتبار أن «هناك نقاطاً لا تزال عالقة ولم يتم حسمها، لا بل أكثر من ذلك، فإن المعلومات المتوافرة تشير إلى فريق العهد ما زال على شروطه، ولم يلمس الرئيس المكلف تغييراً نوعياً في مواقف الرئيس عون من الملف الحكومي الذي يبدو أنه لم يتقدم، بدليل أن حلفاء العهد كشفوا أن الأمور ما برحت على حالها، ولا يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد ولادة الحكومة، إلا إذا وافق الرئيس المكلف على شروط رئيس الجمهورية، وهو أمر من سابع المستحيلات، لإنه يطيح بكل ما يحاول الرئيس المكلف بناءه، من أجل إنقاذ لبنان» .
وبانتظار الإثنين المقبل، فإن الأيام الفاصلة ستكون فرصة كما علمت «اللواء» للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، لاستئناف مساعيه في محاولة لتدوير الزوايا، مستفيداً من الأجواء المشجعة التي خرج بها اجتماع بعبدا بالأمس، على أمل الوصول إلى حل لعقبة وزارة الداخلية التي ترجح المعلومات أن تكون في عهدة شخصية قريبة من الرئيسين عون والحريري، وهو الاقتراح الذي يعمل عليه اللواء إبراهيم، في مقابل تخلي رئيس الجمهورية عن الثلث المعطل، وأن تكون حصته من خمسة وزراء، إلى جانب وزير حزب «الطاشناق»، بعدما رفض الرئيس المكلف بشكل قاطع أي بحث في توسيع الحكومة .