كتب محمد دهشة في صحيفة نداء الوطن:
لم تهدأ فوضى حركة البيع والشراء في الأسواق بعد، نتيجة الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار، ولم يستوعب التجّار حجم خسائرهم المالية المتواصلة، على قاعدتي “غلّتنا باللبناني وبضائع بالدولار”، “ما فينا نرفع الاسعار متل الدولار”، فاختار بعضهم القرار الاصعب، “الاقفال طوعاً بانتظار استقرار الصرف أفضل من الافلاس لاحقاً وعنوة”. “سبونتينو دي شادي”، اول مطعم في صيدا قرّر الاقفال الموقّت بسبب الفوضى وارتفاع الدولار، وشكّل اقفاله صرخة من اصحاب المطاعم والمصالح والمهن الحرة الذين يشترون بضاعتهم على سعر الصرف ومجبرين على البيع بالليرة اللبنانية، وبالتالي تكبّد خسائر يومية مع عدم استقرار سعر الصرف.
ورفع صاحب المطعم شادي البابا لافتة كبيرة عند بابه كتب عليها “ما فينا نرفع الاسعار مثل الدولار، مقفل لحين استقرار سعر الصرف… الله المستعان”، وقال: “قرّرنا الاقفال بسبب الارتفاع الجنوني بالدولار وجميع البضاعة نشتريها من التجّار على سعر الصرف العالي واذا قرّرنا البيع حسب ارتفاع الدولار، فإنه لا يمكن للزبون شراء أي سندويش ونحن لا نستطيع رفع الاسعار على أهلنا في صيدا، لذلك اضطررت إغلاق المطعم وعوضي على الله”، موضحاً: “غلّتنا باللبناني وبضاعتنا على سعر الدولار وفي كل يوم يتغيّر سعر الدولار لذلك هناك ارباك فماذا نفعل”؟؟ مسلسل الاقفال تدحرج ككرة الثلج، اذ أعلن مطعم “Grilld” اقفال ابوابه بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار وعدم القدرة على الاستمرار في هذه الظروف، بعدما عمد بعض المتاجر واصحاب المحال في الاسواق التجارية منذ ايام الى اقفال ابوابهم لتفادي المزيد من الخسائر المادية.
ودفعت الفوضى والاقفال بالناشطين في حراك صيدا الى النزول الى الشارع مجدّداً، ونظّم محتجّون في “ارادة شعب” في “التنظيم الشعبي الناصري” وقفة احتجاج امام سراي صيدا الحكومي رفضاً لتردّي الأوضاع المعيشية والضائقة الاقتصادية وتفلّت سعر صرف الدولار، وقطع المشاركون بأجسادهم الطريق الرئيسي بعدما افترشوا الارض، وهتفوا ضدّ تقصير المسؤولين في الرقابة والمحاسبة، وسط انتشار عناصر من الجيش وقوى الأمن الداخلي في المكان.
وقال الناشط سهيل زنتوت: “إنّ الادارات الرسمية لا تقوم بواجبها، نحن نريد بناء الدولة الحديثة العادلة الديموقراطية بحيث تعمل مؤسساتها على خدمة المواطنين وحماية مصالحهم”، مؤكّداً أنّ “المطلوب من مصلحة الاقتصاد تحرير محاضر ضبط بحقّ السوبرماركت المخالفة وبشكل دائم وليس موقّتاً، في ظلّ فقدان المواد المدعومة من حليب الاطفال والزيت والرز”، مستغرباً بأنّ “اكبر ضبط حرّر هو خمسة ملايين ليرة لبنانية وهو مبلغ زهيد امام الطمع والجشع والاحتكار”، داعياً الى “تطبيق المذكرة التي قدمناها الى مصلحة الاقتصاد في الجنوب منذ ايام وعدم التغطية على أحد”.
وامتداداً للغضب، اقفلت العشرات من الصيدليات في صيدا ومنطقتها والبالغ عددها نحو 120 صيدلية ابوابها، التزاماً بالاضراب الذي دعا اليه اصحاب الصيدليات في لبنان، وذلك في رسالة احتجاج على ارتفاع سعر الدولار والازمة الاقتصادية الخانقة وفقدان الدواء من الصيدليات والكلفة التشغيلية الباهظة التي باتت تقع على عاتقهم حيث اقفلوا ابوابهم الا للحالات الطارئة.
واعتبر الصيادلة أنّ “صحّة المواطن على المحكّ والقطاع اصبح يعاني وخساراتنا تتراكم امام اذلال شركات الادوية لنا من خلال التقنين غير المبرّر على الحليب والدواء، وأضحى المواطن عاجزاً عن تأمين أدنى احتياجاته اليومية”. وقال الصيدلي عبد الغني حبلي لـ”نداء الوطن”: “نعاني من النقص في تسلم الأدوية، والشركات تبرّر بقلة الاستيراد من الخارج ارتباطاً بغياب الدعم المطلوب من مصرف لبنان”، مؤكّداً أنّ “القطاع يعيش حالة استنزاف وبات غير قادر على الصمود أكثر، ما يسبّب معاناة اضافية للمرضى”.