عقد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي ربيع بنات، اجتماعا موسعا مع المنفذين العامين للحزب، “لمناقشة آخر التطورات السياسية والاقتصادية الخطيرة التي تعيشها البلاد، والورشة الداخلية الحزبية وتحديد دور القوميين الاجتماعيين في المرحلة الحالية والمقبلة”، بحسب بيان للحزب . وتطرق الى “بعض جوانب الورقة السياسية – الاقتصادية التي تعدها الإدارة الحزبية”.
وأوضح بنات “مقاربة القيادة الحزبية للأزمة الحالية وأبعادها الداخلية والخارجية، وارتباطها بالتطورات في الشام وفلسطين والأردن والعراق، والخطط الأميركية والصهيونية لفرض حصار خانق وتفكيك لبنان وأمتنا، والتي تتكامل مع سلوك قوى محلية سياسية واقتصادية، أخذت على عاتقها ضمان نجاح المشاريع المعادية”.
وإذ أكد أن “الحزب هو أكثر من يشعر بمعاناة شعبنا في لبنان، بل إنه يمكنه أن يتلمس أكثر من غيره عمق الأزمة بسبب طبيعة الحزب العابرة للمناطق والطوائف والكيانات في الأمة، وأن يقرأ الأحداث بشكل أوسع”، أعلن أننا “اليوم نتعرض لحرب تجويع يشترك فيها الخارج وأدواته في الداخل بعد عجز الحرب العسكرية على دمشق وبيروت في تغيير الموقف من الصراع مع العدو”.
واعتبر أنّ “ما يحصل اليوم في لبنان تحديدا، ونحن نشهد على انهيار الكيان والارتدادات المؤلمة على مستقبل شعبنا ومصيره، هو نتيجة لما دأبنا في التحذير منه منذ تأسيس حزبنا وعملنا على مواجهته، فبدأ الثمن باستشهاد زعيمنا على يد النظام الطائفي الفاسد (…)، ثم ما قامت به القوى الطائفية والرجعية المرتهنة من حملات ضد حزبنا وأفكارنا وأبقت النظام اللبناني على تخلفه ومنعت تكامل لبنان الاقتصادي مع محيطه القومي”.
ورأى ان “هذه القوى مستمرة في سياسات التحاصص والتناتش الطائفي، ونهب مقدرات البلد، وضرب القطاعات المنتجة، في سياسة ممنهجة مورست لعقود”.
ولفت بنات إلى أن “الإدارة الفاشلة للأزمة خلال العامين الماضيين، كانت استمرارا لـ”الحريرية السياسية والاقتصادية”، التي كرست الاستدانة والمشاريع الوهمية وفككت القطاعات المنتجة”.
وأضاف: “لم تقم السلطة بأي خطوات جذرية لوضع حد للانهيار، بل رضخت للخيارات الغربية ولم تتعاون مع دول صديقة مثل روسيا والصين، ولم تحاسب أيا من المسؤولين أو الموظفين الرسميين، وسلمت الدفة لكارتيلات الاحتكار وكبار التجار والمتلاعبين بسعر صرف الليرة اللبنانية وسمحت بخروج العملة الصعبة من البلد بحوالات للمحظيين، مع غياب تام لأجهزة الرقابة، وهذا يدل على تواطؤ مكشوف لدى البعض لإسقاط لبنان وتحميل قوى المقاومة والموقف السياسي من الصراع مع إسرائيل المسؤولية، بدل تحمل مسؤولية الفساد والهدر الذي لحق بمقدرات الدولة وأملاكها والملك العام، والاعتراف بالفشل الكلي للنظام الطائفي وعجزه عن تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي، والبحث عن تسويات طائفية مدعومة من الخارج لا تؤسس إلا إلى الاحتراب الدائم كل عقد أو عقدين”.
وربط بين “قانون قيصر” والحصار الأميركي المالي والانفجار في مرفأ بيروت والتركيز الأميركي ــ البريطاني لعزل لبنان عن العمق السوري”، مشيرا إلى أن “أبرز الاستهدافات المعادية اليوم هي وصول اللبنانيين إلى حال من الضعف الاقتصادي تدفعهم نحو التعلق بأي “حبل نجاة”، ولو كان ثمنه التنازل عن الحقوق لمصلحة إسرائيل”، محذرا من “الفصل بين العنوان المطلبي وموقف لبنان الأخلاقي السياسي المصلحي كدولة معادية لـ”الدولة اليهودية”.
وحذر رئيس “القومي” الى “خطورة الطروحات الداعية إلى تقسيم لبنان، وتزامنها مع دعوات الحياد المشبوهة في عودة إلى انقسام دفع لبنان ثمنه 15 عاما من الاقتتال الدموي”.
وأشار إلى أن “بعض القوى الطائفية تعتقد أنها تستطيع استغلال الظروف والتذرع بسقوط الدولة المركزية لإعادة تسويق أوهامها بتقسيم لبنان إلى كنتونات تحت عناوين مقنعة، تبدأ باللامركزية الموسعة ولا تقف عند الفيدرالية والكونفيدرالية التي يحاول الأميركيون، فرضها بالتوازي، في الشرق السوري”.
وانتقد “المماطلة اللاأخلاقية في تأليف حكومة جديدة في انتظار التعليمات الخارجية، داعيا إلى “تأليف حكومة إنقاذ تقودها شخصية وطنية قادرة”.
ورفض بنات “رفع الدعم عن المواد الأساسية البديهية لحياة المواطنين، من دون أي عملية ترشيد للدعم نحو القطاعين الزراعي والصناعي وقيام الدولة بعمليات الاستيراد مباشرة، بدل ترك الأمر للتجار والمحتكرين المرتبطين بالقوى الطائفية على قاعدة المحاصصة، الذين كدسوا الثروات خلال المرحلة الأخيرة على حساب المواطنين وما تبقى من القطع الأجنبي في المصرف المركزي”.
ورأى أنّ”الأزمة اللبنانية الاقتصادية لا يمكن أن تحل إلا ضمن حل قومي تكاملي بين لبنان ومحيطه بدءا من دمشق، وخصوصا مع تشابه الظروف إلى حد الكمال بين الواقع النقدي والمالي في كل كيانات الأمة، وهذا الحل يتطلب أولا شبكة واسعة للمواصلات البرية والبحرية وخطوط النقل، تصل بيروت بدمشق وبغداد وعمان وتصل الأطراف في الأمة مع المدن الرئيسية، لتغيير الدينامية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد نحو الإنتاج والتفاعل بين كل أبناء شعبنا”.
وأوضح أن “الورقة السياسية الاقتصادية للحزب ستطرح مجموعة من الحلول العلمية التي نعتقد أنها الطريق الوحيد لنهوض البلاد وشد وحدتها الداخلية ومواجهة الأطماع الخارجية”.
وتوجه إلى المنفذين العامين بالقول: “إن الحالة العامة التي وصلت إليها البلاد، واليأس والفقر والعوز والإحباط الذي يعاني شعبنا، يجعل العقيدة القومية الاجتماعية أكثر حضورا وقوة لتثبت صحتها والحاجة إليها بعد 100 عام على سايكس – بيكو و 89 عاما على تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي”.
وقال بنات إنّ “مسؤولية القوميين اليوم أكبر وأكثر خطورة، وهم سيحملونها لأن أكتافهم أكتاف جبابرة، وعلى هذا الأساس وضع باعث النهضة أنطون سعاده ثقته فينا”.
وأكد أن “دور القوميين يبدأ من نشر الوعي حول الهوية والانتماء وشرح آليات مواجهة الظروف الاقتصادية الخطيرة على المستويين الشعبي والرسمي وضرب نهج الفساد والمحاصصة في مؤسسات الدولة والمجتمع، وصولا إلى مواجهة التقسيميين والطائفيين الذين يراهنون على الإرادات الخارجية وطبعا مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بكل الأشكال، ولا سيما المواجهة العسكرية”.