كتب علي زين الدين في “الشرق الاوسط”:
تترقب الأسواق المالية في بيروت ماهية التدابير التقنية الجديدة التي يزمع البنك المركزي تنفيذها بدءاً من الأسبوع المقبل، والتي تقضي بضم الجهاز المصرفي إلى منصة تشاركية لمبادلات العملات، إلى جانب شركات الصرافة من الفئة الأولى، طبقاً لما نشرته «الشرق الأوسط»، وذلك بهدف الحد من الفوضى النقدية وسيطرة الأسواق الموازية على سوق القطع، حيث فقدت الليرة نحو 50 في المئة إضافية من قيمتها خلال أيام قليلة.
وأكد مسؤول مصرفي، لـ«الشرق الأوسط»، أن حاكم البنك المركزي، رياض سلامة، أبلغ المرجعيات الدستورية بحزمة إجراءات تقنية تهدف إلى إعادة الانتظام إلى سوق القطع عبر قيد الجزء الأكبر من العمليات النقدية وتنفيذها عبر المنصة الإلكترونية لديه، وضرورة تحفيز المصارف للمشاركة في تلبية سوق العرض والطلب، مقرونة باستعداده للتدخل عند حصول فوائض أو موجات، وهو ما يكفل إعادة الانتظام تدريجياً وتضييق هوامش البيع والشراء للعملات منعاً للمضاربات.
ولوحظ أنه بمجرد تحريك الملف الحكومي وتلويح البنك المركزي بالعودة إلى التدخل في مبادلات العملات خارج نطاق السعر الرسمي للدولار، أنتج انكفاء سريعاً في الأسواق الموازية، حيث هدأت العمليات نسبياً وضاق معها الهامش السعري إلى حدود مائة ليرة فقط لبيع الدولار وشرائه بين 11.5 و11.6 ألف ليرة في مبادلات الأمس، علماً بأن الدولار قارب مستوى 10.5 ألف ليرة ليل الخميس، ارتداداً من تحليق سعر إلى حدود 15 ألف ليرة.
ورداً على سؤال بشأن الآليات والمبالغ التي سيقررها البنك المركزي، رجح المسؤول المصرفي أن يتم الاعتماد على سعر استرشادي للدولار عبر المنصة الإلكترونية، وسينقص حتماً عن المستوى المبالغ به في التداولات الأخيرة للأسواق الموازية، وربما يعود به إلى ما قبل الطفرة الأخيرة، أي ما يقارب 9 آلاف ليرة، وذلك ضمن استهداف تحديد هوامش سعرية معتدلة تتولاها المصارف والصرافون تحت مظلة البنك المركزي، وتدخله في ضخ السيولة. كما يتوقع، في مرحلة تالية، استهداف إعادة امتصاص أجزاء وازنة من الكتلة النقدية الضخمة بالليرة، وبما يشمل إعادة النظر بالتعميم 151 الذي يتيح السحب من الودائع الدولارية لزبائن المصارف بسعر 3900 ليرة. وهذا الموضوع لا يزال موضع اقتراحات متباينة في المجلس المركزي لمصرف لبنان.
ولم يتوجه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى القصر الجمهوري أمس لكنه استقبل شربل قرداحي المستشار المالي لرئيس الجمهورية. وبدا واضحاً في الجولات التشاورية التي ختمها سلامة، بعدما شملت الرئيس المكلف بتأليف الحكومة سعد الحريري ووزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، أهمية التوازي بين التدابير التقنية البحتة وفرص التقدم في المعالجات الداخلية، سعياً إلى إعادة انتظام الأسواق ودرء المخاطر الأمنية والاجتماعية التي تعكسها الفوضى النقدية العارمة.
كما تبين أن حاكمية البنك المركزي تنشد المظلة السياسية الجامعة للإقدام على مجموعة تدابير تسهم في كبح التدهور وتتيح استخدام جزء من الاحتياطي الإلزامي للودائع البالغ نحو 16 مليار دولار، بسبب قرب نفاد الاحتياطي الحر من العملات الصعبة، الذي تدنى إلى نحو مليار دولار فقط منتصف الشهر الحالي.
وأعلن الحاكم أن «المصرف المركزي قرر إطلاق العمل بالمنصة الإلكترونية العائدة له بحيث يتم تسجيل كل العمليات وتصبح هي المرجع الأساسي للسعر الحقيقي للسوق». ويتضمن قرار مصرف لبنان أيضاً السماح للمصارف ابتداءً من الأسبوع المقبل بالتداول في العملات مثل الصرافين الشرعيين وتسجيل العمليات بالسعر الحقيقي على المنصة، على أن تتابع لجنة الرقابة على المصارف حسن سير العمل.
وسيتدخل مصرف لبنان لامتصاص السيولة كلما دعت الحاجة، حتى يتم ضبط سعر الصرف، وفقاً للآليات المعروفة. كما أبلغ رئيس الجمهورية حاكم مصرف لبنان، ضرورة التشدد للجم المضاربات وتنظيف القطاع المصرفي والتصميم على استعادة الثقة.