تحرّكت المساعي على خط تشكيل الحكومة في لبنان بعد اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري في القصر الجمهوري، حيث اتّفقا على موعد آخر يوم الاثنين المقبل من المُفترض أن يحمل معه “إجابات حول كيفية الوصول إلى تشكيل حكومة”، بحسب ما قال الحريري بعد اللقاء، متحدثاً عن فرصة للتأليف.
ومع أن شكل التركيبة الوزارية الذي يتراوح بين تأليف حكومة اختصاصيين لمهمة محددة وتكنوسياسية تجمع القوى والأحزاب الرئيسية، لا يزال محط خلاف بين القائمين على عملية التشكيل بالإضافة إلى حجم الحكومة (18 أو 20 وزيراً) وتوزيع الحقائب الوزارية وفقاً للأحجام، غير أن الجزء الخفي من العقبات التي لا يزال يمنع الاتّفاق على الحكومة، وهو برنامج عملها السياسي الذي ما زال محط أخذ وردّ في كواليس الطبخة الحكومية.
شرطان سياسيان
فبحسب مصادر سياسية مطّلعة تحدّثت لـ”العربية.نت” فإن المجتمع الدولي يشترط على حكومة الحريري أمرين أساسيين إذا التزمت بهما يُفتح لها باب المساعدات التي هي بأمسّ الحاجة إليها.
-الشرط الأوّل، إحياء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل برعاية الأمم المتحدة كخطوة أساسية تمهيداً لبدء مرحلة التنقيب عن الغاز في مقابل ترسيم الحدود البرية مع سوريا ونشر الجيش اللبناني على طول السلسلة الشرقية بهدف ضبط التهريب على أنواعه.
“حوثي لبنان”
أما الشرط الثاني، بحسب المصادر فيكمن في “إيجاد آلية معيّنة لضبط سلاح حزب الله في الداخل اللبناني، خصوصاً صواريخه الدقيقة.
فقد أبلغ الجانب الإسرائيلي روسيا رفضه أن يتحوّل حزب الله إلى “حوثي لبنان” يُرسل كل يوم المسيّرات ويُطلق الصواريخ، وإلا فإن لبنان سيُدمّر فوق رؤوس شعبه.
من هنا يُفهم هدف الدخول الروسي على خط ملف لبنان، حيث شكّلت موسكو مطلع الأسبوع محجّاً للزوّار المعنيين، أوّلهم وفد من حزب الله برئاسة رئيس الكتلة النيابية النائب محمد رعد ثم وزير الخارجية الإسرائيلي غابي اشكنازي.
ورقة روسيا البيضاء
فعشية توجّه اشكنازي إلى موسكو، كان لافتاً الغارات التي شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي ضد مواقع عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني وحزب الله في سوريا، في رسالة روسية على شكل “ورقة بيضاء” لإسرائيل، من أجل ضرب القواعد الإيرانية في سوريا.
وعليه، أوضحت المصادر “أن الجانب الروسي كُلّف دولياً برعاية وضعية حزب الله في سوريا وضمان عودته إلى لبنان والانخراط في الحياة السياسية شأنه شأن الأحزاب الأخرى بعيداً من تأثير وهج سلاحه على الاستحقاقات الداخلية.
كذلك، أبلغت موسكو وفد حزب الله الذي زارها مطلع الأسبوع أن طبخة التسوية في سوريا استوت ولن يكون لإيران وميليشياتها دور فيها، وأن الشرطة الروسية ستضمن ضبط الحدود من الجولان إلى دمشق لمنع أي خرق أمني”.
ضغط فرنسي-روسي
بالتوازي مع الدخول الروسي القوّي على خط الأزمة اللبنانية، وتحوّلها مقصداً للزوّار المعنيين، حيث من المُرجّح أن يحطّ فيها الرئيس سعد الحريري الأسبوع المقبل بعد أن كان التقى وزير خارجيتها سيرغي لافروف أثناء زيارته إلى أبوظبي الأسبوع الماضي، هناك ضغط أوروبي، وتحديداً فرنسي على عملية تسريع تشكيل حكومة مهمة والمتوقّع أن يُترجم بعقوبات على المسؤولين اللبنانيين، وهو ما ألمح إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقوله “إن زمن اختبار المسؤولية قد اقترب من النفاد وسنحتاج في الأسابيع المقبلة، بوضوح شديد، إلى تغيير مقاربتنا ونهجنا”.
وفي حين أعاد الحراك الدولي المستجدّ تجاه ملف لبنان، تحريك الاتصالات واللقاءات، غير أن الامل بتفتيت جبل الأزمة ليس قريباً، وهو ما أشار إليه النائب السابق عن “تيار المستقبل” أحمد فتفت لـ”العربية.نت”.
واعتبر “أن إيران لن تتخلّى بسهولة عن ورقة لبنان من دون أن تحصل على ضمانات في السياسة”.
كما قال إن “أي حكومة مهما كان شكلها ورئيسها وبرنامج عملها لن تستطيع تحقيق الإنتاجية المطلوبة ما دام حزب الله في هذه الوضعية العسكرية. فهل يُمكن مثلاً اتّخاذ قرار بضبط الحدود مع سوريا من دون موافقة الحزب”؟
حزب الله لا يثق بروسيا
إلى ذلك، رأى “أن روسيا تحاول حجز دور لها في ملف لبنان، إلا أن تركيزها الأساسي ينصبّ على سوريا، واستبعد أن تكون “الضمانة” لوضعية حزب الله في لبنان، لأنه لا يثق بها، لاسيما وأن الضربات الإسرائيلية التي يتلقّاها في سوريا تتم “برضى” روسي”.
وختم قائلا إنه “لا حلّ لأزمة لبنان إلا من خلال مبادرة البطريرك الماروني مار بشارة الراعي الذي دعا فيها إلى حياد لبنان عن الصراعات القائمة في المنطقة”.