كتبت رحيل دندش في “الاخبار”:
خرج وباء «كورونا» عن السيطرة في محافظة بعلبك – الهرمل التي كانت أوضاعها الى وقتٍ قريب «مستقرة». هناك، لا حاجة إلى الإحصاءات كي يتبيّن المراقب «أحوال» الفيروس. تكفي رؤية الطوابير أمام المستشفيات طلباً لسرير لم يعد متوافراً في العناية الفائقة. وما يزيد الطين بلة زيادة عدد الإصابات ما دون الأربعين عاماً، والتي تتطلب تدخلاً طبياً، في مقابل انخفاض أعداد المسجلين على منصة وزارة الصحة العامة لتلقّي اللقاحات.
صحيح أن لـ«الدولة» دوراً في ازدياد عدد الإصابات بسبب إهمالها إجراءات الضبط في فترات الإقفال، إلا أن أهل المنطقة يحملون المسؤولية الأكبر، خصوصاً في ظل التفلت من إجراءات الوقاية. وهو ما أشار إليه رئيس بلدية مدينة بعلبك، فؤاد بلوق، متطرّقاً إلى «الأعراس والمآتم والتجمعات في المقاهي والمطاعم، وكأننا نعيش في أحسن الأحوال».
هذا الاستهتار أدى إلى «تفويل» غرف الاستشفاء في المراكز الصحية والمستشفيات في المنطقة، و«لم تعد اتصالاتنا بالمستشفيات في المنطقة لإيجاد سرير لمريض بحالة حرجة تجدي نفعاً؛ إذ إن كل المستشفيات ممتلئة بالمصابين». الدكتور علي علام، رئيس مستشفى دار الأمل الجامعي، يشير إلى «أزمة نقص في الأماكن بسبب ازدياد حالات الإصابة، لا بسبب أزمة نقص في المعدات الطبية. ولسنا قادرين حالياً في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار على زيادة عدد الأسرّة». لذلك، فإن «توافر أمكنة هو محض حظ، إذ إن الأسرّة تتوافر للحظات فقط، وسرعان ما تمتلئ بمصابين جدد».
«قبل فترة وجيزة، كان مرضى العاصمة وجبل لبنان يأتون إلى مستشفيات بعلبك لتوافر الأماكن فيها، أما اليوم فصار الاتجاه معاكساً»، بحسب المستشار الإعلامي لوزير الصحة رضا الموسوي، لافتاً الى أن البقاع «أقل منطقة في التسجيل على المنصة، رغم تفشّي الإصابات فيها»، عازياً ذلك إلى «خوف الكثيرين أو عدم اقتناعهم به».
بالأرقام، يوجد في بعلبك – الهرمل نحو 150 سرير عناية فائقة لمرضى كورونا «كلها مشغولة»، و250 سريراً للحالات العادية موزّعة على 5 مستشفيات في بعلبك، وهي مستشفى بعلبك الحكومي وابن سينا والحكمة ودار الأمل وقسم قيد التجهيز في مستشفى المرتضى، ومستشفيين في الهرمل، هما مستشفى الهرمل الحكومي والعاصي.
يصف مدير مستشفى الهرمل الحكومي، سيمون ناصر الدين، الوضع في المنطقة بـ«الكارثي»، مشيراً الى أن المستشفى يضم 14 سرير عناية فائقة للكورونا «دائماً مفوّلين، وما أن يخرج أحدهم حتى نجد اثنين في الانتظار». أما بالنسبة إلى مسار التلقيح، فيشير ناصر الدين إلى أنه «لا إقبال على اللقاحات رغم افتتاح مركز في المستشفى منذ ثلاثة أسابيع». ويوضح أنه «في قضاء الهرمل 3000 شخص فقط سجّلوا أسماءهم على المنصة، في منطقة يتجاوز عدد سكانها 60 ألف نسمة»، مشيراً الى أنه «لنكون في وضع طبيعي يجب أن يسجل ما لا يقل عن 20 ألف شخص». والحال نفسها في بعلبك حيث التسجيل على المنصة متأخر جداً، وفق بلوق.
اليوم، تعيش بعلبك – الهرمل في سباق مع الوقت، و«لا حلّ إلا بتلقّي اللقاح الذي يخفف جداً من الإصابات والوفيات»، على ما يؤكد المعنيون. وفي هذا السياق، يقول الموسوي إن «على البلديات التي تمتلك مجموعات على تطبيق واتساب وصفحات على موقع فيسبوك، كما الجمعيات والمخاتير، مساعدة الناس وتوجيههم للتسجيل على المنصة. الأمر يحتاج إلى همّة قبل فوات الأوان».