Site icon IMLebanon

تشكيل الحكومة يدخل النفق المسدود!

كتب عمر حبنجر في “الأنباء الكويتية”:

فشل اللقاء الثامن عشر بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في التوصل الى الحد الأدنى من التفاهم على تشكيلة حكومية طال انتظارها خمسة اشهر حتى الآن.

وتمسك كل من الرئيسين بحدود مواقفه، ما أثار المخاوف من اتجاه البلد الى مزيد من الانهيار الاقتصادي والتوتر والانقسام، وخسارة الليرة بعض المكاسب التي حققتها بعد تبخر الأمل الذي عقد على اللقاء منذ الاعلان عنه الخميس الماضي وترجم انخفاضا ملحوظا في سعرها امام الدولار.

والراهن أن عون عاد الى المطالبة بالثلث المعطل في حكومة تكنو- سياسية وقدم للحريري لائحة وزارية ليملأ الاسماء التي تركها فارغة، في سابقة هي الأولى من نوعها، فردها الحريري له بعد الاطلاع كونها تشكل خرقا لروح الدستور.

بدوره، الحريري أصر على حكومة المهمة من الاختصاصيين وبأن يسمي هو الوزراء ويطرحهم على الرئيس.

وعاد الطرفان الى الطريق المسدود لتتصاعد التصريحات المطالبة باستقالة النواب وبالتالي حل مجلس النواب، وهذا ما نادى به خصوصا النائب السابق انطوان زهرة، العضو في القوات اللبنانية وهو يلتقي مع حزب الكتائب، وقد دعا عبر قناة الجديد كلا من تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي الى استقالة جماعية لإسقاط المجلس، وإجراء انتخابات نيابية جديدة في غضون ثلاثة اشهر معتبرا ان ذلك هو المخرج الوحيد.

مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية قالت ان الحريري قال لعون ان “هذا الأسلوب غير مقبول ولا يمكن التعاطي بهذه الطريقة اي ارسال تشكيلة لإسقاط ما تبقى من الاسماء عليها”.

وأضافت ان الحريري قد حضر الى بعبدا مستعجلا جدا ومستاء وكان يرغب في المغادرة بعد عشر دقائق وعندما حاول الرئيس عون مناقشته، لم يتوصلا الى حل.

أما الحريري​، فكشف في تصريح له بعد لقائه عون​، الى ان الرئيس استبق صعوده المتفق عليه إلى بعبدا أمس، بإرسال «تشكيلة تتضمن ثلثا معطلا لفريقه وطلب مني أن أعبئها، ونتضمن الورقة ثلثا معطلا لفريقه السياسي، بـ 18 وزيرا او 20 أو 22.

طلب مني فخامته اقتراح اسماء للحقائب حسب التوزيعة الطائفية والحزبية التي حضرها هو».

وتابع الحريري: “بكل شفافية، قلت للرئيس عون هذه التشكيلة غير مقبولة لأن الرئيس المكلف «مش شغلتو يعبي ورق من حدا»، ولا دور رئيس الجمهورية أن يشكل الحكومة، وثانيا لأن دستورنا يقول بوضوح الرئيس المكلف يشكل الحكومة ويضع الاسماء، ويتناقش بالتشكيلة مع فخامة الرئيس”.

وأضاف: “على هذا الأساس، أبلغت الرئيس عون بكل احترام، أنني أعتبر رسالته كأنها لم تكن وقمت بردها اليوم وأبلغته بأنني سأحتفظ بنسخة منها للتاريخ”.

وكشف الحريري انه قال “ان تشكيلتي بين يديه منذ 100 يوم وجاهز لأي اقتراحات وتعديلات بالأسماء والحقائب، وحتى اصراره على وزارة الداخلية قمت بتسهيل الحل له. لكن مع الأسف جوابه الواضح: الثلث المعطل”.

وشدد الحريري على أن «هدفي واحد، وضع حد للانهيار ومعاناة اللبنانيين. وطلبت من فخامة الرئيس أن يسمع اوجاع اللبنانيين، ويعطي البلد فرصته الوحيدة والأخيرة بحكومة اختصاصيين تقوم بالإصلاحات وتوقف الانهيار، بلا تعطيل ولا اعتبارات حزبية ضيقة».

وختم: «بالانتظار، ولأن فخامة الرئيس قال بخطابه الاخير أنني لم أقدم له الا خطوطا عريضة، سوف أوزع عليكم التشكيلة الكاملة بالأسماء والحقائب التي قدمتها له في 9 كانون الأول 2020، منذ اكتر من 100 يوم، وأترك الحكم عليها للرأي العام»، وردا على سؤال ان كان سيعتذر قال الحريري “لن اعتذر”.

في المقابل، اشار المستشار السياسي والاعلامي لرئيس الجمهورية، انطوان قسطنطين الى ان “رئاسة الجمهورية​ فوجئت بكلام وأسلوب الحريري، شكلا ومضمونا”.

ولفت قسطنطين، في بيان للرئاسة، إلى أن “رئيس الجمهورية، وانطلاقا من صلاحياته ومن حرصه على تسهيل وتسريع عملية التشكيل، لاسيما في ضوء الظروف القاسية التي تعيشها البلاد، أرسل الى رئيس الحكومة المكلف ورقة تنص فقط على منهجية ​تشكيل الحكومة​، وتتضمن 4 أعمدة يؤدي اتباعها الى تشكيل حكومة بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف”.

كما أوضح أن “العمود الأول لوضع الوزارات على أساس 18 او 19 او 20 وزيرا، والعمود الثاني يندرج تحته توزيع الوزارات على المذاهب عملا بنص المادة 95 من الدستور، في وقت يفند العمود الثالث مرجعية تسمية الوزير، بعد ان افصح رئيس الحكومة المكلف ان ثمة من سمى وزراءه، على ما تظهره اصلا التشكيلة التي ابرزها الرئيس المكلف”.

وأفاد بأن “العمود الرابع يذكر الأسماء بعد إتمام الاتفاق على المذهب ومرجعية التسمية”.

وأعرب قسطنطين عن أسفه من أن «يصدر عن دولة الرئيس المكلف، منفعلا، اعلان ​تشكيلة حكومية​ عرضها هو في 9 كانون الأول 2020، ولكنها اصلا لم تحظ بموافقة رئيس الجمهورية كي تكتمل عناصر التأليف الجوهرية»، مشددا على أن “الورقة المنهجية يعرفها الحريري جيدا، وهو سبق ان شكل حكومتين على أساسها في عهد الرئيس عون”.

وأكد أن “هذه المرة، اختلف أسلوب الحريري، إذ كان يكتفي بكل زيارة للقصر الجمهوري بتقديم تشكيلة حكومية في غالب الأحيان ناقصة، وفي كل الأحيان لا تظهر فيها مرجعية التسمية”.

وأضاف، “ان رئيس الجمهورية حريص على تشكيل حكومة وفقا للدستور، وكل كلام ورد على لسان رئيس الحكومة المكلف وقبله رؤساء الحكومات السابقين حول ان رئيس الجمهورية لا يشكل بل يصدر، هو كلام مخالف للميثاق والدستور وغير مقبول، ذلك ان توقيعه لإصدار مرسوم التأليف هو انشائي وليس اعلانيا”.

وأكد أن «الأزمة حكومية فلا يجوز تحويلها الى ازمة حكم ونظام، إلا إذا كانت هناك نية مسبقة بعدم تشكيل حكومة لأسباب غير معروفة ولن نتكهن بشأنها».