IMLebanon

مستشفيات النبطية تصرخ: “ما بقى في أسرّة شاغرة”

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

“ما بقى في أسرّة شاغرة، يا ناس إرحمونا”، هي صرخة بدأت تخرج من قلب مستشفيات النبطية، التي باتت عاجزة عن استقبال أي مصاب “كورونا”. فالوضع داخل المستشفيات “ما بطمّن”، والمؤشرات تؤكّد أنّ الوضع الصحّي “فلت” نتيجة استهتار الناس بالوقاية، وإنشغالهم بالبحث عن “المدعوم” داخل المحال والدكاكين، غير آبهين بالتباعد ولا الوقاية. فالازمة المعيشية طغت في الايام الماضية على الازمة الصحّية التي خرجت الى العلن مجدّداً، وهذه المرة من داخل غرف “كورونا” الممتلئة، حيث المرضى بالعشرات معظمهم على أجهزة التنفّس، والبعض الآخر ينتظر في غرف طوارئ، علَّ حظهم يسعفهم بإيجاد سرير بات من الصعب الحصول عليه وسط تفاقم الإصابات.

داخل قسم “كورونا” في مستشفى النبطية الحكومي تبرز الازمة، هنا للمعاناة حكايتها، وللوجع ايضاً. وحدها أصوات أجهزة التنفّس تسيطر على المكان، ووحده الخوف يخيّم على وجوه المرضى المعلّقين على أجهزة تنفّس إصطناعي، يتعلّقون بأمل صغير يخلّصهم من وباء “كورونا”، الكلّ ينتظر الخلاص.

اكثر من 65 غرفة داخل قسم “كورونا” هي”مفوّلة” والحبل على الجرّار، معاناة المصابين كبيرة، ماذا لو مات أحدهم على باب الطوارئ أو بحثاً عن سرير بين مستشفى وآخر؟ من الذي اوصل الأزمة الصحّية الى هذا الدرك الخطير؟ وماذا ينتظر منطقة النبطية التي دخلت الخط الأحمر في عدد الإصابات؟

حسن، أحد المصابين على أجهزة التنفّس في إحدى غرف العناية في المستشفى الحكومي خسر والده قبل اسبوع، والدته تواجه الموت ايضاً بسبب الوباء، فيما يعاني إخوته الثمانية مرارة “كورونا”، يبكي مصيبته، “كان واحداً من المستهترين” كما يقول، “حين أصيب والدي كنت أعتني به، كان رجلاً مقعداً، مات بين يدي، وانا اليوم اواجه الموت عينه بسبب “كورونا”، خنق رئتي ويخنق حياتي أيضاً”.

بالكاد يلتقط حسن أنفاسه، هو الذي اعتاد على الحرية، يرقد اليوم بين أشرطة التنفّس، لا يخفي حسرته ولا يتردّد بالقول “عُوا قبل فوات الاوان، إقلبوا الصفحة وابدأوا بالوقاية لا تتساهلوا، ليس سهلاً ايجاد سرير، بقيت يومين في الطوارئ حتى وجدت سريراً”.

يبدو أنّ موجة “كورونا” الجديدة ترمي بثقلها على المستشفيات كما المنازل، فالوباء توغّل في عمق العائلات، ووضع المستشفيات على حدّ الإنهيار الصحّي، بالكاد يتمكّن الجهاز التمريضي والطبّي من التقاط انفاسه، فالوضع بنظره من سيّئ الى أسوأ، بات صعباً عليهم مواصلة النضال في الصفوف الامامية في ظلّ الوضع المتدهور صحّياً. علامات الخوف تبدو واضحة على الجميع، ولكن ما باليد حيلة، يواصلون مواجهتهم الوباء باللحم الحي، في ظلّ لاوعي الناس، والآتي أخطر.

لم يتأخّر مدير مستشفى النبطية الحكومي الدكتور حسن وزنة بإطلاق صرخة صحّية من داخل اقسام كورونا “المفوّلة”، يرى الصورة سوداوية ويؤكّد أنّ الازمة مرجّحة للتفاقم اكثر في ما لو استمرت حالات الاستهتار على ما هي عليه.

كان يعتقد وزنة انه بزيادة أعداد الأسرّة داخل المستشفى 17 سريراً سيخفّ الضغط عن القسم ويريح الطاقم الطبّي، غير أنّ آماله خابت، الأعداد الى ارتفاع، والمستشفى الذي يضمّ 65 سريراً ويُعدّ واحداً من أكبر اقسام “كورونا” في لبنان يقف عاجزاً عن استقبال أي مريض آخر. يقول وزنة: “لم نسترح، دخلنا مرحلة الخطر الفعلي وبات صعباً استقبال أي مصاب، حتى غرف الطوارئ “مفوّلة” وكثر من المصابين ينتظرون يومياً عند أبواب الطوارئ، علّ الحظ يسعفهم في إيجاد سرير ولكن للأسف الامر صعب”.

ويلفت الى انه “يفترض بكلّ الجهات المحلية والمعنية أن تأخذ دورها، وأن تبادر باقي المستشفيات الى زيادة عدد الأسرّة، فالاستهتار الحاصل دفع بالاعداد لترتفع بشكل خطير في ظلّ وجود متحوّرات عديدة، ومعظم الاصابات تحتاج عناية فائقة”.

ويرى وزنة انه بات من الضروري تشكيل وحدة تنسيق بين الوزارة والمستشفيات لتحويل المرضى بسرعة قياسية، إذ يصعب ايجاد سرير في أي مستشفى.

ليست الحكومة وحدها التي تعاني، ايضاً مستشفى النجدة الشعبية وراغب حرب، كلاهما “مفوّل” فإذا كان عدد أسرّة النجدة لا يتعدّى الـ12 سريراً فأسرّة “كورونا” داخل مستشفى راغب حرب يصل الى 82 سريراً وجميعها “فول”، والانتظار داخل الطوارئ يحتاج اياماً والوضع سيّئ، يقول احد الاطباء لـ”نداء الوطن”، ويرى أنّ “تفاقم الاعداد اليومية ينمّ عن حالة انفجار صحّي خطيرة قد تجد المستشفيات صعوبة في مواجهته والمطلوب الوعي، غير أنّ الناس “مش فارقة معها” تتصرّف كما لو كان “كورونا” في خبر كان، وحين تقع الكارثة الكلّ يصرخ”.. ويضيف “إرحمونا”.