كتب عماد مرمل في “الجمهورية”:
من حين الى آخر، يخضع التحالف بين «حزب الله» وحركة «امل» الى الاختبارات فوق سطح الرمال السياسية المتحركة التي يطفو عليها البلد، الأمر الذي يفتح الباب على التأويلات، قبل ان تسارع قيادتا التنظيمين الى إقفاله مجدداً.
ليس خافياً انّ هذا التحالف يزعج البعض محليا وخارجيا، بفعل ما رتّبه من مفاعيل على المعادلات المتصلة بالتوازنات الداخلية من جهة وبدور المقاومة من جهة أخرى. وبالتالي، فإنّ المتحمسين له مقتنعون بأنّ المتضررين منه يسعون الى الاستفادة من كل فرصة او حتى نصف فرصة للتصويب عليه وإضعافه.
وفيما يفترض خصوم الحزب و”أمل” ان مصالحهما ليست واحدة دائما وان ما يفرقهما ليس بسيطاً مهما حاولا التمويه كما تدل التوترات على مواقع التواصل الاجتماعي، يلفت في المقابل قريبون من الثنائي الشيعي الى انّ الفروقات التي تسجل ضمن اوقات متباعدة هي طبيعية وموضعية ولا يمكن ان تصل إلى حد الافتراق او الانقسام، «ولذلك فإن اي اصطياد في الماء العكر لن يجدي نفعاً».
وخلال الايام الماضية، بَدا ثنائي «امل» والحزب امام امتحان جديد بعدما راجت في اوساط سياسية واعلامية استنتاجات تفيد بأن عوارض تمايز او تباين بدأت تظهر على علاقتهما، وتحديداً في ما خص مقاربة كل منهما للازمة الحكومية وللموقف من رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري.
وبَنت تلك الاوساط اجتهاداتها على خطاب الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في يوم الجريح وبيان المكتب السياسي لحركة «امل» امس الأول، حيث استنتجت ان الطرفين تبادلا الرسائل السلبية المشفرة التي أظهرت، في رأيها، غياب التفاهم على هوية الحكومة المقبلة، فما صحة هذه الاجتهادات؟ وهل من فتور مستجد على خط عين التينة – حارة حريك؟
يؤكد مصدر قيادي في «حزب الله» ان العلاقة بين الحزب وحركة «امل» ليست فقط استراتيجية بل وجودية، “والعلاقة بين السيد حسن نصرالله والرئيس نبيه بري ليست فقط سياسية بل وجدانية، وما يكنّه كل منهما للآخر من ود وتقدير هو أكبر مما يظنّه او يعرفه كثيرون”.
ويعتبر المصدر ان من يراهن على خلاف بين الجانبين «يُضيّع وقته ويراهن على سراب لن يتحقق»، لافتاً الى انّ هناك في الداخل والخارج من يريد ضرب تحالفهما، “لكن لن يستطيع احد مهما كبر او صغر ان يشوّش عليه او ان يزرع الشقاق بين طرفيه، ومن لا يزال يصر على محاولة افتعال فتنة داخل الصف الشيعي نقول له بوضوح: إلعب غيرها وخيّط بغير هالمسلّة”.
ويشير المصدر الى ان هناك تنسيقا مشتركا حول كل كبيرة وصغيرة، من السياسة الى الأرض، “وغير صحيح انه يوجد خلاف على مسألة الحكومة. وبالتالي، فإنّ الذين استندوا الى البيان الصادر امس الأول عن حركة «امل» في الشأن الحكومي ليحاولوا دق إسفين بينها وبين الحزب هم واهمون ويرتكبون خطأ كبيراً في حساباتهم”.
ويوضح المصدر انّ «حزب الله» أعلن منذ البداية عن موافقته على تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين، “والسيد نصرالله لم يتنصّل في خطابه الاخير من هذه الموافقة ولم ينقلب على المبادرة الفرنسية، بل أعطى نصيحة بتشكيل حكومة تكنوسياسية لا أكثر ولا أقل، وهو أكد منعاً لأي التباس انه اذا اتفق الرئيسان عون والحريري على حكومة اختصاصيين فإنّ الحزب سيرحّب ولن يتراجع عن قبوله بها”.
ويشدد المصدر القيادي في الحزب على أن هذا الطرح يتقاطع مع الدعوة التي أطلقتها حركة «امل» لتشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين من باب تسهيل الأمور، “واذا كان موقفها قد صدر بعد خطاب نصرالله فلا يعني ذلك انه اتى في سياق الرد عليه، ومن ارتكز على توقيت بيان «امل» ليستنتج ان الثنائي الشيعي منقسم هو مشتبه”.
ويضيف المصدر: لا صحة للمعادلة التي تصور أن «أمل» تدعم الحريري في مواجهة دعم الحزب لعون او بالعكس، والاكيد ان الحزب لم يبدّل خياراته، فهو بعد خطاب السيد لا يزال يتمسك بخيار الحريري لرئاسة الحكومة لأنّ ما من بديل واقعي عنه لهذه المرحلة، ولكن ندعوه في الوقت نفسه الى التفاهم مع عون.
ويشير المصدر الى أن اجتماع أمس الأول بين قياديين من «امل» والحزب كان “للرد بشكل قاطع على المروّجين للفتنة وحتى نفقأ عيونهم، علماً انّ هذا اللقاء يتكرر كثيرا بعيدا من الاضواء إنما تقرر الإعلان عنه هذه المرة لتأكيد صلابة تحالف «امل» والحزب واستمراريته”.
ويشدد المصدر على أن وحدة الصف هي خط أحمر، ممنوع تجاوزه اياً تكن الظروف، “وقد أثبتت التجربة انّ تحالف التنظيمين يعود بمردود إيجابي ليس فقط على الطائفة الشيعية وإنما على لبنان أيضاً”.
وكان قد عقد امس الاول اجتماع تنسيقي ضَم المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل ومسؤول الاعداد المركزي في «أمل» احمد البعلبكي، والمعاون السياسي لنصرالله حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا.