كتب إيلي الفرزلي في جريدة الأخبار:
مرّت ثلاثة أشهر من السنة الجديدة، من دون أن تعمد الحكومة إلى تحويل الموازنة العامة إلى المجلس النيابي لدرسها وإقرارها. جلّ ما حصل أن وزير المالية غازي وزني، وبتأخير يصل إلى خمسة أشهر، حوّل المشروع إلى الامانة العامة لمجلس الوزراء. كان يفترض أن تعقد الحكومة جلسات متتالية لإنجاز المشروع، لكن منذ 26 كانون الثاني وحتى اليوم لم ينعقد المجلس، واستمر الصرف على أساس القاعدة الاثني عشرية. بالرغم من الأوضاع المأسوية التي يعيشها البلد، ظل رئيس الحكومة حسان دياب مصرّاً على عدم الدعوة إلى اجتماع الحكومة، متغاضياً عن كل الآراء الدستورية والقانونية، التي أبدتها مرجعيات عديدة ومنها هيئة الاستشارات والتشريع، ومفادها أن تصريف الأعمال بالمعنى الضيق يتم عبر مجلس الوزراء لا عبر قرارات استثنائية مخالفة للدستور.
مع ذلك، اشترط دياب لانعقاد الحكومة أن يطلب مجلس النواب منه تفعيل عملها، ويحدد له سقف تصريف أعمال، متجاهلاً أن مجلس النواب لا يمكنه أن يفتي بذلك، ولا يمكنه، ضمن مبدأ فصل السلطات، أن يلزم أو يطلب من السلطة التنفيذية القيام بعملها. ولأن قرار عدم انعقاد مجلس الوزراء أدى إلى عدم التزام الحكومة بإنجاز الموازنة، بالرغم من أن التاريخ اللبناني مليء بحالات مماثلة (إقرار الموازنة من قبل حكومة تصريف أعمال)، فإن البديل من الجلسات كان الطلب من كل الوزراء والجهات المعنية وضع ملاحظاتها على المشروع الذي قدّمه وزير المالية. وبالفعل، عمدت رئاسة مجلس الوزراء إلى جمع هذه الملاحظات وحصرها، ثم أرسلت إلى وزير المالية مجموعة من الجداول التي تُبيّن الملاحظات على البنود والأرقام.
بحسب المعلومات، طلب وزني أسبوعين لدراسة الملاحظات، لكن مع ذلك ثمة في وزارة المالية من يشتكي من أن إعداد الموازنة هو صلاحية وزير المالية، الذي يحق له وحده إعداد الموازنة وإرسالها إلى مجلس الوزراء. لا تنفي مصادر معنية هذه الصلاحية، لكنها تشير إلى أن كل الوزراء يحق لهم مناقشة الموازنة عندما تعرض على طاولة مجلس الوزراء، لكن نظراً إلى الظروف الراهنة، فقد استبدلت الملاحظات المباشرة بملاحظات مكتوبة عرضتها على وزير المالية، على سبيل الاطلاع. وهو بالتالي يستطيع أن يأخذ منها ما يشاء ويهمل ما يشاء. لكن مع ذلك، بحسب الملاحظات الموضوعة، وخاصة القانونية منها، قد يكون صعباً على وزير المالية تجاهلها، لما يشكله الإصرار على البنود الحالية من مخالفات تسمح بالطعن بالموازنة أمام المجلس الدستوري. بالنتيجة، فإن أربع جهات وضعت ملاحظاتها على المشروع: رئاسة الحكومة، الوزارات، المؤسسات العامة والأجهزة الأمنية، ومجلس شورى الدولة. كما يبدو في الشكل أن من أعدّ الملاحظات في صيغتها النهائية وولّفها كان حريصاً على عدم الإيحاء بأنها مفروضة على وزارة المالية، فاستعمل عبارات غير حاسمة من قبيل «يُستحسن» و«قد تكون» و«ربما»… مع ذلك، فإن مضمون هذه الملاحظات يؤكد هشاشة المشروع الذي أعدّته وزارة المالية، وعدم مواكبته للأزمة المالية المستفحلة، إضافة إلى تضمّنه موادّ سبق أن أبطلها المجلس الدستوري في قوانين سابقة، وأخرى تتضمن تقديرات مبالغ بها، إن كان في ما يتعلق بالإيرادات أو بالنفقات.
في ما يلي أبرز الملاحظات:
تبدأ الملاحظات بالتأكيد على وجوب أن يُعرض قطع حساب العام 2019 على المجلس النيابي قبل نشر موازنة العام 2021. وبالرغم من ذلك، فإن هذه الملاحظة الدستورية لن يقف عندها مجلس النواب، الذي اعتاد إقرار الموازنة متغاضياً عن قطع الحسابات، بحجة إعطاء الحكومة مهلة لإعدادها.
– في المادة الثانية الخاصة بتحديد الاعتمادات، سؤال عن مدى واقعية أرقام الموازنة التي أُعدّت على أساس سعر صرف 1500 ليرة للدولار، ما يعني أن الإنفاق الفعلي من خارج بند الرواتب والأجور ومعاشات التقاعد وخدمة الدين (أي ما يوازي 30 في المئة من مجمل نفقات الموازنة) قد يرتفع أضعاف ما هو متوقع في مشروع الموازنة. يذكر أن وزارة المالية حددت قيمة إجمالي الإنفاق بـ 18.2 ألف مليار ليرة، مقابل واردات متوقعة بقيمة 13.57 ألف مليار ليرة، ما يعني أن العجز سيكون بقيمة 4.68 آلاف مليار ليرة ستؤمّن من خلال الاقتراض. لكن بحسب الملاحظات، فإنه سيكون من الصعب تحقيق هذه الإيرادات، خاصة في ظل الركود الاقتصادي الحاصل ونسب النمو السلبية، وفي ظل إقفال العديد من المؤسسات الخاصة وعدم قدرة المكلفين على تسديد الضرائب والرسوم.
– في المادة 17، يُجيز المشروع نقل اعتمادات لتوزيع مساعدات ترميم على المتضررين من انفجار المرفأ من احتياطي الموازنة بقيمة 100 مليار ليرة. لكن في الملاحظات تذكير بأنه سبق أن تم تخصيص 150 مليار ليرة لدفع تعويضات للمتضررين. وعليه، هل تم توزيع كامل المبلغ؟ وهل المقصود بفئة «المتضررين» من انفجار بيروت هو فقط الفقراء، أم تشمل أيضاً المؤسسات الكبيرة المتضررة من الانفجار؟
– في ما يتعلق بالمواد الضريبية، يضع مجلس الشورى مجموعة كبيرة من الملاحظات. على سبيل المثال، تنص المادة 21 على إجراء تسوية على التكاليف المتعلقة بضريبة الدخل وبالضريبة على القيمة المضافة المقدمة أمام الإدارة الضريبية أو لجان الاعتراضات بما نسبته 50 في المئة على قيمة الضرائب المعترض عليها. يُذكّر «الشورى» بقرار المجلس الدستوري إبطال المادة 26 من موازنة 2018 المتعلقة بالتسوية الضريبية، لكونها تخالف مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين، المنصوص عليه في المادة 7 من الدستور. كما يُشجّع المواطنين على التخلّف عن تسديد الضرائب، ويؤدي بالتالي إلى التفريط في المال العام. ولذلك يقترح المجلس شطبها، متوقعاً في حال إبقائها أن يبطلها المجلس الدستوري.
– تشير المادة 22 إلى تنزيل 100 في المئة من غرامات التحقّق وغرامات التحصيل للمخالفات التي تلت تاريخ 1/10/2019 و90 في المئة على المخالفات السابقة لهذا التاريخ. تشير الملاحظات إلى أن «هذا النوع من الإعفاءات، على الرغم من أنه قد يؤمن السيولة للدولة، إلا أنه قد يؤدي أيضاً إلى حرمان الخزينة من مبالغ مالية كبيرة كانت مستحقة على المكلّفين، كما يُشجع المواطنين على عدم الالتزام الضريبي. ولأن التنزيل المقترح يطال أيضاً الغرامات المترتبة على اشتراكات الضمان الاجتماعي، طلبت إدارة الضمان حذف هذا التنزيل، انطلاقاً من أن «أحكام الإعفاء من هذه المخالفات وارد في مواد أخرى ما يُسبّب تعارضاً في تطبيق أحكام هذه المواد وبين بعضها البعض».
– ثمة تحفظات عديدة على المواد المتعلّقة بإعفاءات ضريبية، ولا سيما المواد 25، 26، 27، و44 التي تعنى بالشركات. وتشير الملاحظات، المقدمة إلى وزارة المالية، إلى ضرورة التنسيق مع مؤسسة تشجيع الاستثمارات بشأنها، خاصة أن اقتراحات كهذه تعني عملياً إلغاء دور «إيدال»، في حين أن المطلوب تفعيل دور هذه المؤسسة لا العكس.
– واحدة من المواد التي رافقها الكثير من الجدل هي المادة 28، التي تجيز إجراء إعادة تقييم استثنائية للأصول الثابتة للمكلّفين بضريبة الدخل، ضمن مهلة تنتهي في 30/6/2021 على أن تخضع الفروقات الإيجابية لضريبة نسبية بمعدل 3 في المئة… وفي الملاحظات المنقولة عن «الفعاليات الاقتصادية» مطالبة بتخفيض النسبة إلى 1.5 في المئة. أما وزارة الصناعة فتقترح تمديد المهلة المعطاة لإجراء إعادة التقييم حتى نهاية العام، على أن يتم إخضاع الفروقات الإيجابية للمكلّفين الصناعيين بنسبة 1 في المئة عوضاً عن 3 في المئة، إضافة إلى ضرورة تحديد النص الذي يُطبّق في حال كان هناك تعارض مع أحكام قانون النقد والتسليف. كما تقترح الوزارة ضرورة تحديد مدة لا تتعدى 6 أشهر من تاريخ تقديم الطلب لاسترجاع فرق الضريبة بدل تركها مفتوحة.
– المادة 29 تنص على أنه في حال تخفيض الرواتب وملحقاتها، يجري احتساب الضريبة على الرواتب والأجور على أساس المبلغ المخفّض وليس على قيمتها الاسمية. وقد أشارت الملاحظات المقدّمة إلى وزارة المالية إلى أن هذه المادة قد تفسّر بالموافقة على تخفيض رواتب الموظفين، في حين أن وزارة العمل أصدرت في بداية العام تحذيراً إلى أصحاب العمل من تخفيض أجور الموظفين من دون مبرر قانوني أو من دون تخفيض لساعات العمل.
– المادة 36، تتعلق بإخضاع الفوائد والإيرادات والعائدات لضريبة بمعدل 30 في المئة عوضاً عن 10 في المئة عن جزء الفائدة الذي يتجاوز 3 في المئة على الحسابات بالعملات الأجنبية و5 في المئة على الحسابات بالعملات الأجنبية و5 في المئة على الحسابات بالليرة اللبنانية. في الملاحظات توضيح أن نسبة العشرة في المئة أصبحت دائمة بموجب هذا التعديل، بعدما كانت محصورة بمدة 3 سنوات المشار إليها في البند 6 من المادة المعدّلة. مع الإشارة إلى أن هذه المادة تطال بشكل أساسي عائدات المصارف من شهادات الإيداع وتوظيفاتها لدى مصرف لبنان واكتتابات مصرف لبنان. أما الضمان الاجتماعي، فيقترح إعفاءه من نصوص هذه المادة.
– تحدد المادة 41 آلية الحصول على الطوابع المالية الإلكترونية التي يمكن توفيرها للمكلفين بطريقة أسهل وأسرع، إضافة إلى المساهمة في تخفيض نفقات طباعة وتخزين الطوابع الورقية المعدة مسبقاً. لكن في الملاحظات المقدمة سؤال عن أسباب حفظ حق باعة الطوابع الورقية المرخصين بالحصول على نسبة من قيمة الجعالة التي يحصل عليها باعة الطوابع الرقمية. ففي الأسباب الموجبة لم يتبين سبب هذا النص، وإذا ما كان باعة الطوابع الورقية كانوا قد دفعوا ثمن الترخيص سابقاً بمبالغ وازنة حتى يعتبروا أصحاب حقوق مكتسبة. وإضافة إلى ذلك، لم يتم تحديد نسبة الجعالة التي تعود لهم، الأمر الذي يعني ترك تحديدها إلى وزير المالية.
– تنص المادة 55 على تمديد العمل بوقف الرسم السنوي المقطوع عن كل مركز رئيسي وفرع (شركات الأموال – شركات الأشخاص، مراكز مزاولة المهن الحرة، والمؤسسات الفرعية والأعمال التجارية الصناعية) لغاية 2023 ضمناً. وهنا إشارة إلى أنه تم تمديد العمل بهذا الرسم عدة مرات، وآخرها كان في العام 2018، حيث ينص القانون 108/2018 على ضرورة معالجة أوضاع المكلّفين الذين بادروا إلى تسديد هذا الرسم، التزاماً منهم بتعاميم وزارة المالية، وذلك عبر تمكينهم من استرداد المبالغ المسددة منهم. ولذلك تشير الآراء المقدمة إلى أنه «قد يكون من الأنسب إلغاء هذا الرسم، حيث إن الأسباب الموجبة للقانون 108 أشارت صراحة إلى أن هذا الرسم، الذي لم يطبّق منذ العام 2000، يخالف مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات والمكرّس في مقدمة الدستور وفي المادة السابعة منه، كما يتعارض مع مفهوم العدالة الاجتماعية، أضف إلى أنه يتعارض مع مبدأ سنوية الموازنة.
– أجازت الموازنة، في المادة 95 منها، منح كل عربي أو أجنبي الإقامة في حال اشترى وحدة سكنية، شرط أن تفوق قيمتها 350 ألف دولار ضمن بيروت و200 ألف دولار خارج بيروت، مع استثناء النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين. إلا أن هذه المادة سبق أن أقرّت في موازنة 2018، وأبطلها المجلس الدستوري بقراره الرقم 2/2018. وفي حال الإبقاء عليها، يشير أحد الاقتراحات إلى أنه يستحسن إضافة الأشخاص الذي يستثمرون في مبالغ ضخمة تفوق قيمة محددة في مشاريع داخل الأراضي اللبنانية.
– رفضت إدارة الضمان الاجتماعي تقسيط الديون الواجبة على الدولة لصالح الصندوق لغاية العام 2020 لمدة 20 سنة (المادة 96) «رفضاً قاطعاً»، نظراً إلى الوضع المالي للصندوق، على أثر تدنّي قيمة العملة الوطنية وارتفاع كلفة الطبابة، بالتالي فإن «تسديد الديون المتوجبة على الدولة أصبح حاجة ملّحة، وعدم تسديدها يهدّد استمرارية المؤسسة»، مشيرة إلى أن أقصى ما يمكن أن تقبل به هو فترة 10 سنوات.
– طالبت الأسلاك العسكرية بإلغاء المادة 97 (تدفع رواتب الأجهزة الأمنية بناءً على جداول تبيّن رتبة كل منهم وراتبه والتعويضات المستحقة له) لمخالفتها قانون المحاسبة العمومية التي منحت الأسلاك العسكرية حق المحافظة على السرية. كما اعتبرت أنها ستؤدي إلى الدخول في صلاحيات وزارتي الدفاع والداخلية وفتح الباب لتدخل في عمليات الترقية والتطويع ومنح الأوسمة من باب النفقات الناتجة عن إقرارها، والتي أجازها القانون لرقابة ديوان المحاسبة المؤخّرة وليس المسبقة بموجب المادة 151 من قانون الدفاع الوطني.
– يعتبر مجلس الشورى أن المادة 98، التي تُخفّض عدد السنوات التي تعطي الحق في التقاعد بالنسبة إلى الموظفين الذين دخلوا الخدمة بتاريخ 31/7/2009 وما قبل من 25 إلى 20 سنة، مخلّة بمبدأ المساواة بين مختلف أسلاك القطاع العام وتلك التي تنص على حد أدنى يقل في عدد سنوات الخدمة عن المحدد للسلك الإداري. بالتالي يكون مصيرها الإبطال من قبل المجلس الدستوري في حال الطعن في الموازنة لمخالفتها الدستور، ولا سيما المادة 83 منه، واستناداً إلى قراره الرقم 2/2020. كذلك فإن اقتراحات أخرى تشير إلى أنه يقتضي عدم حصر التعديل بالسلك الإداري وشموله السلك العسكري.
– من المواد التي أثارت اعتراضات كبيرة المادة 99 التي تتعلق بتجميد طلبات الإحالة إلى التقاعد لمدة ثلاث سنوات، والتي تشير أيضاً إلى أنه يمكن للمعنيين التقدّم بطلب إنهاء خدماتهم من دون حقهم في الإفادة من معاش التقاعد أياً كان عدد سنوات الخدمة، والاستفادة فقط من تعويض الفرق من الخدمة أو المحسومات التقاعدية. فقد دعا مجلس الشورى إلى عدم إقرار هذه المادة لأنها «ستمس بشبكة الأمان الاجتماعي للموظف بعد انتهاء خدمته، خاصة مع غياب أحكام تحفظ الحق في ضمان الشيخوخة». كما أشار إلى أنها تخالف مبدأ المساواة بين المتقاعدين، وتحرم فئة منهم من أي زيادة تطرأ على الرواتب والمعاشات. أما محكمة التمييز، فدعت إلى استثناء القضاة من أحكام هذه المادة، تفادياً لمخالفة مقدمة الدستور التي تنصّ على مبدأ فصل السلطات والمادة 20 منه التي كرست مبدأ استقلال القضاء ووجوب حفظ ضمانات القضاء. فبحسب رؤساء روابط التعليم والأساتذة المتعاقدين والإدارة العامة، يعمل بمضمون هذه المادة منذ إقرار مادة مشابهة لها في موازنة 2019 والوقت المتبقي لها هو سنة وأربعة أشهر. كذلك تجدر الإشارة إلى أن المادة الحالية ألغت الاستثناء المشار إليه في المادة النافذة حالياً، والمراد تعديلها بالنسبة إلى السلك القضائي والضباط من رتبة عقيد وما فوق. وتقترح الأسلاك العسكرية عدم إلغاء المادة 78 من موازنة 2019، وإضافة النص التالي عليها: «استثنائياً وخلال فترة 3 أشهر من تاريخ نشر القانون، يحق للمعنيين بأحكام هذه المادة أن يقدموا استقالتهم ويحالون إلى التقاعد وفقاً لما تنص عليه القوانين والأنظمة النافذة». كذلك بدا من الملاحظات أنه لم يتم تبنّي سبب إلغاء استثناء السلك القضائي والضباط من رتبة عقيد وما فوق كما هو النص النافذ حالياً. وفي كل حال تمت الإشارة إلى أنه يقتضي بالنسبة إلى السلك القضائي استطلاع رأي مجلس القضاء الأعلى وفق اجتهاد المجلس الدستوري.
– المادة 110 تلزم المصارف بتسديد الودائع بالعملة الأجنبية التي تودع لديها أو من خلال تحويلات مصرفية خارجية اعتباراً من تاريخ نشر هذا القانون بالطريقة عينها التي أودعت فيها بناءً على طلب صاحب العلاقة. كما جرى رفع قيمة الضمانة على هذه الودائع إلى 50 ألف دولار وما يعادلها بالعملات الأجنبية. في الملاحظات إشارة إلى أن خطورة هذه المادة تكمن في أنها تتعرض لموضوع سيادي، وهو القوة الإبرائية للتسديد بالعملة الوطنية. كما أن إقرار هذه المادة، وبالمدلول المعاكس، قد يفهم منه أن الودائع غير المشمولة في الفترة المحددة بهذه المادة يمكن دفعها بالعملة الوطنية حتى لو كانت بالعملة الأجنبية. وقد يكون من المستحسن سحب هذه المادة من المشروع، وأن تأتي في سياق قانون خاص وكامل للكابيتال كونترول، خاصة في ضوء وجود عدة مسائل مرتبطة بهذا الموضوع توجب التدخّل التشريعي لمعالجتها. أما بالنسبة لى رفع سقف الضمانة على ودائع الدولار إلى 50 ألف دولار، فمن الأفضل تحديد آلية وكيفية دفع المبلغ للمودع.
من جهته كذلك، اعتبر مجلس الشورى أن هذه المادة قد تفهم على أن المصارف غير ملزمة بتسديد الودائع السابقة لنشر قانون الموازنة بالطريقة ذاتها التي تم إيداعها لديها، وهذا ما يتعارض مع مقدمة الدستور والمادة 15 منه. كما دعا المجلس إلى تضمين الموازنة حلاً لأزمة أموال المودعين في إطار خطة إصلاحية لها طابع اجتماعي واقتصادي عام، عبر تضمين مشروع القانون نصاً يلزم الحكومة بدراسة وإصلاح القطاع المصرفي ووضعية الحسابات المودعة، وإيجاد السبل الكفيلة بإعادة حقوق المودعين.
ضريبة التضامن الوطني التي ابتدعها وزير المالية في مشروع موازنة 2021 تنص على فرض ضريبة على الحسابات الدائنة، إن كانت بالدولار أو بالليرة، بنسبة واحد في المئة عن القسم من الحساب بين مليون و20 مليون دولار (على سعر 1500 ليرة للدولار)، و1.5 في المئة على القسم بين 20 مليون و50 مليون دولار، و2 في المئة عن القسم الذي يزيد على 50 في مليون ليرة.
الملاحظات عديدة على هذه المادة، وأبسطها على أي أساس تم اختيار النسب؟ وهل هي كافية لإطفاء الخسائر؟ وما هي الإجراءات الأخرى التي سيتم اتخاذها ما لم تكن هذه الإجراءات كافية؟ مع العلم بأن هذه الضريبة ستدخل نحو 1200 مليار ليرة إلى الخزينة، وهي أساسية بالنسبة إلى الواردات. ويشير الاقتراح إلى أنه في حال بقيت المادة على حالها، من الأنسب استثناء الحسابات العائدة للمؤسسات العامة والبلديات وصناديق التعاضد. كذلك، فإن الأسلاك العسكرية طلبت استثناء الصناديق التابعة لها، لأنها ذات طابع اجتماعي. أما الصندوق الوطني للضمان، فاقترح إضافة العبارة التالية إلى مقدمة هذه المادة: مع مراعاة الإعفاء المنصوص عليه في المادة 67 من قانون الضمان الاجتماعي، في حين طلبت وزارة الاقتصاد استثناء هيئات الضمان من الضريبة، حيث إن قانون تنظيم هيئات الضمان يعطي التعهدات المقطوعة للمؤمنين والمستحقين من قبل الهيئات امتيازاً عاماً على جميع الأموال المودعة في لبنان من قبل الأخيرة، ولا يمكن بالتالي إخضاعها لضريبة التضامن الوطني، حيث إنها تمثل الضمانة الأساسية لحملة عقود التأمين.
أما في ما خص ملاحظات مجلس الشورى، فهود يدعو إلى تضمين الموازنة حلاً لأزمة المودعين في إطار خطة إصلاحية لها طابع اجتماعي واقتصادي عام، عبر تضمين مشروع القانون نصاً يلزم الحكومة بدراسة وإصلاح القطاع المصرفي ووضعية الحسابات الموعدة وإيجاد السبل الكفيلة لإعادة حقوق المودعين. كما يقتضي حصر إصدار القرارات عن الوزراء تحديد دقائق تطبيق القانون بالمواضيع التي تستوجب إصدار مراسيم بشأنها.