“بالشجاعة والجريئة” تم توصيف المبادرة السعودية للسلام في اليمن كونها نقلت كرة السلام في اليمن إلى ملعب الحوثي لكن الرد جاء فوريا: رفض المبادرة جملة وتفصيلا، إلا في حال رفع الحصار عن اليمن. فهل تكون المبادرة السعودية هي الفرصة الأخيرة لحل أزمة اليمن؟ وهل التنازلات التي قدمتها كافية لوقف الحرب؟ وما انعكاسها على الداخل اللبناني؟
في البيان المكتوب الذي تلاه السفير السعودي وليد البخاري بعد اللقاء الذي جمعه ورئيس الحمهورية في قصر بعبدا تطرق إلى المبادرة السعودية للسلام في اليمن وأشار إلى ترحيب رئيس الجمهورية بها. ما هي الرسالة التي أراد البخاري إيصالها إلى الدولة اللبنانية من داخل القصر الجمهوري؟
المحلل لشؤون الشرق الأوسط ومدير معهد المشرق للشؤون الإستراتيجية الدكتور سامي نادر أكد لـ”المركزية” “أن الجانب السعودي أصر على التأكيد بأن المبادرة جدية وليست مجرد مناورة. وأية مساعدة للبنان تبقى رهنا بالتهديدات الإيرانية للداخل السعودي، فإذا ما استمرت لن تقدم السعودية على مساعدة لبنان لا سيما وأن حزب الله يشكل الطرف الوازن في منظومة الحكم فيه. وإذا كانت النوايا جدية في تشكيل حكومة، فإن المهمة الأساسية الملقاة على عاتقها إنقاذ الوضع الإقتصادي، وهذا لن يتحقق إلا من خلال جذب المساعدات من الخارج أي من دول الخليج وأوروبا. لكن تبقى السعودية الوازنة الأكبر في مجال مساعدة لبنان وهذا ما أثبتته التجارب في تاريخ لبنان الحديث”.
يضيف نادر: ” لو عدنا إلى تاريخ العلاقات اللبنانية- السعودية نلاحظ أن التردي والإستياء بدأ مع انطلاق حرب اليمن عام 2011 وخصوصا بعد تعرض الأراضي السعودية ومرافقها الحيوية لضربات مباشرة من قبل الحوثيين الذين يتلقون الدعم اللوجستي من حزب الله ويتلقون تدريباتهم على أيدي قياديين في الحزب. إذا الرسالة واضحة ومفادها تذكير الجانب اللبناني بالدعم الذي يتلقاه الحوثيون على المستوى اللوجستي من حزب الله وأقترن الموقف بالتشديد على ضرورة التمسك باتفاق الطائف وقرارات الشرعية الدولية”.
مجرد الإعلان عن المبادرة أعلن الحوثيون رفضهم للنقاط الواردة فيها جملة وتفصيلا بحجة أنها لا تلبي مطلبهم المتعلق برفع كامل للحصار عن مطاري صنعاء وميناء الحديدة الخاضعيْن حاليا لسيطرتهم. “وهذا لا يعكس إلا موقف إيران من المبادرة. فهي غير مستعدة للتفاوض بالشروط الأميركية التي تتضمن اتفاقا مكملا يشمل أنشطة إيران في الإقليم والصواريخ الباليستية كما تشترط رفع العقوبات تلقائيا”. ويضيف نادر :” الترجمة الفورية للموقف الإيراني الضمني، تلقفه الحوثيون وحزب الله . فكانا الصوتين اللذين عكسا موقفاً واحداً إن من خلال التصعيد العسكري من قبل الحوثيين تجاه المملكة العربية السعودية أو التصعيد السياسي الذي جاء على لسان أمين عام حزب الله حسن نصرالله في خطابه الأخير حيث أعطى تعليماته الواضحة في مسائل وطنية وسياسية وحتى عسكرية تتعلق بقيادة الجيش اللبناني وهي تؤشر لمسار عرقلة تشكيل حكومة. وهذا يؤكد أن إيران غير مستعدة للدخول في مفاوضات وفق الشروط المتداولة أميركياً وأوروبياً وتحديدا مسألتي الصواريخ الباليستية وأنشطة إيران في الإقليم المستجدتين في الإتفاق المكمّل”.
اللافت في المواقف الأخيرة على خلفية المبادرة السعودية كلام أحد المقربين من المرشد الإيراني أحمدي نجاد الذي قال بما معناه أنه لا مانع من جلوس السعودية إلى طاولة المفاوضات للبحث في الملف النووي الإيراني” وهذا يدل أن هناك نية لدى إيران بالتواصل مع السعودية .وقد تكون مجرد مناورة بالتنسيق مع المرشد الإيراني لكنه حتما يدلّ الى تغيير في المقاربة”. والنتيجة لن تتظهر إلا بعد الإنتخابات الإيرانية في حزيران لأن كل المؤشرات تدل الى أن الديناميكية ستكون ضد الإتفاق النووي” يختم نادر.