وكأن مشاهد الذلّ اليومية لتهافت المواطنين وتضاربهم للحصول على ما ندر وجوده من السلع الغذائية الأساسية المدعومة “من جيبهم” بفعل تهريبها الى سوريا بكميات ضخمة، لا يكفي، ليشحد اللبنانيون الأوكسيجين الخاص بهم لمعالجة المرضى في المستشفيات، بعد أن “تكرم” الرئيس السوري بشّار الأسد بـ 75 طنا من المادّة من “كيس” لبنان، تصل على ثلاث دفعات.
في الواقع، تحصل مستشفيات لبنان على حاجتها من الأوكسيجين عن طريق شركتين. واحدة لبنانية تؤمن 60 إلى 80 طنا يومياً، والأخرى يملكها لبناني وسوري، يقع معملها في الأراضي السورية، كانت تؤمن 50 طنا يومياً، قبل أن يمنع النظام السوري صهاريج نقل الأوكسيجين من التوجّه إلى لبنان، بسبب حاجة الشعب السوري إلى المادّة في ظلّ تفشي وباء كورونا. ما أوجب على الشركة اللبنانية إيجاد بديل بالاستيراد عبر بواخر تركية لسدّ العجز. ونُقل أن في ظلّ هذا الواقع، طلب مالك الشركة اللبنانية من وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن التواصل مع الجانب السوري لاستعادة حقّ الشعب اللبناني المسروق.
وبعد أن توجّه الوزير حسن إلى سوريا لبحث الموضوع مع نظيره السوري، معلنا أن سوريا سـ”تسمح” بإرسال 25 طنا إلى لبنان يومياً على مدى 3 أيام فقط، تبيّن أن لم يكن لـ “هلع” وزير الصحة من داعٍ، لأن ما من نقص بالمادّة في المستشفيات التي اكدت كلها امس توافرها لديها بكميات وافية، وأن على عكس ما تم تسويقه إعلامياً، لم يكن ليختنق المرضى اللبنانيون لولا “الهبة” السورية. فقط “مستشفى دار الأمل الجامعي”، الواقع في منطقة بعلبك، أعلن اليوم أنه يعاني نقصاً بالأوكسيجين، ليساهم ببياناته في إضافة ما يدعّم سيناريو “الباخرة المرتطمة بالأمواج”.
نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون أوضح لـ “المركزية” أن “المستشفيات بحاجة إلى 120 طنا يومياً من الأوكسيجين. وستصل باخرة لبنانية من تركيا إلى مرفأ طرابلس محمّلة بـ 14 شاحنة من الأوكسيجين حمولة الواحدة 22 طنا”.
وشرح أن “المشكلة التي طرأت مع توقف وصول 50 طنا يومياً من الأوكسيجين من سوريا لشركة .S.O.A.L ومن غير الواضح بعد ماذا سيحصل بسلسلة التوريد، إن كانت ستستعيد نشاطها أم تتوقف أم يرسل 25 طنا فقط يومياً”.
وأكّد “أننا نتابع الموضوع بدقّة تجنّباً لانقطاع المادّة، في انتظار التطوّرات لا سيّما من الجانب السوري”.