كتب أنطوان الأسمر في “اللواء”:
يكثف سفراء 5 دول عربية وغربية حراكهم السياسي، بما يشي بأن ثمة ما يتم الإعداد له قادر على تحقيق خرق في الأزمة، وفكفكة عناصرها.
وبات واضحا أن ثمة في بيروت محورا ديبلوماسيا سعوديا – فرنسيا – أميركيا يسعى، بدأب وجهد كبيرين، الى تظهير تصوّر ما يقوم على تسوية حكومية تسهم في تذليل العثرات التي لا تزال تعترض التأليف. ولا تغيب عنه البعثة البريطانية التي يترأسها راهنا القائم بالأعمال مارتين لوغدين، في إنتظار أن يتسلّم السفير الجديد إيان كولارد منصبه في حزيران المقبل. فيما تواكب هذا النشاط عن كثب البعثة المصرية التي لا تزال تحتفظ بتمايز ملحوظ عن المحور الثلاثي يتعلّق تحديدا بالشكل الذي ستكون عليه الحكومة العتيدة، من غير أن يعني هذا التمايز أن القاهرة لن تنخرط جديا في تسهيل عناصر التسوية الحكومية متى نضجت أسسها ومرتكزاتها.
محور الاتصالات في هذا الحراك اللافت هو سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري الذي ما أن أنهى زياراته الروحية حتى إنتقل الى مروحة من اللقاءات الديبلوماسية– السياسية بلغت ذروتها في زيارة قصر بعبدا. وشكل إستقباله سفيرة الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيا، وخصوصا سفيرة فرنسا آن غريو، نقطة تحوّل لافتة في المسار التسووي، إذ تناول الاجتماع السعودي– الفرنسي الأزمة الحكومية وآليات الخروج منها، تأسيسا على الموقف السعودي المعروف منها والذي تبلغته بيروت رسميا، مرتين على الأقل في غضون الشهر الفائت.
ولا يمكن كذلك فصل مجمل هذا الحراك عن عبارة لافتة حملها كلام شيا إثر زيارتها الأخيرة لبعبدا، بحضّها على «التخلي عن الشروط والبدء بالتسوية»، وهو ما قرئ على أنه إشارة الى بداية تحوّل في السياسة الأميركية في لبنان، في إنتظار إكتمال التعيينات في دوائر وزارة الخارجية.
ويرجّح في هذا السياق أن تعيّن بربارا ليف في منصب مساعدة لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى خلفا لديفيد شينكر، على أن تُنقل من فريق العمل الذي يترأسه بريت ماكغورك، المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي. وليف من الموظفين الكبار الثابتين، عملت في وزارة الخارجية مختصة بشؤون منطقة الخليج والعراق، وتتقن العربية.
يذكر ان جوي هود يشغل بالتكليف منصب مساعد وزير الخارجية، فيما شينكر خرج نهائيا من الإدارة مع تسلّم الرئيس جوزف بايدن، وعاد الى العمل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى، ويطمح في الوقت نفسه في أن يعيّن مبعوثا رئاسيا خاصا للشأن السوري، ويشاركه في هذا الطموح السفير جيفري فيلتمان. وتقع في هذا السياق تحديدا الإطلالات المكثفة لشينكر في الشأنين اللبناني والسوري، بالشراكة مع بعض الإعلام اللبناني، الذي لا يزال يوحي أو يتعامل معه، عن قصد أو عن جهل، على أنه مستمر في منصبه الرسمي في وزارة الخارجية.
أما في وزارة الدفاع، فعُيّنت مارا كارمن مسؤولة عن ملف لبنان، وهي من مؤيدي إستمرار دعم الجيش اللبناني. كما عُيّنت دينا سترول مسؤولة عن الشرق الأوسط، وتعمل تحت إدارة كولن كال الرجل الثالث في تراتبية المسؤولية عن المنطقة في البنتاغون.
في الموازاة، يتردد في أروقة واشنطن أن السياسة الخارجية تجاه الشرق الأدنى لن تتخذ الشكل النهائي قبل نيسان أو أيار المقبلين، مع ما يعني ذلك من مرحلة إنتقالية ستحافظ موقتا على الستاتوكو القائم.
ويبقى الملف اليمني قوة الدفع الرئيسية في المنطقة، يوازي أهمية الملف الإيراني. إذ يجهد وزير الخارجية أنطوني بلينكن في ترتيب حل مستدام للأزمة اليمنية وإنهاء الحرب متكئا على خطوات عملية، بدءا ا من رفع جماعة الحوثي عن لوائح الإرهاب، وليس إنتهاء بالمبادرة السعودية للسلام. ويعوَّل على الجولة التي يقوم بها في المنطقة الموفد الرئاسي تيموثي ليندركينغ لتدعيم مرتكزات الحل بما يؤدي الى إقفال جرح نازف على مستوى المنطقة، مما يتيح لواشنطن أن تتفرّغ الى معالجة المسألة الإيرانية بتشعباتها النووية والباليستية والأذرع الإقليمية.
ويؤمل أن تُسرّع آليات الحل الموعود إنفراجا لبنانيا وشيكا، وألا يؤجل ذلك الى ما بعد الإنتهاء من كل تلك التعقيدات