IMLebanon

“جيش” العاطلين عن العمل يواجه الأزمة… مجرّداً من “سلاح” الأمل

كتبت جويل الفغالي في “نداء الوطن”:

يلوح خطر البطالة فوق سماء لبنان، مهدداً جيلاً كاملاً من الشباب بالوقوع في آتون الفقر والمشاكل. الباحثون مع “كل طلعة شمس” عن فرصة عمل وراء البحار يتوالدون يومياً بالآلاف من رحم معاناة إقفال المؤسسات.

وباء كورونا، وقرارات الإغلاق التام، سبّبا وفقاً لبيانات البنك الدولي، “تراجعاً إقتصادياً كبيراً في أكثر الدول نمواً. ودفعا نحو أسوأ كساد إقتصادي عالمي بعد الحرب العالمية الثانية”. أمّا في لبنان فقد أضيفا (هذان العاملان) على أزمة مثلثة الرؤوس، نقدية مالية وإقتصادية، استتبعت بثالث أكبر انفجار عالمي قضى على المرفأ البحري الأساسي. فأقفلت مئات الشركات أبوابها وسرحت عمالها ومستخدميها. ومن استطاع منها الصمود، يعمل بطاقة انتاجية منخفضة وبرواتب متهاوية “أكل” التضخم أكثر من ثلثيها. هذا الواقع المرير يترافق مع عجز حكومي فاضح عن فرملته والتخفيف من آثاره على شعب أصبح أكثر من 55 في المئة من أفراده يعيشون تحت خط الفقر.

كارثة إقتصادية وإجتماعية

إن “تسريح العمال والموظفين من مؤسساتهم والإغلاق لأسباب مالية، سيدخل لبنان في كارثة إقتصادية وإجتماعية”، يقول الباحث في الشركة الدولية للمعلومات محمد شمس الدين. “فمعدل البطالة في لبنان يُقدر بنسبة 35% من عدد القوى العاملة، وهو يرتفع باطراد يوماً بعد آخر مع استمرار انهيار المزيد من الشركات والمؤسسات وتسريح عمالها”. كل يوم هناك قطاع “يرفع العشرة” ويعلن استسلامه للواقع المأسوي الذي لا تبدو نهايته قريبة. فهناك بحسب شمس الدين “12 ألف مؤسسة بين صغيرة وضخمة قد أقفلت أبوابها حتى اليوم. أما القطاعات الأكثر تضرراً من هذه الأزمة فكانت القطاعات السياحية والفنادق والمطاعم والملاهي ودور السينما بشكل أساسي، ومن ثم محلات بيع الأحذية والألبسة”.

تراجع النشاط التجاري

أدى تسارع الإنهيار المالي في لبنان إلى انهيار اقتصادي شامل، بدأت سلبياته تظهر مع تزايد عمليات إغلاق المؤسسات التجارية والصناعية والسياحية. وبحسب عضو المجلس الإقتصادي والإجتماعي عدنان رمال، فان “هناك ثلاث مشاكل أساسية تهدد الواقع التجاري في لبنان:

– التدهور المالي الذي بدأ مع ثورة 17 تشرين مع ما تلاها من حجز للأموال في المصارف. ما أثر على الشعب اللبناني وجميع القطاعات الإقتصادية بشكل عام وعلى القطاعات التجارية والخدماتية بشكل خاص.

– ظهور فيروس كورونا، الذي فاقم المشكلة، واضطُرت الشركات إلى إقفال أبوابها واعطاء مستخدميها إجازات غير مدفوعة من دون أن يكون هناك أي تعويضات على الأفراد والمؤسسات. ولا نتكلم هنا عن البدلات المالية فقط، بل ان التعويضات يمكن أن تأتي على شكل تشريعات وتحفيزات أو اعفاءات وتأجيل دفعات. هذا ولم تنظم المساعدات المالية للعائلات الأكثر فقراً بشكل عادل، ما فاقم المعاناة الإجتماعية.

– فقدان الشعب بحدود 90% من قيمة أمواله ووصول التضخم إلى 200% من آذار 2020 حتى اليوم، على السلع ما بين مدعومة على 1500 و3900 ليرة وسعر السوق الموازي.

وأمام هذا الواقع، “تراجع عمل كافة القطاعات الإقتصادية بنسبة تراوحت بين 50 و60 في المئة” من وجهة نظر رمال. “ففي ظرف أقل من سنة سقطت قطاعات إقتصادية حيوية تطلب بناؤها عشرات الأعوام، بضربة الأزمة القاضية. وسقط معها عشرات آلاف العمال في فخ البطالة”.

متطلبات سوق العمل الجديد

الركود الإقتصادي وتزايد الصعوبات في سوق العمل، أرخيا بثقلهما فوق أكتاف الشباب والخريجين الجامعيين بشكل خاص. وهو ما أصبح يتطلب بحسب الخبير الإقتصادي والأستاذ الجامعي أنيس أبو دياب “إعادة إطلاق الإستثمار في القطاع التقني والتكنولوجي، وكل ما يساهم بتعزيز العمل عن بعد، وإستعمال أحدث التقنيات لزيادة القيمة المضافة. فالقطاعات التي تتفادى التواصل البشري، ستشهد الطلب الأكبر مع تفشي فيروس كورونا، وسيكون مستقبلها واعداً. لذلك نحن بحاجة ماسة إلى تفعيل الإستثمارات في القطاعات التقنية وتشجيع الشباب على خوض غمارها، نظراً لكفاءة الموارد البشرية الموجودة في لبنان وعدم تطلبها رساميل كبيرة وقدرتها على جذب العملة الصعبة”. كما ويعتبر بو دياب ان “مستقبل السياحة سيكون للبيئية والدينية بشكل خاص، وهما خاصتان يتميز بهما لبنان وبامكانه تطويرهما للاستفادة من الطلب العالمي المتزايد على هذه الأنواع من السياحة”.

النمو الإقتصادي لديه القدرة على تغيير المجتمعات، وزيادة الدخل، وتمكين المواطنين من النجاح، ولكن النمو وحده لا يكفي. هناك حاجة إلى نمو يخلق وظائف أكثر وأفضل ومن أجل الجميع. فتحسين الوصول إلى الخدمات المالية، وتعزيز التدريب على المهارات، ومساندة القطاع الخاص تساعد على خلق المزيد من فرص العمل التي بدورها تحسن الوضع المعيشي. وبحسب رمال “لا يمكننا النهوض من الأزمة الحالية إلا بدعم من الخارج، عن طريق تدفق دولارات نقدية لإنعاش الإقتصاد اللبناني”. و”من الصعب وجود أي حلول بالوقت القريب في ظل غياب الثقة، فالوضع خطير وقد يكون أصعب في الأيام المقبلة، فكثيرون هم من خسروا عملهم وكثيرة المؤسسات التي استسلمت وأقفلت أبوابها”.

إذا كانت “البطالة أم الرذائل”، فان استمرار المعنيين بتغييب الإصلاحات الجدية وإيجاد الحلول الفعالة للازمة الإقتصادية، سيسقطا البلد في دوامة من الفقر والعنف لن توفر أحداً.