احتفلت الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي، بعيد الشعانين في مختلف الأديار والكنائس، في ظل غياب الزياحات للسنة الثانية على التوالي.
واقتصرت القداديس على مشاركة المؤمنين بنسبة 30 في المئة من القدرة الاستيعابية للكنائس، مع التقيد بإلإجراءات الوقائية للحد من انتشار فيروس كورونا.
إذ ترأس راعي الأبرشية المارونية المطران منير خيرالله قداس الشعانين في كاتدرائية مار اسطفان في البترون، وقال: “في أحد الشعانين سنة 2021، نستقبلك بالمجد والفرح والرجاء أيها الرب يسوع ملك المحبة والسلام. ولكن في فرحتنا غصة ولم يعد عندنا حناجر تصرخ لك هوشعنا، ويا ابن داود ارحمنا. لكنك تسمع صراخاتنا وأنين أوجاعنا وترى أننا خذلنا مرات ومرات، وتقول لنا مع أبينا البطريرك الراعي: لا تسكتوا! طالبوا بحقوقكم في العيش الحر الكريم. طالبوا بدولة عادلة تحميكم وتنصفكم وتطبق القانون على الكبير والصغير. لا تسكتوا، بل تابعوا الصراخ إلى أن يسمع المسؤولون، فتهتز ضمائرهم، فيعودون إلى ربهم تائبين ويستغفرون من شعبهم ومن الله الذي ينتظرهم ليعاملهم برحمته اللامتناهية ويساعدهم لكي يعوضوا على الشعب ما ظلموه به ويردونه أربعة أضعاف، كما فعل زكَّا العشار بعد لقاء يسوع (لوقا 19/8-10). فيعملون معا على إعادة بناء دولة القانون لمجتمع تعددي، ويلتقون بقلوب صافية عند إرادة سيد بكركي، فالبطريرك لا مصلحة له سوى إنقاذ لبنان وجمع أبنائه، جميع أبنائه، مسؤولين ومواطنين، فيراهم واحدا تحت راية الوطن الواحد لبنان الرسالة”.
وتابع: “أيها الرب يسوع، أتخيلك تقول في شعانينك لمن يحاول إسكاتنا من المسؤولين بوسائل شتى، ومنها الظلم والتهميش والترهيب والتجويع: لو سكت هؤلاء لهتفت الحجارة! وهتفت كل حبَّة تراب من أرضنا المقدسة ارتوت من دم الشهداء ومن صلاة وعرق النساك والقديسين. تقول لهم: ألا ترون أن شعبكم يجوع ويظلم ودولتكم تنهار؟ الويل لكم، أنتم الذين تسكتون شعبكم بعد أن سلبتموه حقوقه ونهبتم أمواله، وجوعتموه، وتركتموه متسولا على أبواب الأمم بين حي وميت يشقى من أجل الخبز والكرامة. الويل لكم أنتم الذين حملتم شعبكم أحمالا ثقيلة يرزح تحت وزرها وأنتم ما أردتم أن تمسوها بإحدى أصابعكم. (لوقا 11/46). ألا ترون أنكم صرتم منبوذين ومحتقرين من شعبكم، فأصبحتم مثل القبور المخفية والناس يمشون عليها ولا يعلمون؟ (لوقا 11/44). أم أنكم أعميتم عيونكم لئلا تروا وصممتم آذانكم كي لا تسمعوا؟ لن يسكت أبناء شعبكم بعد اليوم، لأنهم تحرروا بالمسيح الذي مات وقام ليحررهم من عبودية الخطيئة والموت. وأصبحوا أحرارا. فلم يعد باستطاعتكم شراءهم وشراء أصواتهم ! فالحرية كانت ولا تزال أغلى ما عندهم!”
كما وترأس راعي أبرشية صيدا المارونية المطران مارون العمار، القداس في كاتدرائية مار الياس الحي، وقال: “هذا الأسبوع العظيم نتمناه بمشيئة الله أن يكون مباركا. نمر بصعوبات كبيرة لا بد من أن تزول، لأن هدفنا أن نكون مؤمنين بيسوع المسيح مخلصنا الذي يهبنا الحياة الأبدية. فلنجدد ايماننا وتعلقنا بكنيستنا وبربنا الذي هو وحده مصدر حياتنا”.
بدوره، أسف راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الكاثوليك المطران ايلي حداد في كلمة الى المؤمنين ورعايا الأبرشية لأن “تكون المناسبة هذه السنة حزينة لعدم تمكن الاطفال من الاحتفال بها”. وحثهم على “تكثيف الصلوات في البيوت، بسبب تفشي فيروس كورونا”. ودعا إلى “شرح معاني العيد للأولاد، وكيف نمشي روحيا مع السيد المسيح نحو أورشليم ونستقبل يسوع المنتصر على الموت، حتى نعيش القيامة معه”.
أما في طرابلس، فقد ترأس راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، قداس الشعانين، في كنيسة مار مارون، وأمل أن “يستقبل لبنان الحبيب السلام قريبا، على غرار استقبال اورشليم للسيد المسيح”. وقال: “في يوم الشعانين نحمل أغصان الزيتون وهي رمز النبوءة والسلام والروح القدس، نرفعها مع هتافات رجاء وفرح روحي غاب عنا، ولكن نعيشه في داخلنا، رغم ما يمر به الوطن الحبيب وما نعيشه من مرارة وأسى ومعاناة إنسانية جراء الوباء والمحنة الاقتصادية والاجتماعية. فمن حقنا أن ننعم بالطمأنينة والاستقرار، وفي قلب الأزمة لا ننسى أننا أبناء الرجاء”.
وتوجه إلى المسؤولين: “المسؤولية أمانة وعطية من الله، ومسؤوليتكم من الشعب ولخير الشعب، لا يجوز أن تتحول هذه المسؤولية الى تسلط واستغلال لأجل الخير الشخصي والمحدود النابع من أنانية وحسابات ضيقة. وأمام هذا الواقع المرير، فلنتنبه لئلا نجرب في خطر هجرة الأرض والوطن، فالشباب الذي غادر بحثا عن فرصة عمل وعيش لائق، عليه ألا يكره الوطن ويترك الأرض، عندئذ تكون الكارثة أعظم من المحنة التي نواجهها اليوم. أدعوكم أيها الشباب إلى ان تجددوا إيمانكم بالله وانتماءكم للوطن الحبيب لبنان. فأنتم غده القريب، معكم يواصل لبنان رسالته الحضارية في اختبار العيش الواحد وموقعه الروحي العالمي. نعم، معكم سنرى لبنان الرسالة، لبنان الحوار، لبنان المواطنة، لبنان أغصان زيتون الرجاء يحملها مواطنات ومواطنون مسؤولون ينشدون السلام والغفران ويعملون لصون الحرية والكرامة الإنسانية، فالمواطن الأمين هو الذي يصنع الوطن”.
وفي النبطية، عمت القداديس مع مراعاة إجراءات الوقاية من كورونا، وأقيم قداس في كنيسة دير مار انطونيوس في النبطية الفوقا، ترأسه الاب سليم نمور الذي شدد في عظته على حاجة اللبنانيين الى التجدد في هذا العيد وحمل أغصان الزيتون.
وفي كنيسة النبطية، ترأس خوري الرعية الأب كامل إيليا قداس العيد، ودعا في عظته إلى المحبة.
وفي كنيسة الكفور، ترأس خوري الرعية الأب يوسف سمعان قداس العيد، دعا فيه الى نهضة لبنانية حقيقية.
كذلك احتفل البقاع الشمالي بعيد الشعانين، إلا أن الحضور كان خجولا بسبب إجراءات كورونا، وتركزت العظات على معاني العيد ودعت إلى النهوض بالوطن.
كذلك احتفل المتن بأحد الشعانين، وللسنة الثانية غابت الزياحات، واقتصرت القداديس على مشاركة المؤمنين بنسبة 30 في المئة من القدرة الاستيعابية للكنائس، مع التقيد بإلاجراءات الوقائية للحد من انتشار فيروس كورونا من تباعد اجتماعي، بناء على توجيهات الأمانة العامة لمجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك، فيما تابع عدد كبير من المؤمنين القداديس الاحتفالية عبر شاشات التلفزة أو مواقع التواصل الاجتماعي.
وأخيرا، احتفلت محافظة عكار بعيد الشعانين، فأقيمت القداديس وسط تدابير صحية وقائية وفق الارشادات والقرارات المتخذة رسميا وكنسيا للحد من تفشي وباء كورونا. وألقى الكهنة عظات ركزت على معاني الفرح باستقبال الآتي باسم بالرب، متطلعين لأن تحمل الايام والأعياد المقبلة الخير والسلام والطمأنينة لشعب لبنان والعالم ويزول الوباء.
وتميزت بلدة بقرزلا بإحياء عيد الشعانين بقداس احتفالي، أقيم تحت أشجار السنديان الدهرية المعمرة في الباحة الخارجية لكنيسة مزار القديسة مورا الاثري، ترأسه الأب نعمة الله حديد، الذي ألقى عظة لفت فيها إلى أن “أحد الشعانين مدخلنا إلى أسبوع الآلام، واليوم الذي نقبل فيه سيدنا كمصلوب وندخله إلى حياتنا لنشاركه آلامه. إنه اليوم الذي نسير فيه مع الملك الآتي على درب القيامة التي رسمها هو لنمشي فيها معه، أي درب الصليب”.