على طول الحدود البرية والبحرية للعراق، يقوم كارتيل متشابك ومعقّد بعمليات تهرّب جمركي يحوّل من خلالها الملايين من الدولارات التي يفترض أن تدخل خزائن الحكومة، إلى جيوب أحزاب وجماعات مسلحة.
ووصف موظف جمارك هذه الشبكة المتداخلة بالأسوأ، قائلاً “الأمر لا يوصف.. أسوأ من شريعة الغاب”.
وقال في حديث لوكالة فرانس برس: “في الغابة، تأكل الحيوانات على الأقل وتشبع. هؤلاء الرجال لا يقنعون أبداً”.
نهب الدولة
وفي اقتصاد يقوم أساسا على النفط، وفي ظل ضعف كبير في القطاعين الزراعي والصناعي وغياب أي إمكانية للحصول على عائدات منهما، تشكّل رسوم الجمارك المصدر الأهمّ للعائدات.
لكن الحكومة المركزية لا تتحكم بالعديد من هذه الموارد التي تتوزّع على أحزاب ومجموعات مسلحة غالبيتها مقربة من إيران تتقاسم السطوة على المنافذ الحدودية وتختلس عبرها ما أمكن من الأموال.
وفي السياق، أكد وزير المالية العراقي علي علاوي لوكالة فرانس برس أن “هناك نوعا من التواطؤ بين أحزاب سياسية وعصابات ورجال أعمال فاسدين”، مشيرا إلى أن “هذا النظام ككل يساهم في نهب الدولة”.
فصائل الحشد
إلى ذلك، أكد مسؤولون أن العديد من نقاط الدخول تسيطر عليها بشكل غير رسمي فصائل تنتمي إلى الحشد الشعبي، وهو تحالف يجمع فصائل شيعية دُمجت مع القوات الأمنية. وتملك هذه الفصائل مكاتب اقتصادية لتمويل نفسها، وتأسست حتى قبل تشكيل الحشد الشعبي.
وقال ضابط في المخابرات العراقية حقّق في قضية التهرّب الضريبي “إذا كنت تريد طريقاً مختصراً، تذهب إلى الميليشيات أو الأحزاب”.
كما أضاف “يقول المستوردون إنهم يفضلون خسارة مئة ألف دولار (تدفع كرشوة) بدلاً من خسارة بضاعتهم بالكامل”.
ويعمل أعضاء الأحزاب والفصائل المستفيدة من ذلك، أو معارفهم وأقاربهم كوكلاء حدود أو مفتشين وفي الشرطة، ويتقاضون مبالغ مالية من المستوردين الذين يريدون تجاوز الإجراءات الرسمية أو الحصول على حسم على الرسوم.
وفيما ينفي الحشد ذلك رسميا، أقرت مصادر مقربة من “عصائب أهل الحق” و”كتائب حزب الله”، بوجود نفوذ لفصائل مختلفة على الحدود، متعدّدة الأرصفة والمراكز التي يتمّ عبرها التهرّب الضريبي على أنواع من البضائع، بما يتطابق مع ما قاله مسؤولو الجمارك وضابط المخابرات لفرانس برس.