Site icon IMLebanon

ألسي فرنيني: خائفة على لبنان والثورة بحاجة إلى قائد

كتبت مايا الخوري في “نداء الوطن”:

عاصرت الفترة الذهبية للدراما والتلفزيون والوطن، فشكّلت أحد الوجوه الراسخة في ذاكرة اللبنانيين الذين يحنّون للأسف إلى زمنٍ مهما إشتدّت أزماته، وجد رجالات كباراً نفتقدهم اليوم بعد دمار الوطن. الممثلة القديرة ألسي فرنيني في حديث بعيدٍ عن الفنّ والدراما، تحكي بصدق عن نقمتها كما نقمة اللبنانيين من مسؤولين يتصارعون على المناصب بشكلٍ مدمّر.

وجع كبير يرافق استذكار يوم 4 آب، يوم دُمّر نصف المدينة، وإختفى جزء من تراثنا وحياتنا وقلبنا بثوانٍ. وما يقهر أكثر برأي ألسي فرنيني، هو طريقة تعامل الدولة مع إنفجار مماثل، حيث لم يتحرّك أحد لنعرف من هو المسؤول. وترى أن هذا الإنفجار برهن أننا نعيش في وطن، غير قادرة دولته على حمايتنا، وهي لا تهتم أساساً بالإنسان، بل بالإستفادة على حساب الشعب.

وتضيف: “نهبونا ونهبوا البلد ونصف حياتنا. في عزّ شبابنا وإنطلاقتنا إلى الحياة عشنا الحرب الأولى، وتوالت الأزمات وتزايد الإهمال. حتّى جاءت ثورة 17 تشرين الأول “لتفشّ خلقنا”. تأمّلنا معها خيراً، وفرحنا بأن الشعب قال كلمته في الشارع معبّراً عن وجعه، مطالباً بإستقالتهم جميعاً، لأن فشلهم ذريع”.

وتشير إلى أن ما تغيّر فعلاً بعد إنفجار 4 آب، هو وصول الليرة اللبنانية إلى الحضيض، فجاع الشعب ودُمّر، وزادت الهجرة والبطالة ومعهما النقمة. ورغم ذلك، لا أحد من المسؤولين يقوم بمبادرة إنقاذية لطمأنة اللبنانيين. بل على العكس، يتصارعون على أمور سخيفة بدلاً من تأليف الحكومة. وفيما الشعب جوعان يخسر مستقبله، لا يزالون يتشاجرون على توزيع المناصب ومن يستفيد أكثر”.

وتخشى فرنيني على وجود هذا الوطن، “مهما فعلوا وأعلنوا فقدنا الثقة بهم. إن لم تتغيّر التركيبة السياسية من جذورها، أي يتغّير كل ما له علاقة بهذا النظام منذ 30 عاماً وحتّى اليوم، لن نبلغ التغيير، يجب أن يستقيلوا ويعتزلوا”. وتساءلت: “كيف يمكن الإيمان ببناء الوطن خصوصاً أننا رأينا ردّات فعل المسؤولين بعد وقوع الإنفجار الكبير، وبعدما وجدنا أن المحكمة والقضاء لم يتوّصلا إلى شيء”. وتلفت إلى أن التغيير لن يتحقق إذا لم ينطلق من جذور مركز الفساد والنهب، داعيةً المسؤولين إلى الإعتذار من الشعب وإعادة الأموال المنهوبة القادرة على إعمار البلد مجدداً. مضيفةً: “للأسف لا يزالون ينتظرون مساعدات الخارج فيما فقدت الدول ثقتها بهم”.

ورأت بأن الإنسان الذي يبيع صوته وكرامته إرضاءً لزعيم أو حزب أو مسؤول هو من يسبب هذه الفوضى. مشيرةً إلى أن الثورة طرحت تغيير الجميع من دون إستثناء، لكنها لم تستطع أن تحقق شيئاً رغم أهدافها المشرّفة والمهمّة لأنها تفتقد إلى قائد. يحتاج الناس إلى قائد، أي إلى شخص حكيم وفيلسوف يستطيع أن يخلّص البلد.

ومن تسمّين لقيادة الثورة؟ “من تليق بهم القيادة، إمّا يسكتونهم أو يغتالونهم أو يُبعدونهم”. وعمّا إذا كانت متعلّقة بالوطن رغم كل هذه الأزمات، تقول: “لبنان وطننا، ولا أعني بذلك التعلق بالحجر والأمكنة، بل أقصد أن من يهاجر يظلّ لاجئاً في بلاد الإغتراب طيلة حياته. بلدنا جميل وشعبه حيّ ومضياف، وهذه ميزات غير متوافرة في البلدان الأخرى برأي السياح الذين يحسدوننا متمنين قضاء وقت أطول هنا، لكن ذلك غير كافٍ. لو عرفنا أننا مشرفون على هذا الإنحطاط الأخلاقي في إدارة البلد وهذا الفشل في إدارة الدولة، لربما فكّرنا بالهجرة عندما كنّا لا نزال في مطلع شبابنا”.

أحبّ الحياة العائلية

وعن أحفادها الذين يعيشون مع والدتهم في قبرص تقول: “أشتاق إليهم كثيراً وأستفقد لوجودهم قربي ورؤيتهم بإستمرار لأشم رائحتهم. صحيح أنهم كانوا يملأون جزءاً كبيراً من حياتي إنما ما يطمئن قلبي أنهم في بلد آمن، يحترمون فيه الإنسان. رغم أنهم صغار في السنّ، حزنوا لمغادرتهم لبنان الذي أرادوا العودة إليه، أي إلى منزلهم ومدرستهم، حيث بدأوا يكوّنون شخصيتهم لكنهم إنسلخوا عن أرضهم. صحيح أن الطفل يتكيّف مع الوقت إنما تبقى هويّة أحفادي لبنانية”.

وعن كيفية تأقلمها مع الظروف التي فرضها فيروس “كورونا”، تعبّر عن إيمانها بحركة كونية لا يمكن وصفها، حيث كان يبلغ العالم مرحلةً من الإنحطاط، تغلب فيها المادة على الإنسانية وعلى المشاعر، فأتت هذه الضربة الصحية لتوعية الناس. تحقق تغييراً ما، من خلال تفتّح الأحاسيس على أن الحياة لا ترتكز على المادة والمظاهر. لقد عادوا عاطفياً إلى العائلة، فأصبحت الأم تهتم شخصياً بأولادها. أعادت كورونا الجميع إلى الحياة البسيطة التي هي سرّ السعادة، وربما أدركوا أنها في داخلهم وليس في محيطهم. لطالما شعرت بهذه الأمور، بغض النظر عن “كورونا”، لإقتناعي بأن البساطة هي سرّ السعادة. منذ الأساس أحبّ الحياة داخل المنزل وأجد الفرح فيه لا خارجه وكذلك شعور عائلتي، لذا لم نتأثر بفترة الحجر، التي مرّت بسكون، مستمتعة بالقراءة. شخصياً، أنزعج من الصخب والضجيج، مفضّلةً الهدوء والعودة إلى الذات، فتعمّقت أكثر بالروحانيات المهمّة جداً بالنسبة إليّ”.

شغفي في التمثيل لم يتغيّر

بالعودة إلى الدراما، منذ مسلسل “موت أميرة” لم تشاركي بأي عمل درامي، أي من حوالى عامين ونيّف، فما سبب الغياب؟ “تلقيت عروضاً إنما لم أجد نفسي في تلك الأدوار. لم أنظر إلى الفنّ يوماً كتجارة. إن لم يتغلغل الدور في أحاسيسي وأشعر فيه لا يمكنني أداءه بصدق، بل سأشعر أنني أكذب على نفسي وبالتالي على الناس. لا أزال أملك الشغف لأداء الدور الذي يليق بي”.

وعن الأعمال الدرامية التي تابعتها وأُعجبت بها تقول: “أتابع الحلقات الأولى، فإذا جذبني المسلسل أتابع الحلقات قدر المستطاع. تابعت “ما فيي” الذي لفتني إنتاجه وتنفيذ الإنتاج والكاست والإخراج والقصّة، عندما يتوافر السخاء الإنتاجي الذي يحترم ذوق المشاهد عندها لا بدّ من أن ينجذب الجمهور. كما أعجبتني قصة مسلسل “العودة” بطولة دانييلا رحمة، وإخراج إيلي سمعان. وأعجبني أيضاً مسلسل “الكاتب” و”تانغو”، ومسلسل “أولاد آدم” الذي جمع ماغي بو غصن ودانييلا رحمة من إنتاج “إيغل فيلمز”. ثمة أعمال محلية أيضاً جميلة مثل “عا إسمك” كتابة كلوديا مرشليان، تمثيل كارين رزق الله، وإنتاج “إيغل فيلمز”.

بعدما دمّرت الحرب اللبنانية الإنتاج الدرامي الذي كان في الطليعة، هل تخشين على مصيره حاليًا؟ تُجيب: “ما من شكّ في أن الظروف الحالية صعبة جداً، إنما هناك حركة إنتاج والعجلة ناشطة. أحيّي شركتي “الصبّاح” و”إيغل فيلمز” اللذين يقدمان أعمالاً ستساهم في عودة المسلسل اللبناني إلى الطليعة”.