كتبت رنى سعرتي في “الجمهورية”:
لا تقتصر هموم الكهرباء على فاتورة المولّد التي سترتفع في الأيام المقبلة الى مستويات جديدة بسبب ارتفاع سعر صفيحة المازوت، وبسبب تعذّر الحصول على المادة بالسعر الرسمي، بل تتعدّاها الى همّ استمرار تأمين هذه الخدمة، لأنّ خطر توقّف المولّدات بات مطروحاً بجدّية أكبر.
تواصل أسعار المحروقات ارتفاعها أسبوعياً، حيث زاد سعر صفيحة المازوت 500 ليرة الى 28000 ليرة. ورغم انّ هذه الاسعار صادرة عن وزارة الطاقة والمياه، ضمن جدول تركيب أسعار المحروقات، إلّا انّ مادة المازوت لا تُباع فعلياً بالسعر الرسمي المحدّد من قِبل وزارة الطاقة، بل تخضع لمزاج أصحاب محطات المحروقات، الذين يستغلون حاجة المواطنين للمازوت للتدفئة، وحاجة أصحاب المولّدات المتزايدة للمازوت نتيجة انقطاع التغذية من قِبل مؤسسة كهرباء لبنان حوالى 22 ساعة يومياً.
وبسبب أزمة انهيار الليرة وعدم رفع جعالة أصحاب محطات المحروقات، قرّر هؤلاء استيفاء رسوم اضافية على مادة المازوت، كبدل النقل الذي لم يكن قائماً في السابق، والذي يتمّ تسعيره بالدولار واحتسابه وفقاً لسعر الصرف في السوق السوداء، ليرتفع سعر صفيحة المازوت من 28 ألف ليرة الى 32 ألف ليرة بالحدّ الأدنى، ويصل الى حدود الـ40 ألف ليرة في بعض المناطق التي باتت مادة الديزل أويل تُباع فيها فقط من خلال السوق السوداء.
«إذا ما عَجَبِتَك التسعيرة… ما عنّا مازوت». هكذا يعلّق بعض أصحاب المحطات في حال اعترض أحد الزبائن على تسعيرة صفيحة المازوت، إن وُجد.
في الهرمل، على سبيل المثال، قرّر أصحاب المولّدات إطفاء مولّداتهم اعتباراً من يوم امس حتى إشعار آخر «وذلك بعد تلقّيهم وعوداً من المسؤولين في الهرمل، وعدم المبالاة حيال المطالب، وبسبب ارتفاع اسعار المازوت وعدم توفّره في المدينة، حيث أصبحت التنكة بـ42 ألف ليرة قابلة للازدياد، في حين تباع في كافة المناطق بالسعر الرسمي وهو 28 الف ليرة. ولعدم الرغبة في زيادة الأسعار، شعوراً بوجع أهل الهرمل والأوضاع الاقتصادية».
بالنسبة الى تسعيرة المولّدات الخاصة التي من المرجّح ان تشهد زيادات اضافية نتيجة ارتفاع سعر صفيحة المازوت، أكّد رئيس تجمّع أصحاب المولّدات الخاصة عبدو سعادة لـ»الجمهورية»، انّ تسعيرة المولّدات ستشهد ارتفاعاً بنسبة تتراوح بين 25 الى 30 في المئة هذا الشهر، نتيجة ارتفاع سعر المازوت الذي سيؤدّي بطبيعة الحال الى زيادة سعر الكيلواط من 720 الى 1000 ليرة، وفقاً للتسعيرة التي تصدر عن وزارة الطاقة، ونتيجة انقطاع الكهرباء حوالى 22 ساعة يومياً، مما يزيد من استهلاك المولّدات الخاصة والاعتماد شبه المطلق عليها للتزوّد بالتيار الكهربائي.
وقال، انّ «الوضع لم يعد يحتمل، ولم يعد أصحاب المولّدات قادرين على الاستمرار وعلى تحمّل الأكلاف التشغيلية المرتفعة من صيانة وقطع غيار وغيرها». معلناً انّ أصحاب المولّدات الخاصة في بعض المناطق، منها عرسال يوم امس، قرّروا إطفاء مولّداتهم لعدم قدرتهم على تحمّل الاعباء المالية».
وشرح سعادة، انّه تواصل مع المسؤولين للتوصّل الى حلّ يساهم في خفض الكلفة التشغيلية التي يتكبّدها اصحاب المولّدات، إلّا انّه لم يلق آذاناً صاغية، رغم انّ التغذية بالتيار الكهربائي تعتمد اليوم بشكل شبه حصري على المولّدات الخاصة. ولفت الى انّ اصحاب المولّدات يطالبون بدعم قطع الغيار والفلاتر والزيوت، لأنّها تباع بالدولار على سعر صرف السوق السوداء. وقال: «على سبيل المثال، كانت كلفة إصلاح أصغر عطل يطرأ على المولّدات الخاصة حوالى 2000 دولار أي 3 ملايين ليرة. أما اليوم فقد باتت هذه الكلفة تبلغ 30 الى 35 ميلون ليرة. وبما انّ اصحاب المولّدات غير قادرين على تحمّلها، يلجأون مرغمين الى وقف المولّدات عن العمل».
بالإضافة الى ذلك، أشار سعادة الى انّ وزارة الطاقة فرضت ضريبة عشوائية على اصحاب المولّدات بقيمة 15 ألف ليرة على كلّ KVA، بما يعادل 7,5 ملايين ليرة سنوياً لكلّ مولّد بقدرة 500 KVA وبمفعول رجعي سنتين، أي بإجمالي 22,5 مليون ليرة مع نهاية هذا العام، «هي أعباء اضافية لا امكانية لأي صاحب مولّد على تحمّلها».
واكّد في هذا السياق، انّ اصحاب المولّدات لم يعد أمامهم خيار سوى التوقف عن العمل واحداً تلو الآخر، «في حال لم يلتفت المسؤولون الى هذا القطاع في أقرب وقت ممكن».
وبالنسبة لعدم توفّر مادة المازوت في الاسواق وبالاسعار الرسمية، ناشد سعادة، اللواء عباس ابراهيم اعادة العمل بالآلية السابقة لمكافحة التهريب والتخزين وبيع المازوت في السوق السوداء، مؤكّداً انّ اصحاب المولّدات في المناطق البعيدة يشترون صفيحة المازوت بسعر 40 الف ليرة بدلاً من 28 الفا، «كما اننا نواجه صعوبة كبيرة في توفّر مادة المازوت. وعندما نطلب 5000 ليتر من المازوت نستلم 500 ليتر فقط!»
وختم: «نصرخ ونعمل جاهدين لتأمين مادة المازوت، ومعها تأمين التيار الكهربائي للناس، فنحن في زمن كورونا والناس في حاجة الى الكهرباء لتشغيل ماكينات الأوكسيجين على أقلّ تقدير». وسأل: «إذا توقفت المولّدات عن العمل، من يتحمّل مسؤولية وفاة عدد من المرضى؟ أصحاب المولّدات ليسوا مسؤولين بل الدولة هي المعنية بهذا الشأن».