كتب عمر الراسي في “أخبار اليوم”:
لم ترحم الازمة الاقتصادية التي يمر بها البلد اي قطاع او مؤسسة، حيث تدهور الليرة اللبنانية انعكس تدهورا في الرواتب، ما طال معظم اللبنانيين وايضا الجيش وعناصر وضباط كافة المؤسسات الامنية. وقد أصاب التراجع رواتب وتعويضات العسكريين من مختلف الرتب والدرجات فأصبح راتب اللواء وتعويضاته في الدرجة 7 وهي الأعلى في القوى الأمنية (بعد رتبة العماد في الجيش) يقارب 900 دولار بعدما كان يقارب 5,637 دولاراً، أما راتب الجندي في الدرجة الأولى، وهي الأدنى، فقد أصبح 138 دولاراً بعدما كان سابقاً 864 دولاراً، (بحسب احصاء نشرته الدولية للمعلومات في 24 شباط الفائت).
وانطلاقا من هذا الواقع، هناك من يستغلّ الازمة لنشر الشائعات التي تطال المؤسسة العسكرية، طورا من خلال الكلام عن الفرار، وتارة عن ان عددا من العناصر بدأ العمل في القطاع الخاص خارج أيام الخدمة، للتمكّن من تأمين مسلتزماتهم المعيشية.
هذا ما نفته مصادر معنية نفيا قاطعا، مذكرة ان القوانين العسكرية تمنع العمل المأجور، اي ان يقوم العسكري في عمل لصالح القطاع الخاص، كما ان هناك تعليمات مشددة تحديدا عند الجيش تتعلق بحظر هذا النوع من العمل قد لا تكون موجودة عند المؤسسات الامنية الاخرى.
وذكّرت المصادر، عبر وكالة “أخبار اليوم”، انه من وقت الى آخر قد يُضبط عسكريون يزاولون عملا مأجورا لكن ليس ضمن القطاع الخاص، فعلى سبيل المثال كان يُضبط عسكري يعمل مع والده في دكان له، او على سيارة اجرة … وكانت تحصل المحاسبة.
وقالت: لكن في الواقع لا يمكن ان نكون مثاليين الى اقصى الحدود، اذ يمكن لاي عسكري ان يشتري سيارة ويبيعها بهدف الربح، او ان يبيع منتجات زراعية من حقل له… فان هذا امر طبيعي يقوم به اي انسان، لكن لا يمكن ان يحصل على وظيفة في القطاع الخاص، وحتى من لديه مهنة كتصليح سيارات او اجهزة الكترونية، فانه يعمل لصالح الجيش حصرا.
وردا على سؤال، اوضحت المصادر ان القطاع الخاص يعاني الامرّين، فهو يستغني عن موظفيه او يدفع لهم نصف راتب مقابل دوامات طويلة، وفرص العمل فيه شبه معدومة، قائلة: لو كانت فرص العمل متوفرة في القطاع الخاص لما عانى البلد من ازمة اقتصادية.
واذ استغربت المصادر الشائعات التي يتم التداول بها بين الحين والآخر، سألت: هل هناك الكثير من اوقات الفراغ في الجيش اكان للعناصر او للضباط، وهل دوام العسكري بيده كي يتمكن من تنظيم دوام آخر في شركة، محذّرة من تصوير القطاع الخاص وكأنه يفتح ابوابه امام العسكريين، او ان الجيش يسهّل الامر وهناك “قبة باط” للعسكرين للبحث عن عمل مأجور.
وفي هذا السياق، اشارت الى ان الهدف من اطلاق هذه الشائعات ليس بريئا، وان كانت تضيء على الازمات الحاصة في البلد، ولكن هناك فرق بين معاناة “الشعب من الجوع”، وبين “معاناة الجيش من الجوع”، لان الامر يحمل الكثير من الخطورة ويظهر الجيش ضعيفا، اذ وقتذاك تهتز صورة الامن، ويفقد الشعب كل ضمانة، وقد يؤدي الامر الى حرب، وظهور المنظمات الارهابية … بمعنى ان الكلام عن الازمة من باب الجيش يخلق الخوف عند الناس.
ولفتت المصادر الى ان “النقمة” على الطبقة السياسية مشروعة، ولكن هذه النقمة تزيد حدة حين تصّور هذه الطبقة السياسية بانها “جوّعت الجيش” دون ان تحرّك ساكنا، وقالت: وكأن الهدف من هذه الشائعات هو تكبير الحجر.
ورأت المصادر ان من يقف وراء هذه الشائعات يسعى الى التصويب ايضا على بعبدا، كون رئيس الجمهورية هو قائد سابق للجيش وهو القائد الاعلى للقوات المسلحة.
وختمت المصادر محذرة من ان التصويب على هيبة الدولة من خلال الجيش لانه آخر مسمار صامد ويواجه.