تُراوح الازمة الحكومية مكانها، حتى الساعة. لا جديد يذكر في المواقف رغم كل الضغوط والنداءات الخارجية، المستعجلة التشكيل والملوّحة بالعقوبات، وآخرها اطلقه وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان مساء الاثنين، باسم الأسرة الاوروبية لا بل الدولية، كلّها. لكن التعويل اليوم، هو على مسعى “مُفترض” يضطلع به رئيس مجلس النواب نبيه بري، من المبكر بعد، بناء امال كبيرة عليه.
فالثلثاء، ومع انه ترك الباب مفتوحا نوعا ما، على حلّ ما، كرّر تكتل لبنان القوي “الاسطوانة” عينها. اثر اجتماعه الدوري إلكترونياً برئاسة النائب جبران باسيل، دعا الرئيس المكلّف الى المبادرة لتقديم صيغة حكومية تستوفي شروط الميثاق والدستور والاختصاص وذلك في ضوء المواقف الداعية الى الخروج من المراوحة ومن عقدة عدد 18 المصطنعة، لأن في ذلك الكثير من الحلول للمشاكل المختلفة. واذ اكد أن كل الحجج التي جرى تسويقها لإتهامه بالعرقلة قد سقطت، بعدما تأكّد ان لا مطالب محدّدة وجامدة له كما يروّج”، اشار الى انه ينظر “بأمل وايجابية الى كل مبادرة ومقترح يتقدّم به اي طرف وهو يكرّر ان الحلول كثيرة اذا ما صمّم دولة الرئيس المكلّف على تأليف الحكومة بحسب الأصول”.
منذ اشهر، لا ينفك الفريق الرئاسي يكرر الكلام نفسَه، عبر بيانات التيار الوطني الحر تارة، ومواقف التكتل البرتقالي ونوابه طورا، هذا إن لم يَقله بالمباشر رئيسُ الجمهورية العماد ميشال عون، الذي كان الاثنين ايضا تحدّث بالمنطق عينه، مشيرا الى ضرورة ان يقتنع الرئيس المكلف بأن “تشكيل الحكومة سيكون صعبا في حال اللجوء الى التأليف من قبل شخص واحد”، مذكّرا ان “هناك عدة معايير تؤلف على اساسها الحكومة، لاسيما في ما خص توزيع التوازن، وهذا لا يحصل عبر احتكار شخص لعملية التأليف. علينا إيجاد حلول كي نعيد التوازن الى ما كان عليه، ويعود اصحاب الصلاحيات الى ممارسة صلاحياتهم”… في المقابل، الرئيس الحريري ينفي اي تعدّ على صلاحيات احد او على حقوق اي طرف، ويتمسّك بالصيغة التي رفعها الى القصر منذ اكثر من 100 يوم.
العامل الوحيد القادر على كسر هذه المراوحة، هو تدخّل حزب الله لدى الفريق الرئاسي لاقناعه بالتخلي عن الثلث المعطل، بعد ان بات القاصي والداني، في الداخل والخارج، يعرف ان بعبدا والتيار يسعيان اليه. فهل يفعل؟ على مر الاسابيع الماضية، وقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الوسط، بين حليفه والرئيس المكلّف، قبل ان يترك الاخيرَ نهائيا في اطلالته منذ نحو اسبوعين، ويصطفّ بالكامل الى جانب رئيس الجمهورية، ليس من خلال دعمه مطالبَه، بل من خلال انقلابه على جوهر المبادرة الفرنسية ومطالبته بحكومة تكنو – سياسية.
العيون اليوم، ترصد كلمة نصرالله عصرا. فهل سيبقى على تشدّده هذا؟ ام هل يمكن ان يقرر اعطاءَ حليفه الثاني، الرئيس نبيه بري فرصةً للتشكيل من خلال المبادرة الحكومية التي يطرحها؟ اللافت في هذا الاطار كانت الزيارة التي قام بها امس رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الى عين التينة حيث وضع سيّدها في اجواء زيارة وفد الحزب الى موسكو، وفق ما اعلن المكتب الاعلامي في الرئاسة الثانية. فهل هذا التواصل الذي يأتي عقب عودة الوفد بأيام (ليست قليلة)، هدفُه اقناعُ بري بوجهة نظر الضاحية التي لا تحبّذ الحكومة الآن، في ضوء ما سمعه مسؤولو الحزب في موسكو من مواقف، وبالتالي هل أتت الزيارة لشرح اسباب عدم دعم نصرالله للمبادرة؟ ام هل يمكن ان يكون الاجتماع شكّل فرصة لتنسيق المواقف والبحث في كيفية انتقال الحزب بسلاسة، الى خندق الضغط على الفريق الرئاسي، ليتنازل الاخير عن الثلث، شرط ان يُعطى في المقابل، ما يُرضيه من حيث عدد الوزراء وكيفية اختيارهم، بعد ان يزور بري او موفد منه القصرَ؟ توجُّه الحزب سيتظهر خلال ساعات في كلمة نصرالله، تختم المصادر.