Site icon IMLebanon

مصادر بكركي: البعض يستغل شعار حقوق المسيحيين لغايات شخصية

كتبت لينا الحصري زيلع في “اللواء”:

مع استمرار استفحال الازمات على المستويات كافة دأب رأس الكنيسة المارونية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على مناشدة المسؤولين اللبنانيين من دون ملل او كلل وفي كل مناسبة وعظة بضرورة تقديم التنازلات والالتفات الى مطالب الشعب والاسراع في تشكيل حكومة تحاكي تطلعات جميع اللبنانيين وتترجم مدرجات المبادرة الفرنسية لايقاف عجلة الانهيار غير المسبوق، وهذا الامر كان محور الحديث الذي دار بينه وبين الرئيس المكلف سعد الحريري الذي زار الصرح البطريركي يوم عيد البشارة، ولكن مع استمرار الجمود الحكومي عاد واطلق سيد بكركي مجددا كلاما مدويا في عظة عيد الشعانين لعله يلقى اذانا صاغية واعلن ان بكركي لم تكن يوما مؤيدا لاي مسؤول ينأى بنفسه عن انقاذ لبنان وشعبه، ولم يكن يوما مؤيدا لجماعات سياسية تعطي الاولوية لطموحاتها الشخصية على حساب سيادة لبنان واستقلاله، ومن المنتظر ان تتوالى مواقف البطريرك الماروني خلال الاسبوع الجاري في عظاته ان كان لمناسبة الجمعة العظيمة او سبت النور او الفصح المجيد، وستكون وحسب التوقعات من العيار نفسه الذي اعتاد على اطلاقه في الفترة الاخيرة، خصوصا ان موقفه ثابت من موضوع حياد لبنان ووجوب انعقاد مؤتمرا دوليا خاص بلبنان وهو اثار هذا الامر مع الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس خلال الاتصال الذي اجره معه منذ قرابة العشرة ايام.

مصادر سياسية مطلعة على مواقف بكركي تؤكد «للواء» على اهمية ان يكون هناك استنفار وطني عام من اجل تأليفحكومة  في اسرع وقت ممكن والكف عن الخلافات والمطالب الشخصية وان تتشكل الحكومة من وزراء اختصاصيين وذلك ترجمة للمبادرة الفرنسية الذي توافقت عليها جميع الاطراف اللبنانية امام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ودعت المصادر الى التوقف عن سياسة المماطلة وتقاذف المسؤوليات، مشددة على ان الجميع مسؤول في هذه الظروف الصعبة والدقيقة وعليهم تسهيل الولادة.

وتذكر المصادر بدور بكركي التاريخي فيما خص المسائل المتعلّقة بشؤون البلد، وتلفت الى ان موقف البطريرك الراعي مكمل للمواقف المحورية التي اتخذها أسلافه عبر التاريخ، حتى قبل نشوء دولة لبنان الكبير وهي مستمرة حتى وقتنا هذا.

الاجتماع الدولي يحتاج إلى توافق

ولكن تشير المصادر بأن دعوة البطريرك للحياد ولعقد اجتماع دولي لا تكفي لوحدها فالامر يحتاج الى جهود وتوافق داخلي وهو غير مؤمن حاليا كما ترى هذه المصادرالتي تعتبر بأن  الاتصال الذي اجراه البطريرك الراعي مع الامين العام للامم المتحدة كان جديا، ولكنها تشير الى انه غير كافٍ في غياب التوافق اللبناني عليه من قبل جميع الافرقاء كما حصل تاريخيا في سويسرا.

وتؤكد المصادر ان لصدى كلام البطريرك الراعي خصوصية كونه شخص معنوي يرأس الكنيسة المارونية، لذلك فهو ينبه ويحذر مثله مثل عدد من رجال الدين الاخرين ومنهم مطران بيروت للروم الارثوذكس الياس عودة والمعروف بمواقفه المدوية والمحورية.

لا يمكن لأحد المس بحقوق المسيحيين

وحول تمسك البعض بمقولة حقوق المسيحين، تأسف المصادر لمثل هكذا طرح وتعتبره بأنه كلام مردود على اصحابه، لانه لا  يمكن لاحد المس بحقوق المسيحيين، مشيرا الى ان البعض يقوم باستغلال هذا الشعار السياسي لغايات شخصية، وتشدد على ان بطريرك الموارنة لا يتحدث باسم المسيحين او الموارنة بل هو يتحدث باسم كل اللبنانيين لان هذا هو دور بكركي دوما والتي هي مرجع لجميع ابناء الوطن من دون استثناء، وابوابها مفتوحة امامهم وهذا ما شهدناه في الايام الاخيرة ان كان بالنسبة للزيارة التي قام بها الرئيس سعد الحريري اوالرئيس فؤاد السنيورة اوالنائب نهاد المشنوق وغيرهم الكثيرمن الشخصيات من مختلف الطوائف والمذاهب الى بكركي، وتعتبر المصادر ان كل هذه الزيارات تصب في تأييد طروحات البطريرك الراعي، الذي لا يستثني احد بكلامه وانتقاده خصوصا انه يسمي الامور باسمائها بشكل مباشر واعلانه الواضح بتمسكه ببنود اتفاق الطائف وهذا الامر ينطبق على الفاتيكان حتى ان البابا بولس الثاني بارك هذا الاتفاق.

البابا فرنسيس وزيارة لبنان

وسألت «اللواء» الدكتور داوود الصايغ عن موقف الفاتيكان من الوضع في لبنان وعما اذا كان البابا فرنسيس سيزور لبنان قريبا يقول الصايغ: «أعلن بابا الفاتيكان وهو في طريق عودته من بغداد في الثامن من آذار انه تلقى دعوة من البطريرك الراعي لكي تحط طائرته في مطار بيروت وهو في طريق عودته، فأجابه ان لبنان يستحق زيارة خاصة، وهو سيقوم بها  وهو في باله دائما».

ويضيف الصايغ:«لكن مجرد التوقف في مطار بيروت لا يكفي في رأي البابا للتعبير عما يكنه هو والفاتيكان للبنان. فهذا حصل في ستينات القرن الماضي عندما توقف البابا بولس السادس في مطار بيروت وهو في طريقه الى الهند وذلك في ايام ولاية الرئيس شارل حلو يومذاك كان لبنان في امان وكانت تجربته مثالية للعالم كله.و لكن بعد ان عصفت الحروب والصراعات المختلفة بهذا البلد المتميز بالنسبة الى الفاتيكان، تألم البابا يوحنا بولس الثاني كثيرا لوضع لبنان، واخذ يتابع عن كثب وارسل اكثر من مندوب اليه، كما تم اعداد ورقة حل للازمة اللبنانية عرفت بورقة الفاتيكان ولم توافق عليها سوريا.

وظل البابا يتابع مساعيه مع فرنسا بالذات، وهي الوحيدة التي كانت مهتمة بلبنان يومذاك، والى حد ان العلاقات بين الفاتيكان والولايات المتحدة تأثرت بسبب عدم اقدام واشنطن على العمل جديا من أجل انهاء النزاع في لبنان، تبعا لنظرية هنري كيسنجر الذي كان يفضل يومذاك حصر النار في لبنان وليس اطفاءها… ويوم أذنت الظروف أعلن عن سينودوس خاص من أجل لبنان ال ١٩٩٥، ثم جاء البابا ونشر الارشاد الرسولي في لبنان في ايار عام ١٩٩٧».

للفاتيكان قوة معنوية كبرى

ويتابع الصايغ» كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري قد قام بأول زيارة له الى الفاتيكان في نيسان ١٩٩٣، ثم تكررت الزيارات الى حد ان الرئيس رفيق الحريري اصبح المحاور اللبناني والعربي والمسلم في الفاتيكان.و معروف ان هذا البابا الكبير قال كلمته الشهيرة عن لبنان بأنه اكثر من بلد وانه رسالة الى الشرق والغرب.

ويؤكد الدكتور الصايغان الفاتيكان قوة معنوية كبرى في العالم  كون البابا هو رئيس الكنيسة الكاثوليكية في العالم (وتعبير الكاثوليك يعني كل من هو متحد مع الفاتيكان ) بالاضافة الى كونه رئيس دولةًالفاتيكان وهي رقعة صغيرة في مدينة روما حيث يقيم البابا مع معاونيه ولذلك وفقا لاتفاقيات تاريخية سابقة فهو يستقبل سفراء مستقلين عن اؤلئك المعتمدين لدى الحكومة الايطالية، لذلك فان وسائل عمله الدبلوماسيةواسعة، فالبابا يعين كل الكرادلة والاساقفة في جميع البلدان  وبهذه الصفة ولانه مرجعية كبيرة لا مصالح لها فان كلمته مسموعة دائما.

ويشير الى انه بعد يوحنا بولس الثاني جاء البابا بينيديكتوس السادس عشر في شهر ايلول ٢٠١٢ وقال من بين  ما قاله ان لبنان هو نموذج لمنطقته والعالم وتحركات البابوات في العالم هي اكبر حدث اعلامي، كما شهدنا في العراق، وعادة يتم الاعداد للزيارة قبل وقت طويل جدا، لهذا لم تحصل اي هفوة في زيارة العراق، نتيجة لتنظيم دقيق يشمل الجوهر والشكل».

بابا الفاتيكان يتابع لبنان عن كثب

ويقول الصايغ: «ان البابا الحالي مثل السابقين يتابع شوؤن لبنان عن كثب وباهتمام كبير، وهو سيزور لبنان ولكن ليس في هذه الظروف بالذات، ظروف ضياع المسؤلين، لانه لا يتحرك جسديا في عز الازمات، بل انه يكرس الحلول والبابا فرنسيس يسعى ولكن هو لا يفرض الحلول بليؤيد كل ما من شأنه ان يحمي لبنان ويصونه  وهو يعرف العالم العربي جيدا، وبخاصة بعد توقيعه وثيقة الاخوة الانسانية والعيش المشترك في دولة الامارات في شباط ٢٠١٩».

ويشير الصايغ الى ان البطريرك الراعي هو ايضا كاردينال اي انه ينتمي الى مجمع الكرادلة  وكل تحركاته يطلع عليها الكرسي الرسولي، واذا تقدم موضوع الحياد بالشكل الذي يطرحه البطريرك لا شك انه سيكون للفاتيكان دور مؤثر.

وحول موقف الفاتيكان من الازمة الحالية في لبنان يشدد الصايغ على ان الفاتيكان يتعاون حاليا مع فرنسا في سبيل ايجاد حل للازمة اللبنانية، وان سفيره في لبنان يتابع تزويده بكل المعلومات كما انه يلتقي باستمرار بالبطريرك الراعي، ولكن خارج هذا الاطار ولاعتبارات متعلقة بخصوصية الفاتيكان فليس بمستطاعه ان يقدم حلا، ضمن الوضع الشديد التعقيد في المنطقة ككل.