كتب عمر الراسي في “أخبار اليوم”:
“السلع المدعومة” … الشغل الشاغل للبنانيين منذ نحو عام على وقع تدهور قيمة عملتهم الوطنية مقابل الدولار، وباتوا يبحثون عنها “بالسراج والفتيل”، واحيانا “تشن المعارك من اجلها”… وفي وقت يفتشون عنها على رفوف المتاجر والدكاكين، يصدمون بما ينشر على مواقع التواصل من صور وفيديوهات بان هذه السلع التي يدفع ثمنها من ودائعهم منتشرة في ارجاء العالم.
وقد بات واضحا ان غالبية الدعم يذهب الى التجار والمحتكرين والمهرّبين مما يوحي ان هناك نوعا من التواطؤ، لا سيما انه تبيّن أنّ طلبات استيراد السلع المدعومة ارتفعت بنسبة أكثر من 30% خلال الأشهر الأخيرة.
ويقدّر الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة حجم التهريب للمواد المدعومة الغذائية ما بين الـ50 والـ70%، معتبرا ان ما يحصل على هذا المستوى هو عمل عصابات.
وقال في حديث الى وكالة “أخبار اليوم”: “لا اعتقد ان السوبرماركت والدكاكين الصغيرة هي التي تهرّب الى الخارج، بل هناك شبكات كبيرة كـ NETWORK ، تعمل على مستوى واسع.”
ويشير عجاقة الى انه سأل نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي عمن هم التجار الذي يهرّبون، فكان الجواب ان هناك 22 الف تجار في لبنان، وليس من مهام النقابة القيام باي رقابة.
وردا على سؤال، يوضح عجاقة ان وجود السلع في دول أخرى مثبت من خلال الكثير من الصور والفيديوهات، التي لا يمكن لاحد نفيها، قائلا: اليقين ايضا ان مصرف لبنان دفع ثمنها بالدولار، مقابل سعر صرف 3900 ل.ل.
لذا السؤال الجوهري، كيف تم تهريب هذه المواد الى الخارج؟ يتحدث عجاقة عن احتمال من اثنين:
– اما السلع وصلت الى لبنان ثم هرِّبت،
– او انها من الاساس لم تصل الى لبنان بل نقلت مباشرة من بلد المنشأ الى البلد التي وجدت فيه، بما يوفّر الشحن واعادة الشحن.
وامام هذا الواقع، يرى عجاقة ان كلمة “فضيحة” لا تفي لوصف التواطؤ الحاصل، حيث هناك مافيات تتألف من مهربين وتجار يؤمنون لهم البضائع.
من جهتها، توضح مصادر قضائية متابعة للملف ان المشكلة بين وزارة الاقتصاد والجمارك، مذكرة ان التفتيش المركزي كان منذ نحو 3 اشهر قد ارسل كتابا الى الجمارك حول وجود سلع مدعومة خارج لبنان، ولكن لم يأته اي جواب بعد.
وتلفت المصادر الى انه لا يمكن الاستيراد ما لم توقّع وزارة الاقتصاد على المعاملات اللازمة، مشيرة الى انه على الجمارك ان تراقب كل المستوردين، وعلى الجمارك ان تتحقق من وصول البضائع الى لبنان وان تضبط عدم خروجها من البلد.
وتختم المصادر مذكرة انه يجب على وزارة الاقتصاد الا توافق على صرف المبلغ الا بعد التحقق من البيان الجمركي لدخول البضائع الى لبنان، وبهذه الآلية تضبط المواد المدعومة.