كتب عمر حبنجر وداوود رمال في الأنباء الكويتية:
هل كانت كلمة السر التي نطق بها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، في الدقيقة الأخيرة من خطابه التأبيني المطول للشيخ أحمد الزين وراء «الانفراج» الحكومي الذي لاح في الأفق اللبناني المغلق؟ أم أن ما نشهده من انكفاء للشروط والعقبات مجرد «فاكسين» مهدئ للتوترات، ريثما تنتهي غرفة المقاصة الإقليمية، من توزيع المنطقة، أنصبة نفوذية على كبار الدول؟
نصرالله اعتبر انه آن الأوان للذهاب جميعا الى المعالجة «لأن البلد استنفز روحه»، وتزامن هذا الاعتراف بتناغم مع قول رئيس الجمهورية ميشال عون لقناة «الجديد»: ياريت ورثت بستان جدي وما عملت رئيس جمهورية»! وأيضا مع توجه البطريرك بشارة الراعي لحزب الله بالقول: لماذا تريد مني أن أوافق عندما تذهب الى الحرب التي فيها خراب لبنان»؟
البعض يعتقد ان الأجواء التي عاد بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من باريس، وضعت القوم أمام مخاطر عقوبات فرنسية – أوروبية على كل من يصنف كمعرقل لتأليف الحكومة، مع تزكية صيغة الـ 24 وزيرا، التي طرحها وليد جنبلاط على الرئيس عون بدلا من 18 وزيرا، مقرونة بـ «لا» كبيرة للثلث المعطل.
وهنا يوضح مصدر لبناني يشتغل على عملية التأليف لـ «الأنباء» ان هناك «جو تحريك لملف تأليف الحكومة بمناخ إيجابي، مع ميل واضح من كل أطراف عملية التأليف بالذهاب الى صيغة من 24 وزيرا بانتظار ان يحسم الأمر الرئيس المكلف سعد الحريري موقفه على التخلي عن صيغة 18 وزيرا والانتقال الى صيغة 24 وزيرا».
وقال المصدر: «في حال تم اعتماد حكومة من 24 وزيرا على قاعدة (8 + 8 + 8) اي 8 وزراء يسميهم رئيس الجمهورية و8 وزراء الرئيس المكلف وحلفائه و8 وزراء لكل من الرئيس نبيه بري وحزب الله وحلفائهما، سنكون أمام مفاوضات ليست سهلة حول كيفية تركيب هذه الأثلاث الثلاثة، وايضا تحديد مهمات الحكومة خصوصا لجهة البنود الإصلاحية التي حددتها الورقة الفرنسية والتي لا مفر منها وإلا لا مساعدات للبنان، لأن الخشية تأليف حكومة ومن ثم الاختلاف في اول جلسة تعقدها حول الأولويات الإصلاحية والإنقاذية».
وكشف المصدر ان «الجانب الفرنسي ابلغ كل من التقاهم وآخرهم المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، انهم يريدون الانتهاء من عملية تأليف الحكومة سريعا، لدرجة قول احد المسؤولين الفرنسيين خلصونا من عملية التأليف وأريحونا، وفي ذلك تعبير عن درجة اليأس التي وصلت إليها القيادة الفرنسية من سلوك القيادات اللبنانية».
والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا رفضت حكومة الـ 18 وزيرا، لتقبل حكومة 24 وزيرا، وما الفارق بين ان تكون الحكومة موزعة على 3 ستات، او 3 ثمانيات؟ والجواب قد يصعب على البعض تصديقه، وهو ألا فارق بين الصيغتين من حيث الجوهر، سوى ان في الحكومة الموسعة استجابة لرغبة الرئيس عون، مقابل تنازله عن الثلث المعطل، استجابة لشروط الرئيس المكلف سعد الحريري.
انها «التسوية الحكومية» المنتسبة الجذور الى المبادرة الفرنسية المتعثرة، فقبل حديث نصرالله عن الجهود الجماعية للتعاون من أجل تذليل عقبات تشكيل الحكومة، كان شريط الفيديو الموزع للبطريرك بشارة الراعي، بالصوت والصورة، ودون إشارة الى المناسبة او التاريخ، وهو يخاطب حزب الله بصراحة غير مسبوقة قائلا: «لماذا تقف ضد الحياد، هل تريد إجباري على الذهاب إلى الحرب؟ تريد إبقاء لبنان في حالة حرب؟ هل تأخذ برأيي حين تقوم بالحرب؟ هل تطلب موافقتي للذهاب إلى سورية والعراق واليمن؟»، وأضاف: «هل تطلب رأي الحكومة حين تشهر الحرب والسلام مع إسرائيل؟، ما أقوم به أنا هو في مصلحتك، أما أنت فلا تراعي مصلحتي ولا مصلحة شعبك».
وإلى حديث عون لقناة «الجديد» عن بستان جده، كان هناك موقف مرن، بل عالي المرونة، لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، تمثل باستجابته لاستدعاء النائب العام المالي د.علي إبراهيم، «متجاوزا» حصانته النيابية وظروفه الأمنية، حيث استمع إليه مطولا، كوزير سابق للطاقة، في فترة استئجار باخرتي توليد الكهرباء التركيتين، في وقت ضجت وسائل الإعلام بخبر استدعاء نائبه في رئاسة التيار منصور فاضل لمخابرات الجيش الى مطعم في جل الديب، بداعي تعرضه أثناء وجوده في المطعم للتهديد!.
المصادر المتابعة كشفت لـ «الأنباء» ان اتصالات خارجية واسعة جرت، وتوصلت الى إزالة تحفظات على الحريري، في حين بقي هناك شرط محدد للقبول بالحكومة في تركيبتها الجديدة، يتمثل بعدم تمثيل حزب الله مباشرة او ضمنا فيها، وان على الحزب ان يتقبل وزيرين من أصل الـ 5 وزراء شيعة، ليسوا معه، انما ليسوا ضده في ذات الوقت، في حين لا مشكلة بالوزراء الـ 3 الآخرين المفترض ان يكونوا مقبولين من حركة أمل، طبقا لما انتهت إليه الاتصالات.
رئيس مجلس النواب نبيه بري يبدو متأنيا في الذهاب الى الرئيس عون او في استقبال رئيس التيار جبران باسيل، تجنبا للخطوات الناقصة، وقال خلال لقائه وفدا عراقيا برئاسة وزير الصحة د.حسن التميمي: نعم للأسف لبنان مهدد بالانهيار إذا ما بقي الوضع على ما هو عليه من دون حكومة إذ لا يمكن الوصول الى شاطئ الأمان من دون سلطة تنفيذية تتحمل مسؤولياتها في منع سقوط لبنان لا سمح الله.
على صعيد توزيع الحقائب، فحسب الاتفاق الأولي، فإن وزير حزب الطاشناق الأرمني سيكون من حصة عون، ولا حقيبة وزارية لرئيس الحكومة ولا نائب رئيس الحكومة، ويحق لعون إعطاء رأيه بالتشكيلة الوزارية، وتكون وزارة الداخلية من حصته والعدلية من حصة رئيس الحكومة.