Site icon IMLebanon

الحريري يحطّ عند بوتين… تدعيم الموقف في وجه التعطيل

كتب ألان سركيس في صحيفة نداء الوطن:

قد تكون روسيا من أكثر الدول الملمّة بالملف اللبناني، لذلك يظنّ من يراقب الوضع أنها لا تتدخّل، ولكن نتيجة إدراكها العميق للتعقيدات اللبنانية فهي تنأى بنفسها عن الغرق في الوحول اللبنانية.

تُعتبر موسكو من أكثر الدول التي تدعو القادة اللبنانيين إلى إبرام تسوية تنقذ البلد من “جهنم” حتمية، وقد أجرت إختباراً لإمكانية تحقيق خرق ما، لكنها أدركت سريعاً أن التعقيدات اللبنانية لا تزال كثيرة، ولذلك هدّأت سرعة مساعيها.

وتعرف موسكو جيداً أنها لا تستطيع الدخول في مبادرة لحل الأزمة اللبنانية مع شركاء مثل فرنسا أو إيران أو السعودية لوحدها، بل إن كلمة الفصل تعود إلى الولايات المتحدة الأميركية، وهي حتى الساعة مشغولة بأزماتها الداخلية وبصراعاتها الخارجية ولم تمنح ملفات المنطقة ومن ضمنها لبنان الأولوية حالياً.

وإذا كانت موسكو قد استقبلت عدداً من الوفود اللبنانية وأبرزها وفد “حزب الله” برئاسة النائب محمد رعد، فإنها ستستكمل مشاوراتها وهذه المرّة بلقاء حليفها الأول في لبنان الرئيس المكلّف سعد الحريري.

وفي المعلومات، أن دوائر الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الروسية تحضّر لزيارة الرئيس الحريري إلى موسكو، والتي ستكون قريبة جداً والأرجح في النصف الأول من نيسان، لكن هذه الزيارة لن تقتصر على لقاء المسؤوليين الروس في “الخارجية”، بل إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيلتقي الحريري.

وسيركّز الحريري الذي قام بجولة سابقة على عدد من الدول الفاعلة في لقائه مع الرئيس بوتين ومع المسؤولين الروس على الملف اللبناني وملفات الشرق الأوسط، لكن الإهتمام الأبرز سينصبّ على الأزمة الحكومية حيث سيشرح الحريري العراقيل التي تقف حاجزاً أمام ولادة حكومته، والتي هي حكومة أكثر من ضرورة نظراً لما يعانيه لبنان من أزمات إقتصادية وسياسية وأمنية، في حين أن التأخير في تأليف حكومة سينتج عنه مزيد من الإنهيار. وتشير المعلومات إلى أن الروس سيؤكدون أمام الحريري تمسّكهم به مرشحاً طبيعياً لرئاسة الحكومة، وأنهم مع التأليف سريعاً، كذلك فإن موقفهم بات واضحاً في دعم حكومة إختصاصيين مستقلة برئاسته من دون ثلث معطّل.

ولا يقف الروس كثيراً أمام حجم الحكومة وكل التفاصيل الأخرى، لكنهم لا يحبذون أن يُعطّل أحد عمل الحكومة، من هنا فإنهم يدعون جميع الأفرقاء إلى تقديم التنازلات المتبادلة لأن الوضع في لبنان لم يعد يحتمل التأجيل أو التعطيل.

وفي السياق، يحاول الروس مساعدة الحريري على تأليف الحكومة، وستحضر العرقلة الإيرانية في المحادثات وكل ما يحيط بالملف الحكومي من عراقيل سواء كانت داخلية أو عقداً مصطنعة من الخارج.

وأمام معرفة الروس للمعرقلين، لا يزال “جهابذة” فريق العهد ورئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل يعانون في إقناع موسكو بوجهة نظرهم، عبر اللعب على الوتر الطائفي وادّعاء الدفاع عن حقوق المسيحيين لنيل الثلث المعطّل لهم، خصوصاً أن الروس يعتبرون أن سياسة التعطيل ومنع تأليف حكومة وزرع الفوضى هي من أكثر الأمور التي تضرب حقوق المسيحيين وتدفعهم إلى الهجرة. ولم تمنح الزيارات المتكررة للنائب السابق أمل أبو زيد إلى روسيا أي جرعة دعم لباسيل ولم تساهم في تبديل الموقف الروسي، في حين أن إعلانه أنه سيقوم بنقل رسالة من الرئيس ميشال عون إلى نظيره بوتين، لن يبدّل شيئاً من الواقع، لأن السياسة الروسية تجاه لبنان باتت معروفة.

يعرف الروس جيداً أن الحلّ الكامل للأزمة اللبنانية لا يأتي في سياق منفصل عن أزمات المنطقة، وهذه التسوية الشاملة تحتاج إلى وقت طويل ولم تنضج ظروفها بعد، لذلك، فإن تحييد الوضع الحكومي حالياً يعتبر أولوية عند الروس، خصوصاً أنهم يعتبرون أن تأليف الحكومة ملف منفصل بشكل كامل عن ملف المنطقة، لذلك يحاولون جاهدين دعم المبادرة الفرنسية أو على الأقل تسهيل مهمة الحريري من أجل تأمين ولادة حكومية توقف النزيف الداخلي.