حملت الساعات الماضية جديدا على خط الاتفاق النووي الايراني ومساعي احيائه. فقد أكدت وزارة الخارجية الأميركية، امس، موافقتها على المضي قدما في المحادثات “غير المباشرة” في إطار جهود إحياء التفاهم المبرم مع ايران في 2015. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، إن القضايا الرئيسية المقرر بحثها في الأيام المقبلة تشمل الخطوات المطلوبة من إيران للعودة للالتزام بالاتفاق وخطوات لتخفيف العقوبات. وأضاف أن “واشنطن لا تتوقع محادثات مباشرة مع إيران في الوقت الراهن لكنها منفتحة على المسألة”.
هذا الموقف اتى عقب قرار اتخذه الجمعة مسؤولون من الصين وروسيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيران في ختام مباحثاتهم عبر الإنترنت الخاصة بـ”الاتفاق النووي وكيفية عودة واشنطن اليه”، يقضي بعقد اجتماع جديد بالطريقة ذاتها، في فيينا الثلثاء. وقد اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل أوليانوف، اثر انتهائه، أن المحادثات تسير في الاتجاه الصحيح، مستطردا “لكن التحرك للأمام ليس سهلا وسيتطلب كثيرا من الجهود”، مشيرا إلى أن “أطراف الاتفاق تبدو جاهزة لفعل ذلك”.
وفي وقت لفت الاتحاد الأوروبي الى ان “المشاركين بحثوا احتمالات عودة الولايات المتحدة للاتفاق… وكيفية ضمان التزام كل الأطراف به وتنفيذه بشكل كامل وفعال”، قال مصدران دبلوماسيان إن بريطانيا وفرنسا وألمانيا أجرت بالفعل محادثات مع إيران الاثنين الماضي تطرقت في جانب منها الى “مقترح إيراني”. واعلنت متحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية للصحافيين في إحاطة يومية، ان القوى الأوروبية تعمل من كثب مع روسيا والصين لإيجاد حل للأزمة، كما تتحدث أيضا مع طهران وواشنطن.
رغم هذا الانفتاح والليونة الايرانيين اللذين تؤكّدهما الوقائع، بدليل المحادثات الجارية بين طهران والوسطاء الاوروبيين والروس، والتي يدور بعضها تحت الاضواء ومعظمُها خلف الكواليس، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، الا ان إن الجمهورية الاسلامية ترفض إظهار مرونة مطلقة، وتعتمد سياسة “ضربة عالحافر وضربة عالمسمار”، كي تُبقي سقفَ شروطها عاليا، وتنتزع من واشنطن القدر الاكبر من التسهيلات والمكاسب… في هذه الخانة، تصب مواقف المسؤولين الايرانيين. فقد رأى نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي امس، اثر الاجتماع “الالكتروني” الذي مثّل هو بلاده فيه، ان عودة واشنطن للاتفاق ليست بحاجة لمفاوضات، معلنا “أي تحرك أميركي لمعاودة الانضمام للاتفاق النووي لا يستلزم أي محادثات”، ومضيفا “إيران ستعلّق تحرّكاتها بخفض الامتثال لشروط الاتفاق بمجرد رفع العقوبات الأميركية والتحقق من ذلك”.
وسط شدّ الحبال هذا، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” (The Wall Street Journal) الأميركية عن مصادر أوروبية قولها إن أطراف الاتفاق النووي – بمن فيهم الولايات المتحدة- سيجتمعون في فيينا الثلثاء. وأشارت الصحيفة إلى أن واشنطن ستشارك في اجتماع أطراف الاتفاق النووي لكن من دون محادثات مباشرة مع طهران، الامر الذي سارعت الاخيرة الى رفضه منذ ساعات، رافضة ايضا خيار الرفع التدريجي للعقوبات.
وعليه، وسواء صدقت هذه المعطيات ام لم تصدق، فإن الاكيد ان الطرفين الايراني والاميركي باتا يريدان المفاوضات، ولو كابَرا، وقد أصبحا اليوم في مرحلة مَن يقوم بالخطوة الاولى، وقد يُساعدهما شركاؤهما في “النووي” على تجاوز هذه العقبة، وعلى ايجاد ارضية مشتركة “تُطعمهما عنبا ولا تقتل الناطور”، تختم المصادر.