في رسالته بمناسبة عيد الفصح، واصل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، مواقفه النارية، سياسيا وحكوميا، موجّها صلية اتهامات الى اهل الحكم لم تستثن احدا منهم، وبدت في بعض جوانبها موجّهةً الى اطراف محددين، كان ينقص فقط ان يسمّيهم سيد الصرح، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”.
فالراعي نفض مرة جديدة يده، من شروط بعض الجهات، ورفع غطاءه عنها، فطالب بتشكيل “حكومة إختصاصيين غير حزبيين لا يملك فيها اي فريق ثلثاً معطلاً تلبي طموحات اللبنانيين”، مشددا على ان “حقوق الطوائف تتبخر أمام حقوق المواطنين في الأمن والغذاء والعمل”.
واضاف “كم يؤلمنا ان نرى الجماعة الحاكمة عندنا ومن حولها يتلاعبون بمصير الوطن كياناً وشعباً وارضاً وكرامةً ويؤلمنا اكثر انها لا تدرك خياراتها بل تمعن فيها على حساب البلاد والشعب، مردفا “ما أبعد الجماعة السياسية ولاسيما تلك الحاكمة عندنا عن ثقافة الرحمة”.
واذ حذر من “اننا امام مخطط يهدف الى تغيير لبنان بكيانه ونظامه وصيغته وتقاليده، وهناك اطراف تعتمد منهجية هدم المؤسسات الدستورية والمالية والمصرفية والعسكرية والقضائية وهناك اطراف تعتمد منهجية افتعال المشاكل لتمنع الحلول والتسويات”، رفع الصوت داعيا الى “تشكيل حكومة تعيد انعاش المؤسسات وتطلق ورشة الاصلاح فتأتينا المساعدات العربية والدولية”، سائلا “لماذا هذا التأخير طالما ان الجميع يعلنون انهم يريدون حكومة”.
لم يكد سيد الصرح ينهي رسالته، حتى غرّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عبر تويتر. لكن ما بدا لافتا للانتباه، أن الرئيس لم يغرّد لمعايدة اللبنانيين بحلول الفصح المجيد، مثلا، او ليطمئنهم الى القيامة الآتية بعد الجلجلة التي يعيشون، اي لم يطلق موقفا من وحي المناسبة. بل تحدث في “السياسة”، قائلا “اول خطوة حقيقية في محاربة الفساد تكون بتسمية الفاسدين والإشارة اليهم بوضوح. أما تعميم التهمة فيصبّ في مصلحتهم لأنه تجهيل للفاسد الحقيقي، وتضليل صريح للرأي العام”.
هذه السطور المقتضبة، اثارت اكثر من علامة استفهام من حيث توقيتها. فهي اتت عقب كلام الراعي الذي كما اسلفنا، قرّع لاداء الطبقة السياسية كلّها. وفي رأي المصادر المعارضة، موقف الرئيس عون قد يكون اراد منه الرد على مواقف سيد الصرح، والا ففي اي سياق يأتي تصويبه في هذا التوقيت بالذات على “تعميم الفساد”؟
على اي حال، تشير المصادر الى ان الاتصالات ناشطة بين بكركي وبعبدا منذ ايام، وحركة الوسطاء والموفدين بين الطرفين كذلك، ولا بد ان تحمل الساعات المقبلة ما يؤكد او يدحض نظرية ان الرئاسة الاولى بدأت تعبر عن استياء معين من تصويب الراعي على الجميع. لكن الخشية هي من ان يكون ما قاله سيد الصرح اليوم، دليلا الى ان كل مساعي ردم الهوة بين بعبدا وبيت الوسط، والتي يضطلع بجزء منها الراعي، باءت بالفشل، واشارة الى كون المبادرة الانقاذية الاخيرة التي يعمل عليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، بلغت الحائط المسدود ولم تتمكن من تحقيق الخرق المرجو .